المرأة والتنمر الإلكتروني في ظاهرة على أرض الواقع.. بقلم: الأخصائية التربوية: خلود خضور

المرأة والتنمر الإلكتروني في ظاهرة على أرض الواقع.. بقلم: الأخصائية التربوية: خلود خضور

تحليل وآراء

الاثنين، ٢ أغسطس ٢٠٢١

في الوقت الذي يرفع المجتمع من شأن المرأة ويعتبرها نصفه وصلاحها صلاحه فهي التي تهز المهد بيمينها وتهز العالم بيسارها، يعيش حالة أخرى من التناقض القيمي تجاهها في ظل تعدد وتنوع المصادر التي تحط من قدرها وتسعى لحصارها داخل أدوارها في ظل انتشار المفاهيم المغلوطة التي تنظر لها نظرة دونية استناداً إلى قرارات خاطئة للموروث الديني والثقافي والاجتماعي ودخول العولمة بأبعادها المختلفة، مما سبب إرهاقاً للمرأة ودفعها لأن تكون موضوعاً للتسويق والإغراء والجنس أكثر منها إنسانة قادرة على الإبداع والتفكير وتحقيق الإنجازات وهذا ما جعل القضية متعددة الأطراف والتعامل معها عملية بعيدة المدى، ولم تسلم المرأة من العنف ومظاهره المختلفة لاسيما التنمر الإلكتروني والذي زادت من حدته جزئياً أو كلياً تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كالهواتف المحمولة والذكية أو الانترنت ومنصات التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني والذي يستهدف المرأة لأنها امرأة، مما خلق حالة من عدم إحساس الفتاة أو المرأة بالأمان حيث لا يستطعن ذكر ذلك للأهل كي لا يتعرضن للملامة والشك في أخلاقهن وكأنما الفتاة أو المرأة أصبحت المسؤولة الأولى والأخيرة عن أخطائها وأخطاء غيرها.
وفي ظل انعدام الخصوصية وعرض القصص واليوميات على مواقع التواصل الاجتماعي وأماكن التواجد أولاً بأول أصبحت الفتيات والنساء والمراهقات والأطفال الأكثر تعرضاً للتنمر الإلكتروني والابتزاز فما هو التنمر الإلكتروني وماهي أشكاله؟
التنمر الإلكتروني:" مضايقات وتحرشات عن بعد باستخدام وسائل الاتصال الإلكتروني من طرف متنمر يقصد به إيجاد جو نفسي لدى الضحية يتسم بالتهديد والقلق"
وتجمع الأدبيات النظرية على تعدد صور التنمر الإلكتروني وأشكاله ويعد الكلام الضار أكثر أشكالها شيوعاً عبر الانترنت كنشر أو إرسال الإهانات والألفاظ السيئة والسب والشتم أو نشر تعليقات مهينة أو مؤذية أو جارحة أو كاذبة أو تشويه سمعة أو التشهير أو تهديدات إلكترونية مثل التهديد بالتخلص من الضحية أو الضرب أو الاعتداء الجسدي أو تحذيرات غامضة، في حين يشكل الاستبعاد شكلاً أخر مختلفاً من أشكال التنمر الإلكتروني يهدف لإقصاء الضحية وجعلها منبوذة من مجموعة من الأصدقاء كاستبعادها من المجموعات والمحادثات الجماعية أو برامج الدردشة أو أنشطة أخرى تتضمن أصدقاء مشتركين، وتأتي ثالثاً المطاردة عبر الانترنت والتي قد تكون مخيفة وتتطفل على الخصوصية الشخصية وتكون بفعل متكرر يقوم المتنمر بالضغط على المرأة أو الفتاة عن طريق الخوف والقلق المستمر بالتهديدات والاتهامات الباطلة والترهيب ومحاولة اللقاء بالضحايا ومقابلتهم خارج الانترنت من أجل الإيقاع بهن والاعتداء الجسدي الجنسي عليهن وهذا له أضرار وعواقب وخيمة على سلامة المرأة أو الفتاة الضحية جسدياً ونفسياً، وفي صورة أخرى للتنمر الإلكتروني قائمة على مفهوم التنكر الذي يحمل مسميات مختلفة كمحرك الدمى وصائد القطط يقوم المتنمر بإنشاء هوية شخصية مزيفة يظهر بها أمام الضحية ويخفي هويته الحقيقية عن طريق إنشاء حساب إلكتروني مزيف أو صفحة فيسبوك مزيفة بقصد كسب ثقة الضحية والتظاهر بأنه شخص آخر واستدراجها لقصة حب مضللة عبر الانترنت، هذا عدا عن الالتفاف غير المصرح به إلى حساب الضحية وانتحال شخصيتها ونشر محتوى غير لائق باسمها يضر بسمعتها وعلاقاتها، ويضاف إلى ما ذكر من أشكال سابقة الرسائل الجنسية التي تتضمن إرسال واستقبال صور أو مقاطع فيديو جنسية عبر الانترنت.
كل ما ذكر سابقاً يعرض الفتاة أو المرأة الضحية لمشوار طويل من الابتزاز ولا تستطيع التخلص من هذه المشكلة بسهولة لأن التنمر الإلكتروني ليس مجرد فعل افتراضي بل هو حقيقة ملموسة تحتاج لخطوات جريئة في الإبلاغ عن الاعتداءات حتى يفهم الناس كيفية انتشارها، ويتطلب ضرورة التزامات المنابر الإلكترونية بالآليات القائمة لتحديد البلاغات المسيئة.
ولأهمية الموضوع يطول شرحه لذا أوجز بالنصائح التالية: إذا تعرضت للتنمر الإلكتروني لا تتردي بطلب المساعدة من شخص موثوق لديك مثل والديك أو أحد أفراد أسرتك المقربين أو أي شخص بالغ تثقين به، وكوني حذرة على معلوماتك الشخصية منعاً للتلاعب بها أو الإساءة لك على مواقع التواصل الاجتماعي.