شارلي شابلن.. بقلم: حسن مدن

شارلي شابلن.. بقلم: حسن مدن

تحليل وآراء

الاثنين، ١٩ أبريل ٢٠٢١

شارلي شابلن هو الفنان الذي لن ينساه العالم أبداً، وسيظل حاضراً في ذاكرة السينما والفن العالميين، وكانت ذكرى ميلاده السنوية 132 التي مرّت قبل أيام قليلة، مناسبة لاستعادة الصورة التي صنعها لنفسه في دنيا السينما، والتي لا يوجد لها نظير، وعلى الأرجح لن يوجد: صورة الفنان الكوميدي الساخر، المبهج، الذي لا نحتاج لإتقان اللغة أو قراءة سطور الترجمة أسفل الشاشة لكي نفهم أدواره ونحبها.
لم يكن شابلن ممثلاً متميزاً فحسب، فهو كاتب سيناريو ومخرج ومنتج، بل ومصمم للرقصات. في شخصه تتكثف مدرسة بكاملها، يمكن لدارسي الفن، والسينما خاصة، أن ينهلوا منها، وهو الأيقونة التي تشرئب نحوها الأعناق من مختلف بقاع العالم، من خلال شخصيته الشهيرة، شخصية شارلوت المتشرد، الصعلوك أو المتسَكِّع.
وعلى شابلن تنطبق مقولة شهيرة حول أن من يصنعون البهجة للآخرين، كما أبهجنا ولا يزال بأفلامه، لا يعني بالضرورة أنهم عاشوا حياة بهيجة، فقد عاش طفولة يتيمة وفقيرة وقاسية في لندن، ومع أن والديه كانا موهوبين فنياً، فكلاهما كانا مغنيين وممثلين، لكنهما انفصلا وهو لما يزل طفلاً، وكان الأب مدمناً على الشراب، فوقع على الأم العبء الأساسي في تدبر شؤون الحياة، ولم تحل كل هذه القسوة من حواليه دون أن ينطلق الفتى شارلي نحو العالم الذي يحبه، وخُلق من أجله، وقبل العشرين من عمره أرسلته شركة إنتاج شهيرة إلى الولايات المتحدة، ما أتاح له الاطلاع على الصناعة السينمائية، ولاحقاً اخترع الشخصية السينمائية التي أصبح العالم يعرفه بها، شخصية الصعلوك المشاكس.
كالكثيرين من الفنانين والأدباء الكبار في الولايات المتحدة، كان شارلي شابلن ضحية الحملة التي قادها السيناتور الجمهوري المحافظ جوزيف مكارثي، وعُرفت بالمكارثية نسبة إليه، في مطالع خمسينات القرن العشرين، ونستدل من كتاب وضعه د. رمسيس عوض أن شابلن تعرض لتحقيقات رسمية وأخرى غير رسمية من الأجهزة الأمنية في تلك الحقبة.
وكانت عضويته في المنظمة العالمية التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية والمعروفة باسم «مجلس السلم العالمي»، هي حجة المحققين في استجوابه والتضييق عليه، ولم يكن «المستمسك» ضده سوى برقية أرسلها شابلن للمجلس المذكور عبّر فيها عن سعادته بالانضمام إليه ودعم جهوده لإرساء السلام والإدراك السليم في العالم.
حملت تلك الضغوط شابلن على مغادرة الولايات المتحدة نهائياً إلى سويسرا، التي استقرّ فيها حتى وفاته، مستمراً في تجسيد المقولة المنسوبة إليه: «الحياة مأساة عندما تراها عن قرب، وكوميديا ​​عندما تنظر إليها من بعيد».