أجواء جديدة في المنطقة العربية.. بقلم: جمال الكشكي
تحليل وآراء
الأحد، ١٧ يوليو ٢٠٢٢
زخم سياسى ودبلوماسي تعيشه منطقة الشرق الأوسط الآن، أجواء مغايرة يعيشها العالم العربي، زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية جاءت بتوقيع جيوسياسي وجيو اقتصادي.
خرائط القوى في انتظار نظام عالمي جديد، ذكاء واشنطن يدفعها للتحرك في الوقت المناسب، مختبرات التفكير داخل البيت الأبيض فتحت أدراج الممرات المهمة في التوقيت الصعب، المنطقة العربية واحدة من أهم الأوراق في المعادلة الجديدة، سيولة المتغيرات العالمية لم تحسم ملامح نظرية القطبية المتعارف عليها تاريخياً، لم يعد أحد يمتلك قدرة الجلوس منفرداً في المقدمة، المشهد استقطابي عالمي، البقاء لمن يملك أوراق اللعبة بقواعدها الحديثة.
أدرك بايدن بعد عام ونصف العام من دخوله البيت الأبيض أهمية ورقة المنطقة العربية، قبل زياراته بساعات كتب الرئيس الأمريكي مقالاً بجريدة «واشنطن بوست» تحت عنوان:«لماذا أنا ذاهب إلى المملكة العربية السعودية»؟
طاف من خلاله حول القضايا التي تحمل مناورات لامست مصالح البيت الأبيض، ومصالح المنطقة العربية، وقدمت الوجه البريء لواشنطن منذ دخول بايدن البيت الأبيض، كتب الرئيس الأمريكي الرسائل وقرأنا نحن الدلالات.
قال بايدن: «سأسافر إلى الشرق الأوسط لبدء فصل جديد واعد، وإن الرحلة تأتي في وقت حيوي بالنسبة للمنطقة وستعمل على تعزيز المصالح الأمريكية المهمة، وأنه يسعى إلى شرق أوسط أكثر أمناً وتكاملاً وأن تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة يأتي بفوائد للأمريكيين.
وأن الممرات المائية في الشرق الأوسط مهمة للتجارة العالمية وسلاسل التوريد تعتمد عليها، موارد المنطقة من الطاقة للتخفيف من التأثير على الإمدادات العالمية للحرب في أوكرانيا، وألقى الضوء على الحرب في اليمن، والملف النووي الإيراني، وموقفه من العراق، والملف الإسرائيلي الفلسطيني والملف السوري، وبالطبع تحدث بقوة عن التحدي المركزي بالنسبة له وهو التحدي الصيني الروسي.
«واشنطن بوست» مهدت أمام الرئيس الأمريكي الطريق إلى جدة حيث مقر انعقاد القمة، ما أشبه الليلة بالبارحة، تذكرت الآن اللقاء الأول الذي جمع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بالرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت في البحيرات المرة بقناة السويس، ذلك اللقاء التاريخي الذي عُرف بقمة أو لقاء كوينسي نسبةً إلى البارجة «يو إس إس كوينسي» التي عُقد على متنها اللقاء، والذي عليه ترسخت العلاقات السعودية - الأمريكية حتى الآن.
التاريخ يشارك هذه القمة، الظروف مغايرة لكن كتابة المستقبل تستدعي بالضرورة قراءة التاريخ.
قمة المملكة كاشفة، واشنطن لها حساباتها، المنطقة تستضيف بايدن في ظروف تتمتع فيها بقيمة ووزن نسبي أفضل بكثير عن مراحل سابقة، فتأتي القمة في توقيت استطاعت المنطقة العربية ترسيخ أهميتها، كإقليم فاعل وحيوي، في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي، فعلى سبيل المثال نجد أن واشنطن باتت تدرك الآن أن حلول الطاقة تبدأ وتنتهي من العالم العربي.
فضلاً عن أن العالم بات يعرف جيداً أهمية المنطقة العربية، كحلقة وصل مهمة وحيوية في سلاسل الإمداد، بين آسيا والغرب، وهذه أهم التحديات التي يسعى العالم لتجاوزها من أجل تحقيق تأمين الطاقة والأمن الغذائي، وسهولة ويسر سلاسل الإمداد.
كما أن ثمة قراءة مباشرة تقول إن أجواء ولادة نظام عالمي جديد تدفع واشنطن للتسريع في مد جسور تضمن لها عدم الخروج من حسابات الشرق الأوسط، لصالح قوى منافسة في معادلة النظام العالمي الجديد، سيما في ظل ما قيل عن الخروج الأمريكي من الشرق الأوسط.
إذاً وسط حالة الزخم السياسي العالمي التي بات الشرق الأوسط رقماً مهماً في حساباته وملامحه الجديدة، أجدني أتوقف لأقول إن المنطقة العربية تعيش أجواء جديدة قطعاً ستزيد من المكانة العالمية والقيمة النسبية للمنطقة العربية.
* رئيس تحرير مجلة «الأهرام العربي»