لنحقّق الأمل..بقلم: سامر يحيى

لنحقّق الأمل..بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ٢٣ مايو ٢٠٢١

أراد مدرّب أن يبرهن لفريق عمله المكوّن من أربعين شخصاً أهمية العمل الجماعي والتعاون، فطلب من كلٍ منهم نفه "بالون هواء" وكتابة اسمه عليه، ومن ثم جمعها في غرفةٍ واحدة، بعدها طلب من كلّ شخصٍ أن يبحث عن البالون الذي يحمل اسمه، وبعد مضيّ ما يزيد عن ربع ساعة مدّة انتهاء الوقت لم يتمكّن أحدٌ من الحصول على هدفه نتيجة الفوضى والأنانية، أعاد التجربة وطلب من كلّ منهم أن يعطي كلّ بالون لصديقه الذي يحمل اسمه، وخلال أقلّ من دقيقة كان الجميع قد حصل على هدفه..
لا شكّ بأن العمل الجماعي والتعاون بين الزملاء في العمل، يؤدي تحقيق أكبر الإنجازات بأقل وقتٍ ممكن، وبأفضل نوعية، والسعادة لفريق العمل، فهل نتجاهل أهمّية ذلك؟! حتى في العمل المؤسساتي أليس تعاون الزملاء بإنجاز المهام، ووضع كلّ منهم زملائه ولو بتخصّصٍ ثانٍ ولكن بفكرة نابعة من إيمانهم بالعمل ولفت انتباههم إلى نقاطٍ قد لا ينتهبوا إليها نتيجة الروتين أو أيٍ سبب أخر، سيؤدي لنتائج بناّءة وإنجازات كبيرة.... الأمل بالعمل الجاد النابع من أرض الواقع، العمل الذي يعني أنّ الجميع يسعى لهدفٍ واحد وهو مصلحة الوطن بكافّة فئاته وأبنائه، الأمل بالعمل الجاد البعيد عن الشخصانية، والذي تلقائياً سيحقق مصالح الفرد والوطن بآنٍ معاً،
الآن هي فترة جوهرية من أجل إثبات هذه الفكرة، ومن أجل مضاعفة العطاء والإنتاج، وأن نعيد النظر حتى بما يطرح حالياً من أنّ فرز المهندسين وتعيين المسرّحين وإقامة المسابقات ينطلق من أرض الواقع والحاجة الحقيقية لاستثمار طاقات كافّة أبناء المجتمع، أم مجرّد فرزٍ حسب تخصصاتٍ معينة، وهل بقية التخصّصات لا أهمية لها في العمل المؤسساتي، وإلا لماذا وجدت، فلا يوجد تخصّص إلا وله أهمية وتكمن المسألة بحسن استثمارها، كما أنّه لا يوجد شيء اسمه بطالة مقنّعة في ظل استثمار جدّي، ولا يوجد شيء اسمه قلّة عمالة عند استنهاض جهود الجميع، الجهود، ولا يوجد شيءٌ أسمه نقصٌ أو زيادة، في ظل وجود توصيفٍ وظيفي حقيقي نابع من أرض الواقع بعيداً عن التنظير الوهمي المستقبلي...
رغم شكوى الجميع من قلّة الرواتب ـ وهي حقيقة ـ في ظل الغلاء الفاحش بسبب الحصار والإرهاب بكلّ أساليبه وأدواته وداعميه، نجد الغالبية تسعى للحصول على الوظيفة الحكومية، ليقين الجميع أنّها تشكّل الأمان المستقبلي، بمن فيهم من غادر القطر نتيجة الأعمال الإرهابية أو رغبةً بتغيير وضعه للأفضل، نراه يحاول المستحيل للحفاظ على وظيفته الحكومية ويقدّم الاستيداع وراء الاستيداع ولو لم تكن هناك مدّة محددة لما قدّم أحد استقالته.... إذاً هذه الرغبة وهذا التهافت وهذه الثقة بالعمل الحكومي، ألا تستحق من القائمين على تلك المؤسسات البحث الجديّ بالاستفادة منها بتحويل مؤسساتهم إلى خلية نحل، وليس مجرّد تغيير أسماء، وهل ستقوم إدارة التنمية الإدارية، التي حلّت بدلاً من أسماء حسب كل مؤسسة، ستساهم بتفعيل دورها الحقيقي الجدي، أم مجرّد تغيير اسمٍ، بعيداً عن التقييم والتقويم الحقيقي لأداء العاملين وتوجيههم الوجهة الصحيحة، للاستفادة من جهود الجميع.... هل انتقلنا من التشخيص وطلب الرؤى والأفكار والتنظير إلى العمل والانطلاق من أرض الواقع لنبدأ عملية التقييم والتقويم وحصد النتائج، أليس الموظّف الحكومي يمثّل المؤسسة التي يخدم بها والوطن ككل، وبالتالي يجب تفعيل دور "التأهيل والتدريب" لتفعيل جهود الجميع وتنشئتهم السليمة وزيادة مهاراتهم وخبراتهم، بدلاً من تقييم وهمي وفق امتحاناتٍ لن تكون معياراً حقيقياً مهما كانت نزيهة، بل ستحوّل تفكير العامل من الابداع إلى النجاح الأكاديمي، ومن العمل إلى الانشغال بالالتحاق بالدورات أو الدراسة لأجل الامتحانات الأكاديمية... وهذا ما لمسناه في الكثير من المؤسسات.
إن الأمل بالعمل والعمل يتطلّب أنّ نبدأ فوراً لتلافي الخسائر ومضاعفة الإنتاج فكلّ يومٍ دون نتائج هو خسارةٌ مضاعفة، وإن العمل الجماعي هو جوهر الحياة الإنسانية، فكيف بالحياة المؤسساتية لمؤسسات مهمتها إدارة موارد البلد، ومؤسسات المفترض أنها الضمان الحقيقي والأساس، لأنّ القطاع الخاص مهما كان وطنياً فإنه يسعى لتلبية متطلّبات القائمين عليه، على عكس القطّاع الحكومي النابع من الشعب ولأجل الوطن ككل، والمفترض أن يقوم بدور الموجّه والمشرف إضافة للمهام الأساسية المنوطة به، حتى نحصل على منتج سوري يستحق أن ينتشر في كلّ أصقاع العالم...
لقد أثبت الإقبال الجماهيري لمغتربي سورية رغم كلّ الظروف ومحاولات المنع، أنّه يجب أن نضاعف الأداء ومضاعفة الإنتاجية واستثمار دور كلٍ منهم ليكون الجميع نواةٌ حقيقية في النهوض بالوطن وصوته الحرّ وتطبيق المراسيم والقرارات على أرض الواقع لنكون أوفياء لوطننا، صادقين عندما نرفع شعار "الأمل بالعمل".