أردوغان.. السقوط بالحركة البطيئة.. بقلم: صفاء إسماعيل
تحليل وآراء
السبت، ٦ يوليو ٢٠١٩
لا شك أن المشهد في تركيا بعد انتخابات اسطنبول ليس كما قبلها, خاصة بالنسبة لرئيس النظام التركي رجب أردوغان الذي يواجه اتساعاً في دائرة الغضب الشعبي والسياسي داخل مواقع نفوذه التقليدية وخارجها, سواء من المعارضين السياسيين والإعلاميين أو من القياديين داخل حزب «العدالة والتنمية» الحاكم, والذين يبحثون جميعاً اليوم عن وسيلة لإنقاذ تركيا سواء عبر الضغط السياسي على أردوغان وأزلامه أو عبر تشكيل حزب جديد.
ووسط أحاديث مؤكدة عن حدوث انشقاقات في «العدالة والتنمية» من قبل أعضاء بارزين على الساحة التركية وعلى رأسهم عبد الله غول وعلي باباجان واستعدادهما لإنشاء حزب جديد، عاد أحمد داود أوغلو لتوجيه سهام النقد اللاذع لأردوغان وسياسته الداخلية والاقتصادية الفاشلة بامتياز محملاً إياه مسؤولية الهزيمة المرّة التي تجرعها الحزب في اسطنبول.
ويراهن محللون أتراك على أن المستقيلين من «العدالة والتنمية» -بسبب تسلط أردوغان ورغبته في إحكام قبضته على كل شيء- يمكن أن يساعدوا في إعادة التوازن للمشهد السياسي من خلال تعديل القوانين للحفاظ على الديمقراطية والتنسيق مع المعارضة في إنشاء كتلة معارضة في البرلمان لتمرير قرار لإجراء استفتاء جديد على النظام الرئاسي.
الهزيمة المرة لأردوغان وحزبه في اسطنبول, كشفت عن مجموعة حقائق بات الأتراك على دراية تامة بها وتتمثل في النظام الرئاسي المعيب الذي يهدف فقط إلى تعزيز قوة أردوغان وجمع السلطات في قبضته وما أسفر عن ذلك من مشكلات اقتصادية لعبت دوراً رئيسياً في إبعاد معظم الناخبين عن «العدالة والتنمية». ناهيك عن أن غريزة البقاء لدى أردوغان دفعته للتمادي بمحاولة كسب الناخبين بطرق استعراضية أدت إلى نفور مؤيديه, فالكثير ممن اعتادوا على التصويت للحزب أصبحوا على يقين تام بأن «العدالة والتنمية» فَقَدَ اتصاله بالواقع فيما يتعلق بالأزمة الاقتصادية المستمرة في تركيا.
وعليه, فإن أغلبية الأتراك يلقون باللوم على النظام الرئاسي التركي في معاناتهم المتزايدة وما أعقبه من ترسيخ عملية صنع القرار وأخيراً السياسات الخاطئة لأردوغان, فالأخير رغم كل شيء يصر على تجاهل أن الاقتصاد تحول الآن إلى خصمه ويتهرب من مواجهة حقيقة أن إجراءات التقشف التي تطبقها حكومته ستؤدي إلى تدهور سريع في حكمه, وأن ما يجري اليوم في تركيا ينذر باصطفافات جديدة تهدد القبضة الحديدية «للعدالة والتنمية» وتسرع في سقوط أردوغان.