تجديد الروح العربية.. بقلم: جمال الكشكي

تجديد الروح العربية.. بقلم: جمال الكشكي

تحليل وآراء

السبت، ٣ يونيو ٢٠٢٣

لا شك في أن التقارب العربي العربي جاء في التوقيت المناسب، فثمة ملامح جديدة بالانفتاح على المستقبل بنظرة رشيدة وحكيمة، والمستقبل ينحاز إلى العرب إن استثمروا اللحظة.
عقارب الساعة تتوقف عند توقيت العرب إذ إن القوى الدولية مشغولة بصراعاتها الدامية، تفاصيل الواقع الدولي كاشفة، فهذه القوى ليست كما نظن أنها قوى لن تهتز بأزمة اقتصادية أو عسكرية، ولكنها في الحقيقة ارتبكت من زلزال الحرب الروسية - الأوكرانية، كما ارتبكت من قبلها جراء فيروس كورونا.
العرب أدركوا جيداً أهمية التوقيت، وقيمة المكان والمكانة، وسط خرائط العالم التي تلاحقها المتغيرات والأحداث.
ظنت القوى الدولية أن الحرب الروسية - الأوكرانية، ستعيد ترتيب التوازنات والعلاقات مع الدول العربية، فجاء الذكاء العربي ليؤكد موقفه المستقل عن الاستقطاب شرقاً أو غرباً، مع الدعوة الكاملة للسلام والحوار السياسي.
وواكبت هذه الرؤية العربية المستقلة، رغبة قوية في إعادة ترتيب البيت العربي من الداخل إذ إنه حانت لحظة نفض غبار ما يسمى بـ«الربيع العربي»، فنتائجه جاءت باهظة التكاليف، خسائر بشرية، وصدامات سياسية، وانهيارات اقتصادية، وتمزقات اجتماعية وأطماع دولية وإقليمية.
أيقن العرب ذلك تماماً، لم يفوتوا فرصة إعادة النظر في حجم هذه الخسائر، قفزوا إلى الأمام، وامتلكوا إرادة البناء وإعادة الإعمار على شتى الصعد، وفتحوا الجسور في ما بينهم.
فالتجارب تؤكد أنه لا أحد ينجو منفرداً، وتجربة الفوضى والتخريب انتشرت كالنار في الهشيم، من نقطة عربية، وصلت إلى نقاط عربية مختلفة، أصابت الجميع بخسائر مباشرة وغير مباشرة. استهدفت النسيج العربي، وعملت على تمزيقه بمساعدة قوى دولية، كانت ترى في هذه الفوضى مصلحة استراتيجية.
ولكن العرب أدركوا أخطار هذه اللعبة، وبدأوا إعادة نسج الخيوط العربية مرة أخرى على أسس جديدة، تحترم خصوصية الدول، ومواقفها السياسية، وتوجهاتها العالمية، والدفاع عن أسس الدولة الوطنية، واحترام مؤسساتها ومقدرات شعبها، وحماية أمنها القومي.
وشهد الإقليم العربي إعادة ترتيب أوراقه بوتيرة سريعة، قادت إلى عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، بعد تجميد مقعدها في سنة 2011، فضلاً عن الهدوء الذي يشهده اليمن الآن، وكذلك محاولات التهدئة المرجوة في ليبيا والتكاتف العربي للوصول إلى حل سياسي في السودان الشقيق.
هذه الحالة تشير إلى أن الآفاق العربية مفتوحة لميلاد روح جديدة وتكتل عربي قوي يصبح رقماً مهماً في المعادلة الدولية.
فالدول العربية بما تملكه من موارد وإمكانات اقتصادية وسياسية وامتيازات جغرافية، أفضت إلى حرص دول كبرى مثل الصين على تبني مبادرة بين السعودية وإيران، قطعاً ستترتب عليها حسابات تتعلق باليمن والعراق وسوريا، وكذلك الأمر في ما يتعلق بعودة العلاقات العربية-التركية بشكل قوي في المجالات كافة.
* رئيس تحرير مجلة «الأهرام العربي»