هل وصلت إلى الحلم؟.. بقلم: نور المحمود

هل وصلت إلى الحلم؟.. بقلم: نور المحمود

تحليل وآراء

الخميس، ٢٢ يوليو ٢٠٢١

هل شعرت يوماً أنك وصلت إلى الحلم، قبضت عليه وتمسكت به وأدركت حقيقة أنه هو الحلم نفسه الذي رافقك ليال وأيام وأشهر وربما سنوات، وقد نزل من عليائه وتحوّل واقعاً واقفاً أمامك كمارد الفانوس السحري يقول لك «شبيك لبيك أنا بين إيديك»؟
هل رأيت أن الحلم يبقى بنفس جماله، أم أنه أجمل مما ذهب إليه خيالك، أو ربما يحمل معه خيبات تحبط عزيمتك؟ 
الرغبات تلعب دوراً مهماً في تصوير «أفلام» في عقولنا. هي المؤلف والمخرج، تفبرك قصصاً، تقنعنا بأنها حقيقة تصلح للعيش، تجعلنا أبطالاً خارقين أحياناً، مهزومين أحياناً، منتفضين نشطين دائماً.. تتحرك معنا تلك الأفلام، تسيطر علينا، نزيدها جرعات من الأمل كي تستعجل التحول من الخيال إلى الواقع. 
تلك «الأفلام» عنوانها «سوف» ونختصرها بحرف السين الذي يجر خلفه كل الرغبات والأمنيات، سأكون، سأبني، سأشتري، سأقول، سأحقق، سأغيّر، س.. لكن ليست كل تلك الأحلام أو الأفلام مربوطة بالعزيمة، فهناك من يلجأ إليها من باب التسويف والكسل، يؤجل كل عمل يجب أن يقوم به اليوم؛ بل كان يفترض به أن يقوم به بالأمس وقبله إلى غد يتكئ عليه هرباً من التحرك والعمل، يدفعه الخمول إلى التأجيل، وهنا يكون الحد الفاصل بين الحلم المتكون من خلطة رغبات وإرادة وتصميم واجتهاد، والحلم المتكوّن من خلطة كسل وانعزال وغشاوة تخدع المرء فلا يرى حقيقة قدراته ولا حقيقة تردده واتكاله وتراجعه وتبلّده. 
هل وصلت إلى الحلم؟ قد تكون وصلت ولم تلحظ أنه هو الذي رافقك طويلاً لأنه جاء بغير ما توقعت وتصورت، خرج عن إرادة «المُخرج» (رغباتك) حذف أشياء وأضاف أشياء أخرى، تستغربه، تفاجأ به، واللذة كلها بالمفاجأة، لكن إياك ألاّ تنتبه لوجوده وأنه هو الحلم وأكثر. قد يأتيك مختلفاً، لكنه بلا شك يأتيك مناسباً لك، لمستقبلك، متماشياً مع شخصيتك التي تحتاج إلى لمساته لتكتمل وتكمل رحلتك في الحياة.
قد يأتيك الحلم مختلفاً لأنه موصول برغباتك وإرادتك واجتهادك، وموصول من الطرف الآخر بالقدر الذي لا يمكنك أن تتحكم فيه أو تغيره أو تراه. لا تحسب أن من تصادفهم في حياتك وترتبط معهم بعلاقة أياً كان شكلها ونوعها ليس تفصيلاً مما في جعبة القدر لك، فكل ممر من هذه الممرات التي تعبرها ينحت في بدنك وعقلك شكلاً أو رمزاً فيغير فيك ويعلمك كيف تكمل المسار. 
كل تفصيلة لا تراها أنت مرتبطة بحلم أو تعرقل وصوله إليك هي ممر يقودك إلى نفس الحلم أو ما هو أكبر منه وربما أجمل، فانتبه لخطواتك، تمعن في الممرات التي تعبر منها، تذكر شكل حلمك وتفاصيله الصغيرة، فالآتي إليك سيجمّل بعض ما فيه أو أنه يأخذ من حلمك الفكرة الرئيسية ليعطيك منها الكثير وأكثر من كل توقعاتك.