تركة ترامب.. بقلم: دينا دخل الله

تركة ترامب.. بقلم: دينا دخل الله

تحليل وآراء

الخميس، ٢١ يناير ٢٠٢١

ما بين أعمال الشغب والاعتداء على مبنى الكابيتول وبين نشر قوات الحرس الوطني في شوارع المدينة لحماية الكونغرس من أي اعتداء محتمل يغادر الرئيس الأميركي دونالد ترامب واشنطن في مشهد لم تألفه الولايات المتحدة من قبل. يغادر دونالد ترامب البيت الأبيض للمرة الأخيرة بعد أربع سنوات لم تخل من الغرابة. الرئيس ترامب الذي اعتبره الكثيرون مخادعاً محترفاً لا صاحب نهج سياسي واضح استطاع بسياسته تحويل العاصمة واشنطن إلى ثكنة عسكرية ينتشر في شوارعها أكثر من عشرين ألف جندي من الحرس الوطني، ما جعل البعض يشبه شوارع العاصمة الأميركية بالعراق أو أفغانستان.
لعل السؤال الذي يطرح نفسه بعد مغادرة ترامب واستلام بايدن الرئاسة بشكل فعلي، هو: كيف سيتذكر الأميركيون رئيسهم الخامس والأربعين؟
ترى الصحف الأميركية أن الشعب الأميركي سيتذكر دونالد ترامب بأنه أول رئيس يخسر إعادة الانتخاب في الثلاثين سنة الماضية بعد بوش الأب الذي خسر أمام بيل كلينتون 1992. وبأنه أول رئيس يتعرض للعزل مرتين في أقل من سنة، المرة الأولى بتهمة استغلال السلطة في عام 2019 والمرة الثانية 2021 بتهمة التحريض على العنف. وأن إدارته هي الأكثر فساداً في التاريخ الأميركي. كما أنها الإدارة الأكثر عنصرية وضد المهاجرين، إذ وصف ترامب المكسيكيين الذين يأتون إلى أميركا «بالمغتصبين الذين يجلبون معهم المخدرات والجريمة»، وبأن إدارته أثبتت فشلاً ذريعاً في التعامل مع الجائحة التي أودت بحياة عدد كبير من الأميركيين، وأن الرئيس ترامب لم يفِ بالوعود التي قطعها خلال حملته الانتخابية عام 2016، فقد وعد ترامب عندها بتحسين اتفاقية (نافتا) بما يناسب العمال الأميركيين، إلا أنه تم تغيير اسم الاتفاقية فقط، أما البنود فبقيت كما هي، كما وعد بخفض الضرائب المفروضة على الطبقة الوسطى العاملة، وبإعادة تأهيل الطرق والجسور والمطارات في البلاد، كما وعد بتحسين الرعاية الصحية للفقراء.
أما على صعيد السياسة الخارجية فترامب لم يفِ بوعوده أيضاً، إذ وعد بإنهاء تهديد كوريا الشمالية وبالتوصل لاتفاق مع الصين. وتعتبر التركة الأخطر التي سيتركها ترامب هي «تركة الكره تجاه الأقليات» التي أدت إلى انشقاقات داخل المجتمع الأميركي ما أعاد إلى الأذهان أجواء الحرب الأهلية. وهذا ما بدا واضحاً عندما رفض ترامب التعليق على أعمال الشغب والعنف التي قام بها أنصاره من البيض واليمين المتطرف ضد الأقليات الأخرى، بالإضافة إلى ذلك شكك ترامب بالعملية الديمقراطية الأميركية من خلال عدم اعترافه بنتائج الانتخابات، ما أدى إلى حالة من الانفلات الأمني ضد الاستابلشمنت، وهذا ما شاهدناه بأحداث الكابيتول منذ أسبوع.
بعد كل ما مرت به أميركا في الأيام القليلة الماضية لعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل ستعود الحياة السياسية الأميركية والحياة الاجتماعية إلى سابق عهدها أي قبل دونالد ترامب؟ أم إن تركة ترامب أثقل من أن تمحى بهذه السهولة؟.