تؤلمنا سورية.. بقلم: صالح الراشد

تؤلمنا سورية.. بقلم: صالح الراشد

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٧ فبراير ٢٠٢٣

وجع تتلوه أوجاع، وأمل تمسحه آمآل، وظلام يحرمهم النور، فرصاص وصواريخ يمزقان الأوصال فزلزال يهدم أحلام المستقبل، فتصبح الدنيا سوداء حالكة، وتكثر الظنون بأن الحياة قد توقفت عن تقديم الفرح وأنها لا تنتج إلا الدموع والدماء والآلام، فالهرب من الموت صوب الموت لا يمنح الحياة، والفرار من قدر إلى قدر سيزيد من الأحزان، ويجعل الحياة كئيبة شعارها “الموت ينتظر في جميع الطرقات”.
هو ألم ووجع وحزن لا يحتمله قلب ولا يعيه عقل، فسورية حين بدأت بلملمة جراحها جاءها الوجع الأكبر، فالزلزال لا علاج له، ولا يعرف أحد متى يضرب وكم خطورته وكم مدينة سيلحق بها الأذى وكم عمارة سيهدم وكم روح سيزهق، فلا علاج لقوى الطبيعة من زلازل وبراكين وأعاصير، فهذه أمور فوق قدرات البشر، ولا ينفع معها إلا أكف ترتفع صوب السماء بالدعاء، ووجوه تتعفر بالتراب ساجدة للواحد القهار.
نعم، الوضع صعب وفي سورية العشق والأمل الوضع مؤلم وكارثي، فهناك في حلب واللاذقية سقط الكثيرون وهوت العمارات، ليكون الألم بحجم السقوط لدولة يجري عشقها في شرايين العرب، فهي تاريخهم وأقدم عواصمهم وعواصم العالم ومنها خرجت اللغة والكتابة، وأنجبت لنا العلماء والابطال، فكانت الأم الولود لأمة مرت بظروف أسوأ لكنها نهضت وقامت كأعظم ما تكون النهضة، فعادت وبنت مجدها وطورته ليصل لغيرها، واليوم تتألم سورية ولن نفقد الأمل بشعب عظيم لاستعادة التاريخ البهي وبناء المستقبل الأعظم.
هي سورية لن تسقط، هي سورية تتألم بصمت، تتوجع بسكون فلا تسقط دموعها، وان سقطت تتسابق مع هطول المطر، فلا تظهر على وجهها المضيء كنور الشمس وضياء القمر، لذا ستعود حلب شهباء متألقة بجمال بنيانها وروعة سكانها وسترتدي ثوب العز الذي اعتادت عليه، فحلب نهضت عشرات المرات قبل الزلزال وستقف كأبهى ما تكون المدن وكأجمل ما تكون العرائس، فالضربة قوية والعزيمة أقوى، لذا نثق بالله بأن حلب ستعود شهباء سيدة المدن.
 
آخر الكلام:
يبقى عشقها يختلف ومحبتها في القلب راسخة، هي سورية بمدنها وشعبها وتاريخها وبطولاتها، هي من شهدت بداية نهضة البشرية وفيها ستكون نهاية البشر، هي سورية كتاب التاريخ والجغرافيا والفن والرياضة والعلوم، هي بصراحة كل الكتب لذا أتألم لها وتؤلمني بآلامها.