علمانية الولايات المتحدة وأوروبا؟.. بقلم: دينا دخل الله

علمانية الولايات المتحدة وأوروبا؟.. بقلم: دينا دخل الله

تحليل وآراء

الخميس، ٣ يونيو ٢٠٢١

أصل العلمانية أن يتساوى المواطنون في حقوقهم وواجباتهم من دون أي اعتبار لتنوع ثقافاتهم وأديانهم ومذاهبهم وقومياتهم. هذا المعنى لا تطبقه الدول القائدة في الغرب وإنما هو، عملياً، حبر على ورق، وفي كثير من الأحيان هناك حبر مذهبي على الورق.
المشكلة هي أن الغرب اعتقد أن تحرير القوانين هو ذاته تحرير المجتمع. التجربة أثبتت عكس ذلك تماماً. في الولايات المتحدة 99 بالمئة من الرؤساء كانوا من المذهب البروتستانتي، أي من الطائفة الإنجيلية أو الأسقفية حصراً، على الرغم من أن المذهب الكاثوليكي هو مذهب الأغلبية في الشعب الأميركي إلا أن نصيب الكاثوليك كان واحداً فقط من بين 45 رئيساً وهو جون كندي، الذي حكم أقل من ثلاث سنوات حيث تم اغتياله في 22 تشرين أول 1963. الرئيس الحالي جو بايدن هو الكاثوليكي الثاني. فهل كندي وبايدن الاستثناء الذي يثبت القاعدة؟
في أوروبا الموضوع معقد أيضاً. الطائفية سر انقسام إيرلندا إلى قسمين، الجنوبي الكاثوليكي والشمال ذي الأكثرية البروتستانتية التي انضمت إلى المملكة المتحدة (بريطانيا) بسبب العامل الطائفي. وقد امتدت الحرب الأهلية في شمال إيرلندا بين الكاثوليك والبروتستانت فترة طويلة من بداية عشرينيات القرن الماضي حتى نهايته 1999، وقد كانت حرباً بشعة استخدم الطرفان فيها الإرهاب «الداعشي» بكل صوره بما فيه قتل المدنيين بصورة بشعة. كان دافع الحرب طائفياً بين الأقلية الكاثوليكية والأغلبية البروتستانتية التي كانت تدافع عن بقاء إيرلندا الشمالية مع بريطانيا البروتستانتية علماً أن الجانبين من قومية واحدة.
الداعشية الطائفية فعلت فعلها في الحرب الأهلية اليوغسلافية في تسعينيات القرن الماضي حيث كان الإرهاب وقتل المدنيين لأسباب طائفية سائداً بين الصرب الأرثوذكس والكروات الكاثوليك. وانتهت هذه الحرب بتقسيم يوغسلافيا إلى ست دول صغيرة.
ولعل ألمانيا واحدة من أهم «مشاعل» التمييز الطائفي والديني. صحيح أن الدستور يعطي الجميع حقاً متساوياً لكن حتى الآن لا يمكن تصور زعيم لألمانيا من المذهب الكاثوليكي، أي من بافاريا، على الرغم من عددهم الكبير نسبياً، الكاثوليكي الوحيد الذي حكم ألمانيا هو هتلر الذي سارع بضم النمسا إلى ألمانيا من منطلق قومي، واليوم ترفض ألمانيا ضم النمسا من منطلق طائفي لأن أغلبية النمساويين من الكاثوليك.
وتتموضع الطائفية في الأحزاب الألمانية بشكل علني إذ إن البروتستانت يجمعهم الحزب الديمقراطي المسيحي على حين يجمع الكاثوليك الحزب الاجتماعي المسيحي، ولا حظ كلمة المسيحي.
في الجانب اللاتيني الكاثوليكي من أوروبا الصورة نفسها أيضاً. لا يمكن أن نرى بروتستانتياً يحكم فرنسا أو إيطاليا أو إسبانيا وهي دول كاثوليكية بشكل واضح على الرغم من وجود بروتستانت فيها.
أخيراً هناك عدد كبير من الدول الأوروبية «العلمانية» تضع رمزاً دينياً واضحاً هو الصليب على أعلامها كاليونان وسويسرا والسويد وبريطانيا وغيرها، تماماً كما تفعل دول إسلامية حين تضع الهلال على أعلامها.