أميركيون وإسرائيليون (قبل) «طوفان الأقصى»: اجتياحات للمناطق الفلسطينية باتت ضرورة أمنية
أخبار عربية ودولية
الثلاثاء، ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٣
بعد أيام قليلة على حصول عملية «طوفان الأقصى»، تحدّث نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» الشيخ صالح العاروري، عن أنّ الحركة كان لديها معلومات ومعطيات، عن نية العدو شنّ ضربة قاسية ضد فصائل المقاومة داخل فلسطين المحتلة، بما في ذلك تنفيذ عمليات الاغتيال لقيادات في داخل فلسطين وخارجها. البعض فهم أنّ هذا الحديث يراد منه تبرير العملية النوعية والفائقة الذكاء التي نفّذتها المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر، ولكن الوقائع الفعلية لما كان يجري من حراك سياسي وعسكري وأمني من قبل العدو وحلفائه في المنطقة والعالم، أشارت إلى هذه الحقيقة. وهذا مشهد مطابق لما جرى في لبنان في عام 2006، عندما تبيّن بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي أن قيادة كيان الاحتلال كانت تخطّط لشنّ حرب ساحقة ضد حزب الله في لبنان.
لن يمرّ الوقت الطويل، حتى تتكشّف كل التفاصيل الخاصة بالتهديد الإسرائيلي للمقاومة الفلسطينية. لكنّ مراجعة بعض الوثائق الديبلوماسية السرية لفترة تعود إلى نحو سنة من عملية «طوفان الأقصى»، تعطي الإشارات الواضحة والدالة على ما يفكر فيه العدو. وقد اطّلعت «الأخبار» على مجموعة من البرقيات الديبلوماسية الصادرة عن سفارات عربية في أكثر من عاصمة، وفيها وقائع اتصالات واجتماعات مع مسؤولين في أكثر من عاصمة، بما في ذلك مع مسؤولين إسرائيليين. وهي مناقشات تكشف أيضاً أن حلّ الدولتين تلاشى بصورة تامة، وأن الولايات المتحدة الأميركية نفسها بدأت البحث عن بدائل لمحمود عباس في رئاسة السلطة الفلسطينية.
وفي وثيقة تعود إلى 3 نيسان 2023، يكتب رئيس البعثة الأردنية عصام البدور عن تفاصيل اجتماعه مع «لين هاستينغ»، نائب المنسّق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط وفلسطين، عن إعداد خطّة طوارئ للاحتياجات الإنسانية يعمل عليها مكتب الأمم المتحدة في قطاع غزة والضفة الغربية وشرقي القدس المحتلة. ويقول إن المسؤولة الدولية تحدثت إليه صراحة عن «احتمال حدوث اجتياحات إسرائيلية كبيرة ولا سيّما في الضفة»، وأضافت: «في حال نتج عن هذه العمليات العسكرية هروب السكان داخل مناطق الضفة، فسيتمّ العمل على تحديث متطلبات الخطة بشكل يتلاءم مع أي واقع جديد قد تفرضه الظروف الميدانية».
وفي الوقت نفسه، كان السفير الأردني في لندن، منار الدباس، ينقل عن عضو مجلس اللوردات البريطاني اللورد ستيروب (قائد سابق للجيش البريطاني) أن ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية الحالية «هو تطهير عرقي ضمن خطة طويلة الأمد لدفع الفلسطينيين خارج الأراضي المحتلة». وسأل اللورد الديبلوماسي الأردني «عن استعدادات الأردن لمواجهة هذه الحقيقة، خاصة أن حلّ الدولتين بات في عداد المنتهي».
سبق ذلك، برقية للسفارة الأردنية في لندن، تشير إلى أن «رئيس معهد السلام للاتفاقيات الإبراهيمية في واشنطن، روبرت غرينوي، كشف عن وجود رأي في إسرائيل يدعو إلى استعادة قطاع غزة». وقال «إنّ السردية السائدة هي أنه لا يوجد شريك سلام فلسطيني. وإنّ العمل منصبّ على ابتكار مشاريع اقتصادية إقليمية من بينها الربط بين ميناءَي حيفا والعقبة، وتطوير جسر الملك حسين الرابط بين الأردن والضفة الغربية بمشاركة جهات خليجية مهتمّة».
وفي السياق نفسه، تلقّت وزارة الخارجية الأردنية برقية خاصة من مكتبها في تل أبيب ينقل فيها حديثاً «لمستشار منسّق الأعمال لحكومة الاحتلال في الضفة الغربية، العقيد وسام حامد، الذي هدّد بأن الجيش الإسرائيلي سيتوغل إذا لزم الأمر داخل الضفة للسيطرة على أي نطاق جغرافي يشكّل تهديداً أمنياً». وبرّر المسؤول الإسرائيلي ذلك بالقول «إن توسّع العمليات الفلسطينية في الضفة الغربية مؤشر خطير جداً، وإن السلطة الفلسطينية فقدت السيطرة على الضفة ما عدا مدينتي رام الله وبيت لحم». ونقل الديبلوماسي الأردني عن الضابط الإسرائيلي إشارته إلى وجود «فجوة كبيرة بين الشباب الفلسطينيين في الضفة الذين لا يعرفون اتفاق أوسلو وبين المسؤولين الفلسطينيين الذين لديهم فهم سطحي لما يحدث ويعتقدون أن الوضع يتطلب فقط إعادة السيطرة الأمنية على بعض المناطق، وهي سياسةٌ تهدّد بانهيار السلطة الفلسطينية».
وقد عبّر رئيس المكتب الأميركي للشؤون الفلسطينية التابع للسفارة الأميركية في القدس المحتلة، جورج نول، أمام ديبلوماسيين عرب عن اعتقاده بـ «أنّ مشكلة الفلسطينيين هي محمود عباس الذي لا يرغب في إجراء أي تغيير على الوضع السياسي الفلسطيني». وأشار إلى أن حكومته «وجّهت دعوة إلى حسين الشيخ لزيارة واشنطن ومقابلة لجان في الكونغرس، ولكنه يُظهر تردّداً كما يبدو».
وكانت مديرة الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية في مجلس الأمن القومي الأميركي، كيمبرلي هارنغتون، قد أبلغت ديبلوماسياً أردنياً بارزاً في واشنطن أنها «لا تعتبر أن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ ورئيس المخابرات العامة اللواء ماجد فرج يصلحان بالضرورة لخلافة محمود عباس، وأن هناك مرشحين آخرين».