لا تستخفوا بهم.. بقلم: مارلين سلوم

لا تستخفوا بهم.. بقلم: مارلين سلوم

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٢

نحن أم هم؟ نمشي إلى جانب أبنائنا، نرافقهم في مراحل حياتهم المختلفة، ولا ننتبه إلى أنهم هم أيضاً يرافقوننا، والفرق واضح بين هذه المرافقة وتلك؛ فحين نرافقهم نمارس دورنا الأبوي والتربوي منذ ولادتهم وحتى آخر نفس في العمر، لكننا لا ننتبه أن في مرافقتهم لنا، هناك جانب آخر من الرعاية يأتينا منهم بعلم أم بغير علم، عن قصد أم بشكل فطري، فهل ننمي تلك الفطرة فيهم أم نتجاهلها، فنجرفهم بجهل منا نحو الإهمال واللامبالاة في مراعاة الأهل ومشاعرهم، فيتعلمون أن الحياة لا قيمة لها، ولا تصلح إن لم يكن مقابل الأخذ عطاء.
الحديث عن العلاقة بين الأبناء وأولياء أمورهم، تنبع من واقع يلمسه كل من يكون عضواً في أي صفحة لأولياء أمور طلبة في مختلف مراحلهم التعليمية، وتظهر أكثر كلما زاد وعي الأبناء وزادت مسؤولياتهم والاعتماد على أنفسهم، تكتشف أن هناك فجوة يعانيها الأهالي و«لا يعرفون السبب»، يتذمرون من انغلاق أبنائهم على ذواتهم، وأنهم يعيشون في عالمهم الخاص، رافضين أي تدخل من الأم والأب في شؤونهم، ويستكثرون عليهما معرفة أي تفصيل صغيراً كان أم كبيراً عن عالمهم الخارجي- والمقصود به خارج إطار العائلة، وليس خارج جدران المنزل والفرق كبير- فيبنون جدراناً يعزلون أنفسهم داخلها، ويعيشون حياتهم كما يشاؤون.
حين يبدي صغيرك أي اهتمام بألم أصابك، أو سأل عن تأخرك في العودة إلى المنزل، أو أقلقه توترك، أو خاف عليك من أي مكروه، لا تستخف به، ولا تهمل تلك اللحظات؛ بل التقطها واهتم بها، كي تنمو وتتحول إلى إحساس بالمسؤولية ومبادلة المشاعر مع أهل البيت، والحرص على تماسك العائلة.. كثر اليوم يتحدثون عن غياب أبنائهم عن أي تفاصيل يعيشونها داخل المنزل، وعن جهل الأم والأب بكل تفاصيل حياة وعلاقات وطريقة تفكير أبنائهم، ويتسترون خلف مقولة «ابني (أو ابنتي) له عالمه الخاص»، و«أرفض أن أكون رقيباً عليه».
طبعاً ليس المطلوب أن تكون رقيباً؛ بل صديقاً لابنك وابنتك، والمطلوب أن تخبره أن البوح بأسراره ومشاركتك بتفاصيل يومياته ليس انتقاصاً من شخصيته ولا ضعفاً؛ بل هو اتكاء على أصدق رفيق يمشي معه دروب حياته؛ لكن هل حاولت أنت أولاً أن تشركه في همومك وأسرارك وتستشيره وتأخذ برأيه ونصيحته وتعمل بهما كي يبادلك بالمثل؟
صفحات أولياء الأمور ليست محطة التقاء بين الأهالي للتباحث في الشؤون التعليمية فقط، لا هي تكشف جوانب تربوية مهمة، وتعكس أساليب تعامل الأهل مع الأبناء من خلال تصرفات الأبناء أنفسهم، فإما أن تكبر وتنمو الصداقة بيننا وإما أن نفترق بالفكر والمشاعر ونحن ما زلنا نمشي جنباً إلى جنب.