هبوط الفن ليس عالميّاً.. بقلم: عبد اللطيف الزبيدي

هبوط الفن ليس عالميّاً.. بقلم: عبد اللطيف الزبيدي

تحليل وآراء

السبت، ١٠ أبريل ٢٠٢١

ما هو أخطر فخّ يمكن أن يقع فيه الذوق العام في شأن مستوى الفن في العقود الأخيرة؟ إنه الوهم أن الفنون في جميع الأصقاع هكذا، وأن الهبوط سمة العصر. أوهام تنطلي على غير العارفين، فقد باتت الأوساط الفنية «وكالة بلا بواب».
العمود لا يتسع لأكثر من فن. هل بحث الموسيقيون في «جوجل» عن محاور البحوث الحالية في العلوم الموسيقية؟ هل لديهم أدنى فكرة عن أن الموسيقى السيمفونية تحظى اليوم بانتشار عالمي، لم تعرفه أي عصر منذ عصر النهضة؟ هل يدرون أن تأليف الأعمال الكلاسيكية الجادة لم يتوقف قط؟ هل يدركون أن انتقال الهيمنة العالمية إلى الشرق، تصاحبه نهضة موسيقية علمية عارفة، في الصين (50 مليون طفل يدرسون البيانو أكاديمياً)، اليابان، الهند، كوريا الجنوبية، فيتنام..؟ لماذا يصرّ الصينيون على أن مستقبل الموسيقى السيمفونية الجادة سيكون في بلاد التنين؟ هل هو استلاب ثقافي للغرب؟ هل هو افتقار إلى الشخصية وقيم الهوية وافتتان من قبيل «دجاجة الجار إوزّة»؟
صحيح أن وتيرة التأليف الموسيقي السيمفوني انخفضت في القرن العشرين، خصوصاً في النصف الثاني منه، لكن هذا الكلام غير دقيق، ولا هذا المنطق سليم تماماً، لأن علينا أن نتأمل أن الموسيقى الجادة تفرعت كثيراً بطرائق لم يعرف التاريخ نظائر لها. موسيقى العصر الجديد وحدها ولدت أشكالاً لا حصر لها في كل الأرجاء، عدا العالم العربي! ثم إن الجاز والبلوز «أنجبا» ألواناً كثيرة، فهما أصل الروك والبوب والراب. الجاز نفسه، وهو قائم في الأساس على الارتجال، صارت له مؤلفات، بل أضحى كلاسيكياً. هل يعرف جل موسيقيينا أن ما ورد هنا في بضعة أسطر، إنما هو اختزال لمجلدات لو أردنا شرحه وتفصيله؟
السؤال العجيب: ما الذي يجعل عشرات الألوف من المشتغلين بالموسيقى في جميع البلاد العربية، يدورون في دائرة فنية ضيقة جداً، هي الأغنية فقط؟ الأغنية، الطقطوقة تحديداً، ينطبق عليها إذا كانت جيدة، ما ينطبق على النكتة المتقنة، تكون لذيذة ممتعة ولكنها لا قوام لها. هي سندويشات موسيقية، لا وجبات رئيسة لتغذية متوازنة.
لزوم ما يلزم: النتيجة البنيوية: طوبى للشرق الأقصى، فقد أدرك الغاية الفائقة، أن يطور أصالته بمقاييس أكاديمية عالمية. ستكون الريادة الفنية العالمية لهم قطعاً. عصر موسيقي جديد.