الحزب الجمهوري إلى أين؟.. بقلم: دينا دخل الله

الحزب الجمهوري إلى أين؟.. بقلم: دينا دخل الله

تحليل وآراء

الخميس، ٤ مارس ٢٠٢١

قبل أيام قرأت مقالاً للكاتب الأميركي توم نيكولس في صحيفة «الأتلنتيك» الأميركية بعنوان: «الحزب الجمهوري الآن في مراحله الأخيرة»، واللافت في المقال أن الكاتب قارن بين الحزب الجمهوري الأميركي الآن والحزب الشيوعي السوفييتي في السبعينيات من القرن الماضي، حيث رأى أن هناك أوجه تشابه بين الحزبين وأنهما «يشبهان بعضهما أقله في الشكل وليس في المضمون، فالجمهوريون يريدون أن يؤمن مناصروهم بأن أميركا أصبحت على حافة الهاوية وتمر بأوقات صعبة في زمن التناقضات والصراعات، وكأن الحزب دخل في المرحلة الأخيرة من البلشفية الخاصة به، كأي حزب مثقل بخسائره ويشكك بإيديولوجيته، مستبد بردّات أفعاله وكأنه طائفة يسيطر عليها رجل عجوز يائس يبحث عن مغامرات جديدة لإنعاش حظه».
وشبّه الكاتب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بالزعماء السوفييت وخاصة ليونيد بريجينيف الذي جعل نفسه بطلا بين مؤيديه، حيث قال الكاتب إن الحزب الجمهوري «تجاهل لفترة طويلة الأفكار والمبادئ التي نشأ عليها لدرجة أن مؤتمر الحزب، العام الماضي تحول من منصة تشاركية إلى منصة تفعل ما يريده الزعيم ترامب، ولو استطاع الحزب أن ينشئ لقباً عسكرياً جديداً لمنح ترامب، لقب مارشال الجمهورية الأميركية، على غرار الزعماء السوفييت، ويختم الكاتب مقاله بالقول إن: «على الحزب مواجهة السبب الحقيقي الذي أدى إلى خسارته الانتخابات وهو عيوبه الداخلية لا إلقاء اللوم على بطاقات الاقتراع البريدي».
قد يكون في كلام كاتب المقال شيء من الصحة وخاصة إذا تمعنا فيما حصل قبل أيام في المؤتمر السنوي للمحافظين CPAC الذي عقد في أورلاندو فلوريدا، فبدلاً من أن يتم الحديث عن المشكلات الفعلية التي تواجه الحزب وحركة المحافظين، انصب اهتمام المؤتمر على الظلم الذي تعرض له الحزب في الانتخابات الرئاسية الماضية، وقد ساعد في ذلك حديث ترامب عندما أصبح معروفاً في الأوساط السياسية «بالكذبة الكبيرة»، أي فوز بايدن في الانتخابات.
من الواضح أن كلام ترامب يحظى بثقة كبيرة لدى الحضور وأن نظرية المؤامرة التي يتحدث عنها تعامل على أنها حقيقة مؤكدة، إذ قالت إحدى المشاركات من تكساس إن مصنعي آلات الاقتراع والمصرفيين العالميين كانوا وراء سرقة أصواتنا. مع ذلك لم يحظ ترامب في التصويت الافتراضي الذي أجري في المؤتمر على أكثر من 55 بالمئة من الأصوات، وقد يكون هذا دليلاً على أن ترامب يفقد قوته حسب المحللين.
قال المدير التنفيذي لاتحاد المحافظين الأميركيين دان شنيدر، وهو الجهة المنظمة للمؤتمر: إن «على المحافظين الاهتمام بكيفية الوقوف في وجه سياسات الديمقراطيين بدلا من الانجرار وراء نظريات المؤامرة التي لا أساس لها من الصحة. أما تيري سوليفان وهو مستشار جمهوري فقد أعرب عن دهشته حيث قال: «شاهدت المؤتمر عن قرب كما أفعل في كل مرة لكن ليس لدي أدنى فكرة عما يحدث وهو حال 99 بالمئة من الأميركيين».
صحيح أن الأحزاب السياسية مبنية على إيديولوجية ثابتة لا تتغير إلا أن الحزب الذي يفتقد الدينامية والبراغماتية في سياساته سيفقد شارعه، لأن الشارع هو شيء دينامي غير ثابت. فإذا رفض الحزب التغيير حسب متطلبات وطموحات مناصريه خسرهم ويجب وضعه على رف التاريخ، كما قال الباحث السوفييتي ليون تروتسكي.