هل 2022 مُستعدة لك؟.. بقلم: ليو بوتاري

هل 2022 مُستعدة لك؟.. بقلم: ليو بوتاري

تحليل وآراء

الأربعاء، ٥ يناير ٢٠٢٢

مع بداية سنة 2022، فمن المُحتمل أن يسألك أحدهم: هل أنت مُستعد للسنة الجديدة؟ ولكن السؤال الأكثر مُلاءمة هو: هل 2022 مُستعدة لك؟ فبدلاً من تجهيز نفسك للمجهول الذي ينتظرك، من الأفضل أن تستبقه. ولكي تبدأ، يتعين عليك أن تفكر في مميزاتك، إمكانياتك، وقدراتك.... الأشياء التي تشعر بالامتنان لمن وهبك إياها. أعد كشف حساب بممتلكاتك وأصولك الفكرية والمعنوية، حدد أجندتك، واهتم بشيء محدد سيكون بمثابة السلاح السري لشركتك في 2022، ثقافة سرعة الاستجابة التي يتعلمها الموظفون بالشركة من بعضهم البعض. 
ربما لم تكن قرأت أو سمعت هذه العبارة «ثقافة سرعة الاستجابة التي يتعلمها الموظفون بالشركة من بعضهم البعض» قبل ذلك، بل وربما لم يخطر ببالك من الأصل أن تجتمع هذه المفردات معاً في هذه التركيبة اللغوية الغريبة. ومن النادر في حياتنا أن يتعلم المرء شيئاً جديداً وناجحاً في الوقت نفسه. 
ولكي نفهم معنى العبارة، يتعين علينا أولاً أن نفهم أهمية الثقافة ونُدرك دورها الحيوي في نجاح أي شركة أو منظمة. الثقافة هي المحرك الرئيسي لآليات عمال الشركات، وهي العامل الفاصل الأول الذي يُحدد نجاح الشركة أو فشلها في اجتياز العقبات، الأزمات والظروف الصعبة التي قد تواجهها في مسيرتها. 
الثقافة تفوق في أهميتها الخطط والاستراتيجيات، وهذه حقيقة راسخة في علم الإدارة منذ أن قال المفكر الاقتصادي الأمريكي الشهير، بيتر دراكر، عبارته المأثورة «الثقافة تلتهم الاستراتيجية في وجبة الإفطار». وحينما يقول دراكر شيئاً يتعين على كافة الرؤساء التنفيذيين، المديرين، وكبار المسؤولين بالشركات الإصغاء إليه جيداً، فهو الرجل الذي نال بالإجماع لقب «الأب الروحي للإدارة».
وبنظرة سريعة إلى الشركات التي استطاعت أن تتجاوز الأزمة التي تسببت فيها جائحة «كوفيد-19» وتداعياتها الاقتصادية على مدار العامين الماضيين، سنفهم مقولة دراكر، وأيضاً العبارة المذكورة أعلاه. فلم تكن لدى أي من هذه الشركات استراتيجيات أو خطط مسبقة للتعامل مع الأزمات، بل على العكس، فلقد أُسقِط في أيدي مسؤوليها ومديريها جميعاً عندما تفشت الجائحة، فلقد كانت الأزمة مُباغتة لهم تماماً. إذن، كيف استطاعت هذه الشركات تجاوز أزمة «كوفيد-19» من دون استراتيجية أو خطة مسبقة؟ الإجابة ببساطة أن جميع العاملين، بما فيهم المديرون، في هذه الشركات يمتلكون ثقافة اسمها «نحن نستطيع أن نفعلها». وألهمتهم هذه الثقافة التحرك العاجل والاستجابة السريعة لأزمة الجائحة وتداعياتها، فجرى التخطيط، ثم تحديد الأدوار والمسؤوليات، يليه التكليف، فالتنفيذ، فكان الانتصار على «كوفيد-19» والتعافي من تداعياتها الاقتصادية على هذه الشركات. 
هكذا تُدار الشركات والمؤسسات، وهكذا، يكون تجاوز الأزمات والصعاب. يتعين على القائد أو المدير أن يغرس في أعضاء فريق عمله الإيمان بالقدرة على النجاح واجتياز العقبات أياً ما كانت. وبعد ذلك، سيتعاملون مع أي أزمة عند حدوثها على نحو تلقائي، وستكون كافة الأمور سهلة، طالما لديهم ثقافة النجاح والإيمان به.
تنتهج بعض دول العالم في نُظمها التعليمية مبدأ تدريب التلاميذ على أسئلة واختبارات مُعينة، فإذا فوجئوا بأسئلة غيرها، أُسقط في أياديهم، لأنهم ببساطة لم يتدربوا على تلك الأسئلة الجديدة. وعلى النقيض من ذلك، تتبنى بعض بُلدان العالم الأخرى نهجاً يعتمد على تحدي الطلبة واستفزاز قدراتهم ومداركهم بأسئلة ذات نهايات مفتوحة، أي ليس لهم أجوبة نموذجية. وكل ما هم مطلوب من التلاميذ أن يستنفروا عقولهم في التفكير لإيجاد حلول لهذه الأسئلة. ليس المقصود هو حل الأسئلة، وإنما المقصود تدريب التلاميذ على مواجهة المواقف الطارئة والأزمات المُباغتة التي لم تكن تخطر بأذهانهم من قبل. إنها روح التحدي التي تتجاوب بسرعة مع أي عقبة، أياً ما كانت نوعيتها وشدة صعوبتها. نتحدث عن ثقافة لا تخاف المجهول وإيمان راسخ بالقدرة على الانتصار.
إذا كنت مديراً أو مسؤولاً كبيراً بشركة، وأنت في بداية 2022، وتستهل صفحتها، عليك أولاً أن تُغلق صفحة 2021، بأن تطرح على نفسك الأسئلة التالية: ما الذي علمتني الجائحة إياه بشأن التعامل مع فريق العمل في شركتي؟ ما هي القيم والسلوكيات التي تعلمها الفريق من الجائحة وأود أن يستمروا في تبنيها؟ وما الذي تعلمته أنا شخصياً من الجائحة عن نفسي كقائد؟ 
إذا أجبت عن هذه الأسئلة، وطبقت الإجابات على النحو السليم من واقع تجربتك في 2021، فحري بك في هذه الحالة أن تتوجه بالسؤال إلى 2022 قائلاً: هل أنتِ مستعدة لي؟