عن التطبيع التركي - المصري.. بقلم: محمد نور الدين

عن التطبيع التركي - المصري.. بقلم: محمد نور الدين

تحليل وآراء

الجمعة، ١٩ مارس ٢٠٢١

تتسارع الخطوات في ما بين دول المنطقة وعنوانها فتح صفحات جديدة في العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف، وقد أطلقت المصالحة الخليجية مع قطر قطار البحث عن قواسم مشتركة بين دول أخرى.
 حتى الآن ليس من يقين في الإشارة إلى جهات أخرى، لكن ما بدا خطوات جدية بين تركيا ومصر لم يكن مسبوقاً وربما يوميء إلى مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين.
 وقد انطلقت «حفلة» الإشارات من فتح وزارة الطاقة في مصر البلوك رقم 24 في شرق المتوسط أمام الشركات الأجنبية، وما استرعى الانتباه أن الإحالة المصرية احترمت او راعت الحدود البحرية التي رسمتها تركيا لنفسها في مياه شرق المتوسط، وهذا ما اعتبره الأتراك «اعترافاً» من جانب القاهرة بحدود الترسيم التركية التي قامت بها أنقرة من جانب واحد.
 مقابل الإحالة المصرية التي لم تنجز بعد، تكاثرت الإشارات التركية التي تشيد بالمبادرة المصرية وتعتبرها مفتاحاً لحدوث تحول جذري في العلاقات الثنائية.
 وقد بدأ الحفل، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي أكد أن المحادثات قائمة على قدم وساق على المستويات الاستخباراتية والاقتصادية والسياسية، وليس هناك ما يمنع من حدوث تقدم في هذا المجال.
 وكانت تصريحات وزير الدفاع التركي خلوصي آكار ووزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو والناطق باسم الرئاسة إبراهيم قالين استثنائية لجهة حماستها في الدفع نحو تطبيع كامل للعلاقات. قال آكار:«هذا التقارب والتطورات الأخيرة تصب لمصلحة المنطقة والبلدين معاً، وهي خطوة مهمة للسلم الإقليمي» وأكد أن «إحالة مصر التنقيب عن الطاقة في منطقة تحترم الحدود البحرية التي رسمتها تركيا في المتوسط تليق بالروابط الثقافية والتاريخية بين البلدين».
 وأضاف قالين: «إننا أمسكنا بلحظة بنّاءة جداً، والخطوات بين البلدين تفتح صفحة جديدة والعلاقات ستحرز تقدماً». و صرح في حديث لوكالة «بلومبرغ» بأنه «إذا أقدم البلدان على خطوات متبادلة فإن مثل هذه الشراكة سوف تخفض التوتر في المنطقة وتساعد على الاستقرار في شمال أفريقيا وشرق المتوسط».
 أما التعبير الأوضح فكان على لسان وزير الخارجية التركية مولود أوغلو بقوله «نحن مستعدين للتباحث لتحديد المناطق المنحصرة البحرية غدا، ويمكن لنا أن نوقع اتفاقية بهذا الخصوص» وأضاف:«إن مصر تحترم جرفنا القاري الجنوبي ونقابل ذلك بإيجابية».
 الاندفاعة التركية الرسمية كانت تعكس رغبة قوية في تصحيح العلاقات مع مصر من أجل أكثر من هدف:
* أولا،إخراج تركيا من عزلتها في المنطقة ككل، فباستثناء قطر لم تكن تركيا على علاقة جيدة مع أية دولة لا في المشرق العربي ولا في شرق المتوسط.
* ثانياً،إن تصحيح العلاقات مع مصر يساهم في تصحيحها مع دول الخليج ولا سيما السعودية، والإشارات التركية نحو السعودية غريبة بعض الشيء بالقول إنه لا يوجد أي سبب لتردي العلاقات مع السعودية، متجاوزة المطالب الخليجية من تركيا في بيان الحديث عن قطر ومن ذلك ايضاً الموقف من جماعة «الإخوان المسلمين».
* ثالثاً، تطمح تركيا إلى ان تكون شريكاً في منتدى غاز شرق المتوسط من خلال اعتماد الطرق التركية لتصدير الغاز إلى اوروبا بدلاً من الخط الذي سيصل إلى إيطاليا وقد لا يبصر النور نظراً لكلفته العالية.
* رابعاً، تهدف تركيا التي استخدمت القوة الخشنة لتأكيد حضورها في شرق المتوسط وليبيا إلى تثبيت هذه الحقوق هذه المرة من طريق الديبلوماسية والمفاوضات.
* خامساً، تريد تركيا ضخ دماء التنمية في شرايين اقتصادها الذي يعاني من خلال تطبيع العلاقات مع مصر وتعزيز الرفاهية للشعب التركي مع التراجعات التي يواجهها إردوغان في استطلاعات الرأي.
* سادساً، ستكون رسالة إلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشأن تعزيز الدور التركي اقليمياً ودولياً وتقليص الضغوطات الخارجية على أنقرة.
 لا شك أن تطبيع العلاقات بين تركيا ومصر سيريح البلدين والمنطقة، ولكن التساؤل دائماً عن الثمن الذي على تركيا أن تدفعه لا سيما أنها هي التي بدأت بالهجوم على مصر والقطيعة معها عندما لم يعترف أردوغان بحكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحوّل تركيا إلى ساحة لنشاطات «الإخوان المسلمين» ، فهل تتخلى أنقرة عن أدواتها وركائز نفوذها وأهدافها التوسعية ام إنها مجرد «استراحة محارب»؟.