الخرطوم «تلفظ» الهدنة مجدداً

الخرطوم «تلفظ» الهدنة مجدداً

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢١ يونيو ٢٠٢٣

كسابقاتها، لم تسلم هدنة الـ72 ساعة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، من الانتهاكات. واتّهم الجيش، في بيان، «الدعم» بخرق الهدنة ومهاجمة منطقة «طويلة» في ولاية شمال دارفور غربي البلاد، وقتل 7 مواطنين من المنطقة وجرح آخرين، ممّا أجبر جنوده على النزوح إلى مقرّ القوات المسلحة. كما اتّهمها بارتكاب ما وصفها بـ«انتهاكات جسيمة» بحق مواطني المنطقة على مدى يومَين، شملت قتل 15 شخصاً وجرح عشرات من المدنيين العزل، إلى جانب حرق السوق، ونهب عدد كبير من المتاجر، وتشريد مئات من مواطني المنطقة. كذلك، شهد جنوب غربي العاصمة الخرطوم إطلاق نار متقطّع بأسلحة خفيفة صباح أمس.
وبالتوازي، قالت «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» إنها ألغت عملية لنقل جرحى من الجيش إلى المستشفى بناء على طلب الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في الخرطوم. وإذ أوضحت «اللجنة» أن طلب الإلغاء جاء جراء إطلاق نار بالقرب من قافلة نقل الجرحى عندما كانت على وشك عبور خط المواجهة، أكّدت أن الحادث وقع رغم الضمانات الأمنية التي حصل عليها من كلا الطرفين. ومن جهته، نفى الجيش السوداني اتهامه بعرقلة إجلاء عدد من جرحى الجيش، مشيراً إلى أن وفد «الصليب الأحمر» لم يصل إلى نقطة الإخلاء المحددة، واتبع ما وصفها بسيناريوهات تسببت في عرقلة العملية. وفي غضون ذلك، حذر حاكم إقليم دارفور ورئيس «حركة جيش تحرير السودان»، مني أركو مناوي، من خطر حرب أهلية تتهدد البلاد نتيجة ما يحصل في الإقليم. وقال مناوي إن الحرب انتقلت إلى مناطق حيوية، وإن ظروف الحرب أدت إلى تفجر الأوضاع في أجزاء واسعة من الإقليم، محذراً، في مقطع فيديو نشرته الحركة على صفحتها على «فيسبوك»، من أن استهداف واغتيال القادة السياسيين والإدارات الأهلية قد يقود إلى حرب أهلية تشبه ما حدث في رواندا. وفي الإطار، أعرب قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في بيان نشره عبر «فيسبوك»، عن ثقته بانفراج الأوضاع بزوال من وصفهم بـ«الطغمة الفاسدة»، التي قال إنها «وراء إشعال الحرب وتأجيج الصراعات القبلية في دارفور من أجل استمرار الهيمنة والتحكم».
سياسياً، أكد وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، على أهمية التزام جميع الأطراف السودانية من أجل استعادة العمل الإنساني، وحماية المدنيين والعاملين في مجال الإغاثة، وسلامة الممرات الإنسانية لوصول المساعدات الأساسية. وأجرى ابن فرحان اتصالاً هاتفياً بكل من رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش الفريق أول، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، جدّد خلاله دعوة الرياض للطرفين للتهدئة وتغليب المصلحة الوطنية، ووقف التصعيد العسكري، واللجوء إلى حلّ سياسي يضمن عودة الأمن والاستقرار. من جهة أخرى، رأى مصدر في الحكومة السودانية أن بيان الآلية الرباعية لدول «إيغاد»، «غير مقبول ويمثل تحدياً واضحاً للسودان وانتهاكاً لسيادته، في تعقيب على إعلان «إيغاد» أن وزراء الخارجية في الآلية الرباعية اتفقوا على اعتماد نهج تدريجي لحل النزاع في السودان. وقال المصدر إن استضافة كينيا العملية السياسية تعني سيطرة مجموعات من خارج أفريقيا على جهود تسوية الأزمة السودانية. وكانت «إيغاد» قالت في بيان إن وزراء الخارجية في الآلية الرباعية ـــ المكونة من جيبوتي وجنوب السودان وكينيا وإثيوبيا ـــ اتفقوا على اعتماد نهج تدريجي لحل النزاع في السودان. وأوضح بيان المجموعة أن الوزراء اتفقوا على التنسيق والتعاون الوثيق مع الأحزاب السودانية والجهات المعنية وضمان قيادة سودانية لعملية السلام.
وعلى الصعيد الإنساني، قال رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، أمس، إن عدد الأشخاص الذين فروا من القتال في السودان تجاوز 500 ألف بينما نزح مليونا شخص داخلياً. وشدد غراندي في مؤتمر صحافي في نيروبي، على أنه «إذا لم نقم بإسكات تلك البنادق، سيستمر نزوح الشعب السوداني».
في السياق، تعهد مانحون دوليون بتقديم حوالى 1.5 مليار دولار للمساعدة في تخفيف الأزمة الإنسانية في السودان والدول المجاورة التي تستضيف لاجئين فارين من القتال. واستهدف مؤتمر لجمع التبرعات في جنيف استضافته ألمانيا والسعودية وقطر ومصر والأمم المتحدة حشد تعهدات لدعم جهود الإغاثة التي أعاقتها انتهاكات وقف إطلاق النار والنهب والتعقيدات البيروقراطية. إلى ذلك، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في مؤتمر المانحين إن «حجم وسرعة غرق السودان في الموت والدمار غير مسبوقين»، محذراً من أن «السودان يغرق في الموت والدمار بسرعة غير مسبوقة». كما عبّر عن قلقه من استهداف العاملين في المجال الإنساني، داعياً أطراف الصراع وحكومات الدول المجاورة للسودان إلى حماية المدنيين، وتسهيل عمل المنظمات الإنسانية.