لنتحدث معهم بعفويتهم.. بقلم: شيماء المرزوقي

لنتحدث معهم بعفويتهم.. بقلم: شيماء المرزوقي

تحليل وآراء

الاثنين، ١ مارس ٢٠٢١

البعض يستغرب عندما يقال إن الأطفال يملكون قلوباً نقية وبيضاء ونبدأ نحن الكبار بتغيير كثير من عفوية وبساطة وتلقائية الطفل، وفق معايير التعليم والتربية ونحوها، والحقيقة أن ما يحدث هو تشكيل هذا الطفل ليصبح على نفس شاكلتنا. الذي يحدث أننا لا ننمي فيه القيم المتأصلة في داخل نفسه، ولا نرعى تلك البذور النقية في روحه، نعلمه القسوة والعنف بحجة أن يتمكن من الدفاع عن نفسه من أقرانه، نعلمه ألفاظاً وكلمات قاسية بحجة أن يرد على من يشتمه من زملائه. تفكيرنا خلال رعايتنا للطفل وخلال نموه لا ينصب على تعزيز القيم المتجذرة في نفسه، ولا يذهب لتنمية حسه بالآخرين، ولا يتوجه لإخراج أجمل ما يحمله من نقاء، بل نقوم بعملية إلغاء لشخصيته، إلغاء لفطرته السليمة، إلغاء لبراءته.
بطبيعة الحال، الطفل يحتاج للتوجيه والتعليم والتربية، لكن هذا جميعه لا يعني مسح شخصيته، ووضع شخصية جديدة مطابقة لنا، التربية لا تعني تخويفه من الناس وتهويل وقائع الحياة، ولا تعني أن يكون هذا الطفل نسخة منا. من الجوانب اللافتة والتي تحدث كثيراً، تجاهلنا لأطفالنا. نحن لا نكلف أنفسنا الاستماع لهم، بل نعتبر كلماتهم عند تناول موضوع ما مضحكة، ومناسبة للترويح عن النفس والسخرية منه، بينما الطفل يكون جاداً، وإن كانت نظرته بسيطة وتعبيره متواضعاً. والضحك على اهتمامات الطفل والتندر على كلماته وخاصة عندما يلفظها بشكل خاطئ من أكبر الأخطاء التي يقع فيها الأب والأم أو المعلمون وأفراد الأسرة، لأن تلك الضحكات تجعل الطفل يتردد ويلوذ بالصمت وقد تسبب له التأتأة، والمرض النفسي.
 يجب أن نستمع للطفل وننقاشه ونشجعه، ونعجب بأفكاره، وإن كانت سطحية وطفولية، لأنها تخرج من قلب نقي وعفوي، وكما قال عالم الأحياء والصيدلي لويس باستور: «عندما أتحدث مع طفل يثير في نفسي شعورين: الحنان لما هو عليه، والاحترام لما سوف يكون». لذا من الأهمية أن نتحدث مع أطفالنا وأن تثير أحاديثهم السعادة والفرح في قلوبنا. 
هي دعوة من القلب لنتحدث مع أطفالنا، ونعلي من قيمة ما يقولونه، وما يرونه من آراء وما يقدمونه من مقترحات، وإن كانت غير دقيقة وسطحية، فليس المهم هنا تنفيذ ما يقوله الطفل وإنما تشجيعه على التعبير والتحدث بعفوية ودون خوف أو تردد، وبعد تشجيعه ورفع معنوياته يمكن تعديل رأيه وتصحيح مفاهيمه وزيادة معرفته، لكن بهدوء وفي جو مفعم بالفرح بعيداً عن التوتر والغضب. لنتحدث معهم بنفس عفويتهم ونقاء قلوبهم.