أنا إنسان لأنني أخطئ.. بقلم: شيماء المرزوقي

أنا إنسان لأنني أخطئ.. بقلم: شيماء المرزوقي

تحليل وآراء

السبت، ٢٧ فبراير ٢٠٢١

كثير من الناس تجدهم مشغولين بالدراسة والتحصيل العلمي لنيل الشهادة التي تقودهم نحو الوظيفة والدخول في الحياة العملية، وهنا يمكن القول إننا إما أن نكون في أعمالنا أياً كان نوع وشكل وطبيعة هذا العمل، وإما أننا على مقاعد الدراسة أيضاً بغض النظر عن شكل ودرجة هذا التعليم. 
وبين هذين الخيارين ستجد من يتأرجح ويدور حولهما، لكن يمكن القول إن العمل والتعليم بمثابة الجناحين للإنسان للتحليق في الحياة. وأعتقد بأنه من المهم فهم هذا الجانب، لأن هذا سيجعلنا نركز على أهدافنا بشكل واضح ومحدد. وفي غمرة السعي والاجتهاد لتحقيق النجاح والتفوق والتميز، سواء ونحن على مقاعد الدراسة أو في حياتنا العملية، تحدث الأخطاء، والأخطاء لا مفر منها؛ بل تكاد تكون دلالة على المثابرة والسعي وبذل الجهد.
 بيننا من يعتبر وقوع الخطأ دلالة على الإهمال والتهاون والتعمد مع العلم، وهذا قد يكون صحيحاً، ولا أشير إليه، وإنما أتوقف عند الأخطاء الناتجة عن الصعوبة وعدم المعرفة وعدم الخبرة- من يعرف ويتعمد الخطأ هذا لا يدخل في سياق ما أشير إليه- حياتنا عبارة عن تراكم الأخطاء الناتجة عن عدم العلم أو نظرة ليست في محلها أو قراءة غير دقيقة، لكن من هذه الأخطاء تعلمنا، ومنها خرجت أعظم المخترعات وبواسطتها تقدمت البشرية وابتكرت.
يقول الكاتب والروائي فيودور دوستويفسكي: «إن الخطأ هو الميزة الوحيدة التي يمتاز بها الكائن الإنساني على سائر الكائنات الحية؛ من يخطئ يصل إلى الحقيقة. أنا إنسان لأنني أخطئ، وهذا في ذاته ليس فيه ما يعيب». فهل لدينا الفهم والوعي بأهمية الخطأ في حياتنا منذ الطفولة والمراهقة وصولاً للشباب ثم النضج والتقدم في السن، أو نحوها من مراحل عمر الإنسان، التي في كل مرحلة نتعلم خبرات ومعارف جديدة، وكما يقال الإنسان لا يتوقف عن التعلم ولا يتوقف عن اكتساب الخبرات حتى وفاته. إذاً نحن نحتاج إلى أن تضع الخطأ في إطاره ومكانه الصحيح، لا تهول وتقسو عندما يقع، إنما هو درس من دروس الحياة، خاصة مع الأطفال واليافعين الأخطاء بمثابة دروس حياتية، ساعدهم على فهمها حتى لا تتكرر أخطاؤهم، اشرحها لهم، ولماذا وقعت، وكيف تجنبها. 
أما القسوة والعنف اللفظي والجسدي عند وقوع الخطأ فسيفقد القيمة المعرفية للاستفادة من الخطأ. مرة أخرى أعود للكاتب والروائي فيودور دوستويفسكي، الذي له مقولة أخرى معبرة قال فيها: «لا يغيظني الوقوع في الخطأ فهو شيء يمكن التسامح فيه، وهو شيء رائع لأنه يؤدي إلى الحقيقة، ما يغيظني هو الإصرار على إنكار الأخطاء».