الصورة النمطية والتعميم والأحكام المسبقة.. بقلم: د. خلود أديب
تحليل وآراء
الاثنين، ٢٤ فبراير ٢٠١٤
الأصل أن مفهوم الصورة النمطية مفهوم مستعار من عالم الطباعة، ويعني الصحيفة التي تُستخدم لإنتاج نسخٍ مطابقةٍ للأصل.
يقصد بمصطلح الصورة النمطية أن الشعور الوحيد الذي يحمله مجتمعٌ ما أو شخصٌ ما، حول حدثٍ ما لم يجربه؛ هو شعورٌ نابعٌ من تصوره الذهني الذاتي للحدث، وأن ما يقوم به لا يعتمد على معرفة معينةٍ أو مباشرةٍ، بل على اعتقادٍ مبالغٍ فيه يرتبط بفئةٍ معينةٍ، وظيفته تبرير السلوك الذي يمارسه إزاء تلك الفئة. وعليه، إنه ذلك الرأي الثابت ذو الطبيعة التقيميّة والتعميميّة، يشير إلى فئة معينة من الناس (سكان محليين أو عنصر أو جماعة معينة..إلخ) يجدهم متشاركين بصفات معينة ضمن اعتبار معين.
وترتكز عملية التنميط، بهذا المعنى، على التعميم، كتعميم الذكاء على الألمان والكسل على السودانيين مثلاً، وإن اختلف المفهومان إلى حد لا يستهان به.
حيث أن التعميم وإصدار الأحكام العامة، على الرغم من كونه ينبع من قصورٍ فكريٍّ، ويندرج تحت أكثر الأخطاء الفطرية تكراراً لدى الإنسان، إلا أنه من الصعب تفاديه، إذ لا مفر من أن نمارس درجة معينة من التعميم في حياتنا اليومية بشكلٍ عارض لا إرادي. فعقل الإنسان محدودٌ بينما الحوادث التي تعترض طريقنا غير محدودةٍ. وهناك الكثير من الوقائع التي نواجهها ممتدة في الزمان والمكان، بحيث تكون بعيدة عن إدراكنا لها باستخدام الحواس التي نملك، وبالتالي تحتاج إلى إطلاق أحكامٍ عامةٍ عليها، ليسهل علينا استيعابها والتعامل معها.
الحقيقة، إن عملية التعميم العرضية بكونها نتاج قصور العقل البشري هذا، بالإضافة إلى نقص المعرفة والمعلومات، تختلف عن ذلك الاعتداء على الآخرين بإخضاعهم إلى عملية تصنيع الصورة النمطية، السلبية تحديداً. وتقوم وسائل الإعلام بالتأكيد على هذه السمات والمبالغة فيها، وتكرارها، وتوضيحها، وترسيخها؛ حتى تتلاشى أية جوانب إيجابية أخرى في صورة المستهدف. وخير مثالٍ على ذلك تصوير الروسي والعربي في الأفلام الأمريكية ضمن بوتقة الصورة النمطية السلبية في وجه الصورة النمطية للأمريكي المغرقة في الإيجابية.
ويبدو أنه ثمة تقارب بين مفهوم الصورة النمطية والأحكام المسبقة. فالأحكام المسبقة عبارةٌ عن مواقف سلبية أو إيجابية تُتخذ تجاه شخصٍ ما أو جماعةٍ بعينها يصعب تصحيحها بسبب الجمود والشحنات الانفعالية حسب تعريف الباحث الألماني ايريل ديفيس. وبذلك تدخل الأحكام المسبقة في نسيج وتكوين الصورة النمطية كجزءٍ لا يتجزأ منها.
وباختصار، فإن الصورة النمطية هي حكم قيمةٍ، سواء أكان سلبياً أم إيجابياً، بالغ البساطة والتعميم، يقترن بفئةٍ معينةٍ (قوميةٍ، ديانةٍ، جنسيةٍ، جماعةٍ معينةٍ...إلخ) بحيث يتجاهل الفروق الفردية بين أعضاء تلك الفئة ويصعب تغييره في معظم الأحيان.
وقد دخل مفهوم الصورة النمطية حقل العلوم السياسية، وخاصة ما يعرف بدراسات السلوك الدولي، وذلك ضمن الاهتمام بما يدعى "الشخصية القومية". حيث أخذ شكل السمات الشائعة الثابتة التي تسري على شعبٍ ما، والتي تأخذ شكل العقيدة العامة الجماعية والتي تُصاغ على أساسٍ غير عمليٍّ أو علميٍّ موضوعيٍّ، تأثراً بأفكارٍ معينةٍ متعصبةٍ، يُروج لها، تتسم بالتبسيط في تصورها للآخر.
