مضار النميمة.. بقلم: أحمد حلمي سيف النصر

مضار النميمة.. بقلم: أحمد حلمي سيف النصر

تحليل وآراء

السبت، ١٠ سبتمبر ٢٠٢٢

إذا علمنا أن النميمة محرمة بإجماع المسلمين، وقد تظاهرت على تحريمها الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وأنها كبيرة من كبائر الذنوب، فيجب إذا رأى الإنسان من نفسه إيذاء لأخيه المسلم أو أخته المسلمة بالغيبة أو بالسبّ أو بالكذب أو غير هذا، أن يعرف أن في إيمانه نقصاً وفي أخلاقه ضعفاً، وأن قلبه قد داخله مرض.
من آثار النميمة التَّفرقة بين الناس، وقلق القلب، وهي عارٌ للناقل والسامع، وحاملة على التجسس لمعرفة أخبار الناس، حاملة على القتل، وعلى قطع الأرزاق.
وعلى الرغم من أن التكفير عن ذنب النميمة ليس بالأمر السهل إلا أنه لا رادع لوقفها، فقد اختلف العلماء في توبة الغيّاب والقاذف في حق الآخرين، فاشترط بعضهم لكي تصح توبته أن يعلم صاحب الحق بما ارتكبه في حقه ويطلب صفحه عنه.
وقال بعضهم: إنه يجب عليه أن يعلمه بكل ما قذف به في حقه ويطلب عفوه، وقال آخرون: بل يخبره بغير تعيين لما قاله ضده أو تفصيل كأن يقول له: سامحني فيما اغتبتك فيه أو سببتك به. وقال علماء غيرهم: إن إعلام المقذوف في حقه لا يحقق أي مصلحة، لأن علمه بما أوذي به لن يزيده إلا أذى وحنقاً وغماً، وقد كان مستريحاً من كل ذلك من قبل، وربما كان ما يعرفه عن ذلك سبباً للعداوة بينه وبين من اقترفه ضده فلا يصفو له.
ولذلك، فقد يكون الأفضل لحفظ الحرمات هو انتهاء المرء عما فعل، على أن ينتهز الفرصة لطلب الصفح ممن قذف في حقه دون تحديد لما سبق أن آذاه فيه.
وترجع هذه النقيصة لمفهوم الثقافة الفرعية والتي تتمثل في التجمعات، فيتم في هذه الجلسات النبش في أسرار الناس، وللأسف هذه العادة غير مرتبطة بالوجود في مكان معين أو الانتماء إلى طبقة معينة، وإنما ترجع لبيئة الفرد نفسه، فقد سلك هذا السلوك كنوع من التسلية، وإن كان جانب كبير منه سلوكاً مكتسباً أو من منطلق أن الآخر يعرف فلابد أن أظهر معرفتي بأشياء جديدة.
النّمام يكره التحابّ، ويشعل الفتن، وينقل الميكروبات ويترجم عن هذا الفساد النفسي بما ينقله من علل وتخاذل. والأمر الذي يبدو أكثر خطورة هو أن هذه العادة أكثر انتشاراً بين النساء اللاتي هن أمهات يحملن أمانة التربية الصالحة‍، وبالتالي سوف تكون النميمة من الأمراض الوراثية التي تنتقل إلى الأبناء.
إن النمام يتصف بإحدى صفات المنافقين، والمنافق شخصية ملتوية غير سويّة، لا يستقيم لك على أمر، ولذا فهو يقوم بعملية تعويض ذاتي، مما أسميه أنا «الانتفاخ الذاتي» أي المبالغة في الأمور، والنفخ في الأمور من أجل الدفاع عن النفس، أثناء لحظة الافتضاح أو في وقت الإفساد بين الناس بالنميمة، لذا يقول الله تعالى في سورة القلم:«وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ»، القلم:10-11.
ولنلاحظ كلمات (حلاف هماز مشاء) وكلها من ألفاظ المبالغة التي تدل على كثرة الإتيان بتلك الأفعال، فاللهم احفظنا جميعاً واحفظ مجتمعنا من شرور النميمة والنمامين.