من قلبي سلامٌ لفلسطين.. بقلم: سارة عبد الرحمن الريسي

من قلبي سلامٌ لفلسطين.. بقلم: سارة عبد الرحمن الريسي

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٦ مايو ٢٠٢١

سلامٌ لبقعة ولدت للسلام ولم يطرق السلام أبوابها منذ زمن بعيد، سلامٌ لمدينة تحكي عن قصة صمود شعبٍ آلم الزمان مسامع أهلها بأوتار الأسى والحزن حتى أمطرت السماء وابلاً من الرصاص والقذائف ليتحول كل حلم إلى كابوس مرعب قتل معه أحلام وآمال ذلك الشعب العظيم الذي ظلت جراحه تنزف دماً ولكن لم تجد من يضمد تلك الجراح ويطبب تلك الأوجاع حتى أصبح ذلك القلب يلفظ أنفاسه الأخيرة مهدداً بالرحيل! ألا يا غرابة الزمان من ذلك المنظر المهيب رجلٌ تمسك لآخر رمق بسجادة صلاة ظلت خيوطها تستنجد للحياة وطفلة سرقت منها طفولتها المبكرة تراودها علامات الاستفهام المتكررة وتسأل أباها عن لعبتها البيضاء التي تشبه قلبها الأبيض الأخاذ ولكن لم تعلم أن أباها ذهب كما ذهبت لعبتها المفقودة! قوة صمود سيطرت على قلوب المصلين الذين حاربوا جميع الفصول والعواصف والحرائق بكل ما يمتلكونه من قوة وإيمان حتى ترفع كلمة الحق في زمن إذا قيلت به كلمة الحق يصبح الجميع أصم وأعمى! أيظنون أن يقف ذلك الشعب العظيم ويضع الأصفاد بين يديه ويستسلم لأرضه! حينها تتغنى كلمات مهذل الصقور بقوله «أتظن أنك عندما أحرقتني ورقصت كالشيطان فوق رفاتي وتركتني للذاريات تذروني كحلاً لعين الشمس في الفلوات أتظن أنك قد طمست هويتي ومحوت تاريخي ومعتقداتي عبثاً تحاول لا فناء لثائرٍ، أنا كالقيامة ذات يومٍ آتٍ».
واأسفاه على زمنٍ يقتل به البشر وتشرد به النساء ويبقى الأطفال بلا سند وترحل معهم طفولتهم وبراءتهم بطلقة بارود مميتة أخذت معها أرواحاً نقية حاربت لأجل أوطانها حتى سلبت أرواحها وأصبحت نسياً منسياً! ولكن بالرغم من كل الاشتباكات ظل الشعب الفلسطيني كالجسد الواحد يدافع عن أرضه بكل ما يملك ولو كلفه ذلك روحه حتى يعود اللقاء في المسجد الأقصى وترفع الكفوف ويعم الأمن والأمان لتلك المدينة الجريحة التي ظلت تنادي باسم «النجدة» حتى يعود ذلك القلب للحياة مرة أخرى. 
ما ذنب هؤلاء الأطفال الذين يفرون هاربين من الموت وهم لا يعلمون ما هو مصيرهم! يصحون على أصوات قنابل وينامون على أصوات متفجرات يكسوها خوف وقلق! ماذا تقول عن أبٍ يضحك عند سماع متفجرات أمام طفله! حتى يظن الطفل أن لا شيء يحدث! مشهد مخيف حقاً أن يرى الأطفال تلك المناظر المرعبة ويصرخون بصوت عالٍ بأنهم لا يريدون أن يلقوا حتفهم بتلك اللحظة المأساوية التي باتت عالقة في الذاكرة. العالم كله يردد بصوت واحد من قلبي سلامٌ لفلسطين وسلامٌ لأهلها المتضررين الذين آذتهم تجاعيد الزمان حتى باتت كلمات النداء تعيد ترتيب نفسها لتضع الحروف في مواضعها الصحيحة وتصبح كلمة الحق هي كلمة الفصل بين جميع تلك التعرجات والانكسارات!