الصحة النفسية.. ضرورة وليست ترفاً.. بقلم: منى أبو سمرة

الصحة النفسية.. ضرورة وليست ترفاً.. بقلم: منى أبو سمرة

تحليل وآراء

الأحد، ٨ أغسطس ٢٠٢١

السعادة والإنتاجية، تربطهما علاقة تبادلية، وكل منهما شرط للآخر، فلا معنى للسعادة، إن لم يكن هناك إنتاج وعطاء، ولا تزيد الإنتاجية، إلا إذا سادت السعادة والسكينة، وأي خلل في إحداهما، يسبب خللاً في الأخرى. لكن هناك مكمل ضروري للسعادة والإنتاجية، وهو الصحة النفسية، باعتبارها الضلع الثالث المكمل لجودة الحياة، فالاهتمام بها وتعزيزها، لا يقل أهمية عن أية خطط تنموية، وهو ما اعتمدته السياسة الصحية في الإمارات، في وقت مبكر، بتوفير هذه الخدمة في مؤسساتها الصحية، باعتباره ضرورة لمجتمع أكثر سعادة وإنتاجية، رغم التحديات الاجتماعية.
ومن واقع مسؤوليتها الوطنية، وإيماناً بدورها في تعزيز الوعي، تطلق «البيان»، ابتداء من اليوم، حملة إعلامية على كافة منصاتها، دعماً لجهود الدولة، مستفيدة من الحاجة التي أفرزتها الجائحة، للتعامل مع هذه القضية العالمية.
فمع استمرار الجائحة عالمياً، وتزايد الحالات التي تعاني ظروفاً نفسية، جراء الخوف من المرض، أو الإغلاقات، أو الحجر الذاتي، أو فقدان العمل وتراجع الدخل، بدأت تعلو الأصوات للتعامل مع هذا الأمر باهتمام أكبر، حتى إن منظمة الصحة العالمية، أطلقت تحذيراً من الآثار طويلة المدى على الصحة النفسية، داعية إلى تحرك يتصدى لهذه التداعيات.
والمثير للمخاوف الآن، مع استمرار الجائحة، ومخاوف العدوى بسلالات الفيروس، وتكرار الإغلاقات والحجر الصحي، وتزايد تضرر قطاعات اقتصادية، أو اعتمادها أكثر على التكنولوجيا، وارتفاع البطالة وزيادة العزلة الاجتماعية، خصوصاً للأطفال، تزايد الآثار السلبية في الصحة النفسية، ما يشكل عبئاً اجتماعياً واقتصادياً وصحياً إضافياً على اقتصادات الدول.
ولتدارك ذلك، وتقليل آثاره السلبية، وبث الطاقة الإيجابية، تبدو الفرصة مناسبة لإعادة بناء منظومة الرعاية الصحية، لتشمل الصحة النفسية، عبر إصلاحات قانونية، تلزم جهات العمل بتضمين الصحة النفسية في وثائق التأمين، مثل أي مرض عضوي، واعتبارها من حقوق الإنسان الأساسية.
والإمارات مثل أي بلد، تحتاج في هذا التوقيت، إلى مزيد من التحرك في هذا الاتجاه، بما يعزز الصحة النفسية بالاستقرار الوظيفي والأسري والاجتماعي، تكون فيه القوانين ضامنة لهذه الرعاية. صحيح أن تكاليف هذه الرعاية باهظة، وتزيد عن علاجات الأمراض العضوية، إلا أن المردود أشمل، وأكثر جدوى وفائدة، وحماية للمجتمع، وفق دراسات دولية.
في البحث عن حلول لتقديم هذه الخدمة، بالتعاون مع شركات التأمين، وإصدار قوانين بذلك، يستلزم الأمر حملات توعية وتثقيف عام، للتخلص من النظرة السلبية للأمراض النفسية، سواء لدى المريض أو أسرته أو المجتمع، وأنها حقيقة يجب تقبلها، مثل أي مرض عضوي، لا عيب فيها، بل العيب تجاهلها، مراعاة لحساسيات اجتماعية، لا تقود إلا إلى مزيد من الخسائر.
المهمة ليست ترفاً، بل ضرورة، والجائحة توفر فرصة مثالية لكسر المحظور، والتخلص من ثقافة العيب، وإعادة التفكير المصحوب بالإرادة والتخطيط، لتجاوز التحديات، ووضع الحلول، إذا أردنا أن نضيف إنجازاً نوعياً في خدمة الإنسان، وهو أمر أكيد في بلد السعادة والإنتاجية ورغد العيش.