وفي حين يبدو اللجوء إلى الصورة النمطية، في ظاهره، تصرفاً غير مقصودٍ أو تعسفيٍّ، إلا أنه يغدو مبرراً للتعصب الشخصي وممارسة القسوة تجاه جماعةٍ معينةٍ ويتم اللجوء إليه في معرض الصراع السياسي، كأداة لقهر الخصوم السياسيين ودمغهم بصورةٍ نمطيةٍ سلبيةٍ، بغرض التنكيل بهم، تمهيداً لتدميرهم. فهي ممارسةٌ شديدة التطرف تهدف إلى نفي الآخر وإلغائه كلياً. كما هو الحال في الصورة النمطية الشديدة السلبية والعدائية التي درج الغرب على إلصاقها بالعرب على أنهم بدوٌ غارقون بالنفط وممارسة الفحشاء، أو سمة الإرهاب التي وُسم بها المسلمون على أنهم جميعهم إرهابيون. ومن ذلك، أيضاً، الصورة النمطية للمرأة في الإعلام العربي بصورتها التقليدية الناتجة عن تصور المجتمع الذكوري لها؛ كوسيلةٍ لتعميق وترسيخ هذه الصورة بوصفها رمزاً للإغراء وبكونها وُجدت لتلبية رغبات الرجل وتأدية دور الزوجة المستكينة والمطيعة، ونموذجاً لربة البيت الجيدة.
وأخيراً لا بد لنا من القول إنّه، وعلى الرغم من صعوبة الخروج من الصورة النمطية السائدة في مجالٍ ما، إلا أنه يمكن الحد من آثارها السلبية من خلال تفعيل دور المثقفين والعمل على زيادة الوعي ومدِّ أواصر التواصل بين الثقافات والشعوب المختلفة للاطلاع على حقيقة سماتها وخصائصها، وعبر إقامة ورشات عملٍ للتعريف بها. وفي كلماتٍ قليلةٍ، إنه ذلك الإعلام المضاد الذي يوضح ويُظهر الصورة الحقيقية المغايرة للصورة النمطية الصُنعية.
يقصد بمصطلح الصورة النمطية أن الشعور الوحيد الذي يحمله مجتمعٌ ما أو شخصٌ ما، حول حدثٍ ما لم يجربه؛ هو شعورٌ نابعٌ من تصوره الذهني الذاتي للحدث، وأن ما يقوم به لا يعتمد على معرفة معينةٍ أو مباشرةٍ، بل على اعتقادٍ مبالغٍ فيه يرتبط بفئةٍ معينةٍ، وظيفته تبرير السلوك الذي يمارسه إزاء تلك الفئة. وعليه، إنه ذلك الرأي الثابت ذو الطبيعة التقيميّة والتعميميّة، يشير إلى فئة معينة من الناس (سكان محليين أو عنصر أو جماعة معينة..إلخ) يجدهم متشاركين بصفات معينة ضمن اعتبار معين.
وترتكز عملية التنميط، بهذا المعنى، على التعميم، كتعميم الذكاء على الألمان والكسل على السودانيين مثلاً، وإن اختلف المفهومان إلى حد لا يستهان به.
حيث أن التعميم وإصدار الأحكام العامة، على الرغم من كونه ينبع من قصورٍ فكريٍّ، ويندرج تحت أكثر الأخطاء الفطرية تكراراً لدى الإنسان، إلا أنه من الصعب تفاديه، إذ لا مفر من أن نمارس درجة معينة من التعميم في حياتنا اليومية بشكلٍ عارض لا إرادي. فعقل الإنسان محدودٌ بينما الحوادث التي تعترض طريقنا غير محدودةٍ. وهناك الكثير من الوقائع التي نواجهها ممتدة في الزمان والمكان، بحيث تكون بعيدة عن إدراكنا لها باستخدام الحواس التي نملك، وبالتالي تحتاج إلى إطلاق أحكامٍ عامةٍ عليها، ليسهل علينا استيعابها والتعامل معها.
