“عناية مشددة”.. بقلم: معن الغادري

“عناية مشددة”.. بقلم: معن الغادري

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٦ يناير ٢٠٢٢

فقد العمل المؤسساتي بحلب بوصلته وضاقت زاويته، وطالت غيبوبته ضمن غرف العنايات المشددة الخاصة جداً، وبات بحاجة ماسة إلى تدخل جراحي أو العلاج بالكي للفصل بين المتنازعين على المراكز والمناصب الشاغرة في عدد من المديريات والمؤسسات الأكثر تأثيراً في العمل الخدمي والتنموي.
ويُرجع المهتمون والمتابعون لحيثيات وتفاصيل هذا الملف المأزوم إلى العمل الأحادي والقرار المنفرد والمحسوبيات وردود الأفعال غير المنضبطة والمبنية على المصالح الخاصة والولاءات الشخصية واختيار الأقل كفاءة وقدرة على إدارة هذه المؤسسات بغرض السيطرة على القرار والعمل التنفيذي.
وفي الواقع، قد يغيب عن البعض أهمية الوقت واستثماره في مكانه وزمانه الصحيحين وانعكاسه السلبي على المشهد العام، وربما يغيب عنهم أيضاً أن بقاء أهم المديريات والمؤسسات الخدمية والإنتاجية بحلب، في دوامة المساومات وبازارات التكليف والتعيين، يؤكد – بما لا يدع مجالاً للشك – وجود خلل كبير وواضح في معايير وشروط التعيين، ويظهر عجز أصحاب القرار في إدارة العمل والوقت معاً، وهو ما يفسر حقيقية استعصاء ملف التعينات في حلب، واستمرار الصراع على ملء الشواغر الأولى في كبرى مديريات حلب.
هنا تبرز أهمية وضرورة التقليل من الوقت الضائع دون أي فائدة، وإنجاز هذا الملف وفق رؤية شفافة تضع الشخص الأفضل والأكفأ في المكان المناسب، بعيداً عن التجاذبات والصراعات التي من شأنها أن تحرف هذه المؤسسات والمديريات عن مسارها الطبيعي وتعطل برامجها وخططها الآنية والمستقبلية، وهو ما يتعارض كلياً مع مشروع الاصلاح الإداري المنشود.
ما نود الإشارة إليه في هذا السياق أن أكثر ما يعطل تعيين المديرين في حلب هم “الحكاؤون” الذين شغلهم الشاغل التلفيق وترويج الشائعات وكتابة التقارير الكيدية بحق أي اسم يتم طرحه أو تداوله، ولعل ما يعزز هذه الظاهرة المتفشية في عملنا المؤسساتي هو عدم التدقيق في هذه التقارير والشائعات، والاستناد إليها كذريعة لإبعاد الأكثر كفاءة ومقدرة واختيار الأضعف والأقل قدرة على قيادة دفة العمل.
مختصر القول: مراوحة هذا الملف في المكان، إن لم يكن العودة به إلى الوراء، يحملّ الجميع – دون استثناء – مسؤولية كبيرة، والمطلوب رأب هذا الصدع، والتضييق على المنتفعين، وتغليب المصلحة العامة على المصالح والمكاسب الشخصية، والتعجيل في الإفراج عن ملف التعيينات قبل أن تتسع الفجوة أكثر فأكثر في عملنا المؤسساتي، والذي أكثر ما يحتاج إلى خبرات وإداريين استثنائيين، لا إلى مديرين تابعين.