الفنان التشكيلي حسان أبو عياش.. السعي للوصول إلى فنٍّ عالمي غير منفصل عن ماضي أمتنا العريق

الفنان التشكيلي حسان أبو عياش.. السعي للوصول إلى فنٍّ عالمي غير منفصل عن ماضي أمتنا العريق

ثقافة

السبت، ١٤ أغسطس ٢٠١٠

مهمة مهندس الديكور هي تحقيق التوافق بين الرؤية الجمالية والمنظر البصري المناسب مع السياق الدرامي


للفنان التشكيلي حسان أبو عياش دوره الخاص في صياغة مفرداته وأدواته المتوازنة واختيار ألوانه وما تولده هذه العلاقات جميعها من مفاهيم لا متناهية لإمكانية التعبير الفني بعيداً عن الجمال التقليدي والعواطف والانفعالات التي تربط الفنان بأعماله، فهو يؤكد على ضرورة البحث والتجريب ويدعو للاستمرارية بالعمل وعدم الوقوف عند صياغة أو جمالية محددة فمن السريالية – التكعيبية – أوب آرت إلى جانب استخدامه للعناصر الهندسية القاسية والنباتية اللينة؛ والتي تكشف عن شكل من أشكال الحوار الحر مع العنصر، اللون، التكوين...أشكال جمالية تعكس طيب النفوس الحالمة في صياغة الجمال بأطياف متناغمة، ومن مسيرته مع الفن التشكيلي اتجه إلى دروب الديكور التلفزيوني والمسرحي والسينمائي حيث عرف الجمهور السوري اسم مهندس الديكور حسان أبو عياش من خلال مسلسل (أيام شامية) الذي أخرجه الأستاذ بسام الملا عام 1993, والذي نفذ داخل استديو /2/ في التلفزيون السوري ولفت أنظار الجميع.. فقد نقل حسان أبو عياش الحارة الدمشقية والبيت الدمشقي بكل تفاصيلها ومفرداتها وزخارفها محولاً الديكور إلى شيء جمالي أشبه بلوحة...
الفنان حسان أبو عياش من مواليد السويداء عام /1943/ من والدين لبنانيين، تنقل مع أسرته في حماة، حلب، دمشق، برفقة والده توفيق أبو عياش الذي يعمل في سلك القضاء تخرج من كلية الفنون الجميلة بدمشق فرع الفنون الزخرفية (ديكور) عام /1965/ يعمل مهندساً للديكور في التلفزيون العربي السوري منذ عام /1966/،  وهو مدرس مادة الرسم النظري في كلية الهندسة المعمارية منذ عام /1970 /، عضو مؤسس في نقابة الفنون الجميلة وعضو مجلس إدارة النقابة للدورات 1973-1975-1977, عضو مجلس إدارة فرع دمشق لنقابة الفنون الجميلة منذ تأسيسه عام /1981/، عضو مؤسس في الجمعيات التعاونية التابعة للفنون الجميلة، شارك في معارض وزارة الثقافة الرسمية منذ عام /1960/، وفي معارض نقابة الفنون الجميلة الداخلية والخارجية، يمارس عمله الفني في مجال الديكور العام والتلفزيوني وتصميم الإعلان والطوابع البريدية، والرسم الصحفي وغيره .
يشترك مع الفنان محمد حسام الدين بإصدار سلسلة كتب (فنانون تشكيليون سوريون).
حدثنا عن البدايات والمراحل التي مر بها قائلاً :
منذ طفولتي كانت لوحات والدتي (سعدى الغريب) الزيتية الجميلة، والتي تمثل المناظر الطبيعية وتنال إعجاب الجميع تدفعني إلى الرسم باستمرار، وتضع بين يدي المواد الأولية للرسم, وفي فترة الدراسة الثانوية نلت تشجيع أساتذة الرسم والإدارة.. حيث كانت لوحاتي ذات المواضيع القومية والاجتماعية تزين مدخل ثانوية المأمون بحلب، وهذا التشجيع جعلني أشغف باقتناء الكتب الفنية الصغيرة، التي تبحث في الفن الحديث العالمي، وبدأت مغرماً بالفن السريالي.. ثم انتقل إعجابي إلى الفن التجريدي.. ورواده مثل كاندسكي استيف – ستائيل - ديبيفيه، وغيرهم، وفي مرحلة لاحقة تطور الإعجاب بفن (الأوب آرت) ورائده الفنان فازارلي، كل ذلك كان مرافقاً بحب وتتبع للتطورات العلمية المعاصرة.. في مجال الفضاء والمناظر الطبيعية المرئية من خلف المجهر أو من الفضاء... وإعجاب شديد بعقلانية الحضارة العربية، والفنان العربي الإسلامي، الذي أوصل الزخرفة الهندسية والخط الكوفي.. والمقرنصات إلى قمة الكمال والإبداع ,وأصبح هاجسي منذ فترة طويلة أن أبعث الحداثة في الخيط والزخرفة الهندسية ,وأضيف إليها أبعاداً جديدة، وإيقاعات أكثر حركة ومعاصرة، ولم ألمْ نفسي قط على الطريق الصعب الذي سلكته بالتحاور مع الأشكال الهندسية الصارمة، وعلى الزمن المضني الذي أقضيه أمام اللوحة لإيجاد الحلول المطلوبة.
وفي بحثي هذا لم أتوقع أي نتيجة حتمية، أو أي أسلوب متكامل بل تجارب ترفد تجارب زملائي الفنانين.... لكي يكون لأمتنا فن عالمي.. غير منفصل عن ماضيها، ومستمر في حاضره.
أما عن أعماله التلفزيونية فيقول :
أول عمل درامي كان بعنوان: (الغرباء لا يشربون القهوة) للمخرج غسان جبري عام /1970/، والمأخوذة عن مسرحية لمحمود دياب، ثم عملت في مسلسل آخر مأخوذ من الأدب العالمي بعنوان: (اللحن الزنجي الطويل) عام /1971/ للمخرج العراقي فيصل الياسري الذي كان يعمل في التلفزيون السوري، وبالنسبة لي بدأت بتطور ملحوظ من مسلسل (الخشخاش) الذي أنتج عام /1991/، ومسلسل (أيام شامية) الذي أنتج عام /1993/، وكلاهما من إخراج الأستاذ بسام الملا الذي اهتم بأدق التفاصيل بصورة يغيب فيها الشكل الفني في نسيج الواقع، مع محاولة تطويع الديكور لخدمة النص التلفزيوني ومتطلبات النص الدرامي, إذ لا تكتمل عناصر العمل الدرامي دون التأكيد على الديكور وتقديمه بمهنية وحرفية عالية ويجب تقديم هذا العنصر بما يتناسب مع رؤية المخرج والمهندس ليكتمل بذلك العمل الدرامي فمهمة مهندس الديكور هي تحقيق التوافق بين الرؤية الجمالية والمنظر البصري المناسب مع السياق الدرامي.
أخيراً أقول لا يسعني إلا أن أردد مع فيروز أغنيتها الشهيرة :
شآم أهلوك أحبابي وموعدنا أواخر الصيف آن الكرم يعتصر، فشهر رمضان سيطل هذا العام أواخر الصيف وعشاق الشام سيكونون على موعد مع تلك الأعمال الجميلة في موسم الذروة التلفزيوني.


ريم الحمش