"بانتظار غودو" عنوان كرتنا.. بقلم: مؤيد البش

تحليل وآراء

الأربعاء، ٩ فبراير ٢٠٢٢

لا جديد يذكر بل القديم يعاد شعار طبقه منتخبنا الوطني لكرة القدم في مشواره خلال المرحلة الثالثة من التصفيات المؤهلة لكأس العالم، والتي اكتفى فيها بنقطتين من أصل أربع وعشرين ممكنة ليحوز على تصنيف أسوء منتخب دفاعاً وهجوماً وإدارة وتنظيماً ويحجز مركزه الأخير بكل استحقاق، فالحصيلة التي تعد كارثية بكل المقاييس تبدو طبيعية جدا فمن يزرع الهواء سيحصد الريح حتماً.
حال كرتنا التي تترنح منذ عشرات السنين لا أفق واضح لإصلاحه فكلما تفاءل الشارع الرياضي باتحاد جديد يترحم على من قبله، فالتباري بين الاتحادات والإداريين بات ليس في النجاح بل في أن يكون الأقل سوءاً وأخطاء، والمشكلة الأخطر أن المصالح الشخصية وسياسة السياحة والسفر والمهام الخلبية قضت على كل أمل في أن نرى كرة قدم عصرية رغم امتلاك النواة الرئيسية للبناء وهي المواهب واللاعبين المميزين.
ولعل أكثر ما ينطبق على كرتنا هي فصول الرواية الشهيرة للكاتب الإيرلندي سامويل بيكيت "بانتظار غودو"، فالجماهير المتعطشة لأي إنجاز مهما قل حجمه تمني نفسها مع كل مشاركة أن ترى منتخبنا ينافس ويقدم المأمول أداء ونتائج، ومن شغفها تبقى تنتظر وتعاود الانتظار وتكرر التشجيع والدعم وتعطي الاهتمام، لكن كل ذلك يقابله لامبالاة فريدة من القائمين على اللعبة من إداريين وفنيين وحتى لاعبين.
انتظار تغير الحال الذي عاشته جماهير الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص طال ولم يحصل، بل على العكس زادت الأمور سوءاً وتراكمت المشاكل وباتت وسائل التواصل الاجتماعي منبراً لكيل الاتهامات وتقاذف المسؤوليات، وسط تغييب لصوت العقل ولوسائل الإعلام الموضوعية التي وجدت نفسها محاصرة بكمية كبيرة من التفاهات التي لا طاقة لها بتحملها، فالكثيرون من العاملين في الحقل الرياضي والكروي نسوا أو تناسوا أن الرياضة أخلاق في المقام الأول لتتوالى الفضائح على مرأى الجميع.
في مناسبات سابقة ذكرنا أن مشكلة كرتنا ليست في الأشخاص فأغلب النجوم السابقين للعبة جربوا في كل المواقع وفشلوا، وليست في القوانين فاتحاد الكرة له من الصلاحيات والميزات والميزانيات ما يتمناه أي اتحاد لعبة فردية، بل المشكلة في العقلية القائمة على إلغاء الأخر ونسف جهود كل من سبق والبحث بأي طريقة عن كيفية تحصيل أكبر قدر من المكاسب الشخصية ولتذهب اللعبة ونجاحها ومحبوها إلى الدرك الأسفل.
الأسف حالياً كبير على ما وصلت إليه اللعبة الشعبية الأولى من انحدار أخلاقي في المقام الأول قبل أن يكون فنياً، والخوف أن يكون القميص الذي استخدم كراية في مباراة الدوري الممتاز أخر ما يستر عورة كرتنا فالمشهد قاتم وفائق السواد وجلاء هذه الغمامة على أيدي من جربوا وفشلوا يبدو ضرباً من الخيال أو رابع المستحيلات.
البعث الأسبوعية