السباق النووي.. صراع محموم وإنفاق هائل.. بقلم: د. أيمن سمير

السباق النووي.. صراع محموم وإنفاق هائل.. بقلم: د. أيمن سمير

تحليل وآراء

الأحد، ٢١ نوفمبر ٢٠٢١

رغم نجاح العالم في الحفاظ على عدد دول «النادي النووي» التسع، وعدم دخول دول جديدة، إلا أنّ السباق نحو زيادة عدد وقدرات الرؤوس النووية يزداد كل يوم، مع سخونة التنافس والصراع بين الدول النووية التي لديها نحو 14500 قنبلة نووية، تمتلك روسيا والولايات المتحدة أكثر من 90% من تلك الرؤوس النووية، بينما تملك الدول السبع الأخرى «بريطانيا وفرنسا والصين والهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية» 1150، وفق إحصائيات رابطة الحد من انتشار الأسلحة النووية في واشنطن.
وتعتقد وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون»، أن الصين أسرع الدول التي تسعى لتطوير ترسانتها النووية من ناحية العدد وقوة التدمير، بعد أن قالت إنّ الصين ستصل إلى 700 قنبلة نووية في عام 2027، و1000 قنبلة نووية في عام 2030.
وكانت التقديرات السابقة قبل عام 2020 تقول إنّ الصين ستصل إلى 400 قنبلة فقط في نهاية 2030، وربما هذا التوجه هو الذي دفع رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، ليعلن في مارس الماضي على الملأ، أن المملكة المتحدة سترفع عدد القنابل النووية لديها من 180 قنبلة إلى 240 رأساً نووياً، فأين يتجه العالم في ظل زيادة عدد القنابل النووية التي يملكها ما يسمى «نادي الجحيم» النووي؟ وكيف يمكن العمل على تهدئه التوترات وتغليب الحكمة للحفاظ على الحضارة البشرية من الفناء؟
غموض نووي
تقوم سياسة الدول النووية على مبدأ «الغموض النووي» وعدم كشف المدى الذي وصلت إليه في تطوير قنابلها النووية، ولكن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، أعلن في استراتيجيته الأمن القومي في ديسمبر 2017 أنه سيطور الأسلحة النووية ورصد لهذا الهدف 100 مليار دولار في ميزانية 2018 - 2019، بهدف تحويل الأسلحة النووية الأمريكية من سلاح «للردع» إلى سلاح «عمياتي»، بمعنى أن استخدام الأسلحة النووية القديمة يمكن أن يكون تدميرها على مدينة كاملة أو منطقة واسعة كما حدث في ناجازاكي وهيروشيما، ولكن التطوير الجديد يهدف إلى «تصغير» القنابل النووية ليمكن استخدامها ضد مقدمة جيوش أو في مناطق محددة، ولهذا قام الجيش الأمريكي بإجراء مناورات نووية في قاعدة القوات الاستراتيجية في «نبراسكا» في فبراير 2020 بحضور أعضاء من الكونغرس، وكانت وجهة نظر الإدارة الأمريكية السابقة أنّها من خلال الاستعداد الدائم لاستخدام الأسلحة النووية يتحقق ما أطلقت عليه «السلام النووي» الذي يمنع ما سمّته «القناعات الخطأ» لدى أعداء الولايات المتحدة بأنها لن تستخدم السلاح النووي.
الضربة الأولى
وتستعد إدارة الرئيس بايدن للدخول في نقاش جاد من أجل الموافقة أو رفض اقتراح يقوم على أن الولايات المتحدة ستتخلى عن مبدأ «الضربة النووية الأولى»، أو ما يطلق عليها «الضربة الوقائية»، ويرفض البعض في الولايات المتحدة وحلفاء واشنطن في أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية، التخلي عن نظرية «الضربة النووية الأولى»، قائلين إنّ هذا قد يشجع روسيا والصين على عدم الالتزام بأي قواعد أو اتفاقيات نووية، وأن التخلي عن سياسة الضربة الأولى سيعني تخلي الولايات المتحدة عن «الضربة الاستباقية».
المؤكد أنّ العالم يحتاج توحيد الجهود وتدبير الأموال من أجل مواجهة التحديات التي تواجه البشرية مثل الجوائح والتضخم والتغير المناخي أكثر بكثير من إهدار الأموال على القنابل النووية.