مناورة ترامب الأخيرة.. بقلم: دینا دخل اللـه

مناورة ترامب الأخيرة.. بقلم: دینا دخل اللـه

تحليل وآراء

الخميس، ٣١ ديسمبر ٢٠٢٠

لم يبق لجلسة الكونغرس التي سيتم فيها الإعلان عن الفائز بالانتخابات الأميركية سوى بضعة أيام. ففي السادس من كانون الثاني القادم من المتوقع أن يعلن الكونغرس عن فوز جو بايدن بالانتخابات الأميركية، ما دفع الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب إلى حشد قواه والمحاربة حتى النفس الأخير، فما هي إستراتيجية ترامب في معركته الأخيرة للمحاولة في البقاء في السلطة؟
لعل مناورة ترامب الأخيرة في هذه المعركة هي «فرض الأحكام العرفية»، التي على ما يبدو بدأ ترامب بالتمهيد لها منذ إقالته لوزير الدفاع السابق مارك اسبر الذي رفض إرسال الجيش إلى شوارع واشنطن العاصمة لمواجهة المحتجين من حركة «حياة السود مهمة»، وتعيين كريستوفر ميلر الموالي له، بالإضافة إلى تغييرات أجراها الرئيس مؤخراً بين ضباط كبار في البنتاغون.
يرى الكثير من مناصري ترامب أن على الرئيس فرض الأحكام العرفية على مستوى البلاد. فمستشار الأمن القومي السابق الجنرال مايكل فلين دعا ترامب لتعليق الدستور وإعلان الأحكام العرفية وجعل الجيش يقوم بإعادة الانتخابات التي خسرها. إذ قال الجنرال فلين: «عندما يفشل المشرعون والمحاكم والكونغرس في أداء واجبهم فيجب أن يكون الرئيس مستعداً للإعلان فوراً عن شكل محدود من الأحكام العرفية وتعليق الدستور وتعليق الرقابة المدنية مؤقتاً على هذه الانتخابات الفدرالية وأن يأمر إشراف الجيش على إعادة التصويت على المستوى الوطني».
لكن متى يحق للرئيس الأميركي إعلان الأحكام العرفية؟
لا يوجد نص واضح في الدستور الأميركي حول إعلان الأحكام العرفية، على المستوى الوطني يحق لرئيس الولايات المتحدة إعلان حالة الطوارئ بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، كما أن للكونغرس الحق نفسه، لأن للكونغرس السلطة في إعلان الحرب ولا يمكن إعلان الأحكام العرفية إلا في حالة الحرب، أما على صعيد الولاية فلحاكمها سلطة إعلان الأحكام العرفية.
استخدام قوة الجيش لإنهاء أعمال عنف ضمن أراضي الولايات المتحدة لا يعتبر في كل حالاته إعلان أحكام عرفية. فإعلان أحكام عرفية يعني تعليق العمل بالدستور والقانون وإيقاف المحاكم المدنية. استخدام الأحكام العرفية في الولايات المتحدة كان محدوداً بعدة أحكام صادرة عن المحكمة العليا بين الحرب الأهلية الأميركية والحرب العالمية الثانية، كما حدث في ولاية هاواي في العام 1941 بعد الاعتداء الياباني على ميناء بيرل هاربير.
استخدمت القوة العسكرية على الأرض الأميركية لفرض إرادة الحكومة الفدرالية، لكنها لم تصل إلى تعليق عمل القانون، نحو 64 مرة كحريق شيكاغو الكبير عام 1871 وزلزال سان فرنسيسكو 1906 وأعمال الشغب عام 1919 وتمرد لوس انجلوس بعد فوز بوش الابن بالانتخابات في 2001.
يتمتع الرئيس ترامب حالياً بصلاحيات طوارئ استثنائية بسبب فيروس كورونا وقد يقنعه هذا الظرف الخاص، إذا استمع إلى رأي بعض مؤيديه، بأنه يتمتع بسلطة غير محدودة وفوق القانون. «الرئيس الأميركي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وله الحق في إعلان الأحكام العرفية في ظروف استثنائية لكن العسكر لن يطيعوا أية أوامر تنتهك القانون.
يقول جنرالات متقاعدون: «يبدو أن الفترة من السادس إلى العشرين من كانون الثاني ستكون فترة حرجة في تاريخ الديمقراطية الأميركية. فهل سنشهد أول انقلاب على الديمقراطية في أميركا من رئيس يتمسك بالسلطة؟ وهل سنشهد التدخل الأول للجيش الأميركي لإسقاط رئيس أميركي منتخب؟ أم إن الاستابلشمت في أميركا هو الأقوى»؟
لو أن ما يحدث الآن في أميركا يحدث في أي دولة أخرى وخاصة في الشرق الأوسط لاعتبرتها الإدارة الأميركية انقلاباً على الديمقراطية والشرعية واستوجب تدخلاً دولياً للحفاظ على سير العملية الديمقراطية في العالم.