الحقيقة، إن عملية التعميم العرضية بكونها نتاج قصور العقل البشري هذا، بالإضافة إلى نقص المعرفة والمعلومات، تختلف عن ذلك الاعتداء على الآخرين بإخضاعهم إلى عملية تصنيع الصورة النمطية، السلبية تحديداً. وتقوم وسائل الإعلام بالتأكيد على هذه السمات والمبالغة فيها، وتكرارها، وتوضيحها، وترسيخها؛ حتى تتلاشى أية جوانب إيجابية أخرى في صورة المستهدف. وخير مثالٍ على ذلك تصوير الروسي والعربي في الأفلام الأمريكية ضمن بوتقة الصورة النمطية السلبية في وجه الصورة النمطية للأمريكي المغرقة في الإيجابية.
ويبدو أنه ثمة تقارب بين مفهوم الصورة النمطية والأحكام المسبقة. فالأحكام المسبقة عبارةٌ عن مواقف سلبية أو إيجابية تُتخذ تجاه شخصٍ ما أو جماعةٍ بعينها يصعب تصحيحها بسبب الجمود والشحنات الانفعالية حسب تعريف الباحث الألماني ايريل ديفيس. وبذلك تدخل الأحكام المسبقة في نسيج وتكوين الصورة النمطية كجزءٍ لا يتجزأ منها.
وباختصار، فإن الصورة النمطية هي حكم قيمةٍ، سواء أكان سلبياً أم إيجابياً، بالغ البساطة والتعميم، يقترن بفئةٍ معينةٍ (قوميةٍ، ديانةٍ، جنسيةٍ، جماعةٍ معينةٍ...إلخ) بحيث يتجاهل الفروق الفردية بين أعضاء تلك الفئة ويصعب تغييره في معظم الأحيان.
وقد دخل مفهوم الصورة النمطية حقل العلوم السياسية، وخاصة ما يعرف بدراسات السلوك الدولي، وذلك ضمن الاهتمام بما يدعى "الشخصية القومية". حيث أخذ شكل السمات الشائعة الثابتة التي تسري على شعبٍ ما، والتي تأخذ شكل العقيدة العامة الجماعية والتي تُصاغ على أساسٍ غير عمليٍّ أو علميٍّ موضوعيٍّ، تأثراً بأفكارٍ معينةٍ متعصبةٍ، يُروج لها، تتسم بالتبسيط في تصورها للآخر.
وفي حين يبدو اللجوء إلى الصورة النمطية، في ظاهره، تصرفاً غير مقصودٍ أو تعسفيٍّ، إلا أنه يغدو مبرراً للتعصب الشخصي وممارسة القسوة تجاه جماعةٍ معينةٍ ويتم اللجوء إليه في معرض الصراع السياسي، كأداة لقهر الخصوم السياسيين ودمغهم بصورةٍ نمطيةٍ سلبيةٍ، بغرض التنكيل بهم، تمهيداً لتدميرهم. فهي ممارسةٌ شديدة التطرف تهدف إلى نفي الآخر وإلغائه كلياً. كما هو الحال في الصورة النمطية الشديدة السلبية والعدائية التي درج الغرب على إلصاقها بالعرب على أنهم بدوٌ غارقون بالنفط وممارسة الفحشاء، أو سمة الإرهاب التي وُسم بها المسلمون على أنهم جميعهم إرهابيون. ومن ذلك، أيضاً، الصورة النمطية للمرأة في الإعلام العربي بصورتها التقليدية الناتجة عن تصور المجتمع الذكوري لها؛ كوسيلةٍ لتعميق وترسيخ هذه الصورة بوصفها رمزاً للإغراء وبكونها وُجدت لتلبية رغبات الرجل وتأدية دور الزوجة المستكينة والمطيعة، ونموذجاً لربة البيت الجيدة.
وأخيراً لا بد لنا من القول إنّه، وعلى الرغم من صعوبة الخروج من الصورة النمطية السائدة في مجالٍ ما، إلا أنه يمكن الحد من آثارها السلبية من خلال تفعيل دور المثقفين والعمل على زيادة الوعي ومدِّ أواصر التواصل بين الثقافات والشعوب المختلفة للاطلاع على حقيقة سماتها وخصائصها، وعبر إقامة ورشات عملٍ للتعريف بها. وفي كلماتٍ قليلةٍ، إنه ذلك الإعلام المضاد الذي يوضح ويُظهر الصورة الحقيقية المغايرة للصورة النمطية الصُنعية.