المقاومة لا تتراجع: في العمق... حتى يألم العدو

المقاومة لا تتراجع: في العمق... حتى يألم العدو

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ١٢ مايو ٢٠٢٣

 لليوم الثاني على التوالي، تواصلت معركة «ثأر الأحرار» بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال، في موازاة جهود تهدئة تتوسّط فيها مصر. وبينما استمرّت المقاومة في الضغط على الجبهة الداخلية للعدو، كثّف الأخير سياسة الاغتيالات وقصف المنازل في قطاع غزة. ومع تسارع الجهود الديبلوماسية في ظلّ وصول رئيس الدائرة السياسية في حركة «الجهاد الإسلامي» إلى القاهرة، ظهر أمس، تتابعت محاولات حكومة بنيامين نتنياهو فرْض تهدئة ووقف متبادَل لإطلاق النار من دون الالتزام بأيٍّ من شروط المقاومة، من خلال الضغط الميداني واستهداف قادة آخرين من المجلس العسكري لـ«سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد».
وبحسب مصادر في «الجهاد» تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن جهود التهدئة لم تحقّق، حتى ساعة متأخّرة من مساء أمس، أيّ تقدُّم، في وقت أكدت الحركة على أنها في صدد استكمال ردّها على جرائم الاحتلال، طالما لم يوافق الأخير على شروط وقْف سياسة الاغتيالات، وإلغاء «مسيرة الأعلام»، وتسليم جثمان الشهيد خضر عدنان. وتعثّرت المباحثات التي يقودها الوسيط المصري مراراً، خصوصاً بعدما ذهب العدو إلى اغتيال قائد الوحدة الصاروخية في «السرايا»، علي غالي، والقيادي أحمد أبو دقة. وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، مساء أمس، إن مساعي بلاده مستمرّة للوصول إلى هدنة في القطاع، واستئناف العملية السياسية، مستدركاً بأن هذه المساعي لم تؤتِ ثمارها ونتائجها المرجوّة. ودعا شكري، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزراء خارجية الأردن وألمانيا وفرنسا، «المجتمع الدولي» والدول الفاعلة والراعية لـ«عملية السلام»، إلى التدخّل لوقف ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني من عدوان، مناشداً إيّاها العمل بشكل جادّ من أجل وقف الإجراءات الأحادية الإسرائيلية التي تهدف إلى القضاء على الدولة الفلسطينية، منبّهاً إلى أن الوضع المتفجّر في الأراضي الفلسطينية نتيجة الاقتحامات المتكرّرة من جانب القوات الإسرائيلية، واستهداف المدنيين، يمثّل تصعيداً خطيراً يُنذر بخروج الوضع عن السيطرة، الأمر الذي يقتضي تكثيف جميع الجهود الدولية لوقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة، والعمل المنسّق بين الأطراف الفاعلة إقليمياً ودولياً لتحقيق هذا الغرض.
وكانت «سرايا القدس» نعت، أمس، القيادي الشهيد، أحمد محمود أبو دقة (أبو حمزة)، الذي ارتقى في عملية اغتيال إسرائيلية في خانيونس، جنوب قطاع غزة، فيما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع وصول شهيد و4 إصابات إلى «مستشفى غزة الأوروبي» من شرقي خانيونس. كذلك، نعت «كتائب المجاهدين» الشهيد القائد الميداني محمد سليمان خليل دادر، والشهيد المجاهد حسين يوسف عبدالله دلول، اللذَين استهدفتهما طائرات الاحتلال، شرقي حي الشجاعية أثناء أدائهما واجبهما الجهادي في معركة «ثأر الأحرار». ونتيجة ذلك، ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة إلى 29 شهيداً و84 إصابة، بحسب وزارة الصحة.
من جهتها، أمطرت المقاومة المستوطنات القريبة من قطاع غزة، وصولاً إلى منطقة تل أبيب، بعشرات الصواريخ، التي وصل عددها إلى قرابة 350 صاروخاً، بما فيها صواريخ من طرز جديدة لم تُستخدم من قبل، ولديها القدرة على اختراق منظومة «القبة الحديدية». وكانت عمّت القطاع حالة من الغضب والإحباط بعد اغتيال الاحتلال قياديَّين جديدَين من «السرايا»، إلّا أنه سرعان ما تعافى منها إثر الردّ الكبير الذي نفذته المقاومة، وأدى إلى مقتل مستوطن وإصابة العشرات. وسبق أن علّقت «الغرفة المشتركة» لفصائل المقاومة على عمليات الاغتيال التي ارتكبها الاحتلال في غزة، مؤكدةً أنها لن تزيدها إلّا قوّة، مشدّدة على أن ثأرها مستمرّ. وأضافت، في بيان: «نقول للعدو الجبان إنّه بتوجّهه لسياسة قصف المنازل الآمنة يخطئ التقدير»، مضيفة أن «يد المقاومة الثقيلة قادرة على إيلام العدو». وقال الناطق العسكري باسم «سرايا القدس»، أبو حمزة، بدوره، إن «ردّ المقاومة بدأ وما زال برشقات الصواريخ»، وإن «اغتيال قادتنا ومجاهدينا يزيد عزمنا على قتال العدو»، مشيراً إلى أن «سرايا القدس منظومة متكاملة والجندي فيها قائد يقود المعركة ويحقق الانتصارات»، وأن لدى «السرايا» وفصائل المقاومة تصميماً على الردّ على العدوان، ولديها جاهزية لتوسيع دائرة النار أكثر وأكثر. وأضاف: «المقاومة خالفت كلّ التوقّعات الصهيونية بطبيعة الرد»، متسائلاً: «أين الأمن والأمان الذي وعد به رئيس حكومتكم بنيامين نتنياهو جبهته الداخلية الناقمة عليه؟».
في غضون ذلك، أعلن رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، سلامة معروف، أن العدوان الإسرائيلي على القطاع، المستمرّ منذ ثلاثة أيام، أدّى إلى تدمير 5 مبانٍ تضمّ 19 وحدة سكنية بشكل كلّي، إضافة إلى 314 وحدة سكنية بشكل جزئي، أصبحت 28 منها غير صالحة للسكن، و286 تضرّرت جزئياً. وأشار سلامة إلى أن قطاع الصيد توقّف بالكامل، نظراً إلى عدم قدرة الصيادين على دخول البحر جراء العدوان، ما أثّر على نحو 3 آلاف صيّاد، إضافة إلى أضرار في مساحات واسعة من الأراضي الزراعية التي تعرّضت للقصف ومزارع الخضراوات والدواجن. ولفت إلى «جريمة العقاب الجماعي التي يرتكبها الاحتلال بإغلاق المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، ومنع إدخال مختلف الاحتياجات الضرورية، وفي مقدمتها الوقود اللازم لمحطة الكهرباء الوحيدة في القطاع»، مبيّناً أن «مخزون الوقود الموجود في المحطّة شارف على النفاد، والعدّ التنازلي لإيقاف المحطة قد بدأ». وحذّر سلامة من أنه لو توقّفت المحطّة، فإن أزمة إنسانية ستحدث في مختلف القطاعات، وبخاصّة القطاع الصحي والمستشفيات والبلديات، مطالباً «المجتمع الدولي بالوقوف عند مسؤولياته ووضع حدّ لهذه الجريمة، التي تمثل مصدراً جديداً يضاف إلى الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات طويلة».