بعد انتهاء آسياد هانغزو 2023.. هل حان الوقت لإجراء مراجعة حقيقية للرياضة السورية؟

بعد انتهاء آسياد هانغزو 2023.. هل حان الوقت لإجراء مراجعة حقيقية للرياضة السورية؟

الأخبار الرياضيــة

الأربعاء، ١١ أكتوبر ٢٠٢٣

ليس هناك وقت أفضل وأنسب لإجراء مراجعة رياضية حقيقية, من وقت الشعور بالألم والحزن, عند الخروج بنتيجة محبطة من امتحان آسيوي أو دولي كبير, فعند أنصار التفكير بروح العصر, فإنّ التقييم أسلوب حياة راق درجت عليه الشعوب المتطلعة إلى مستقبل أفضل, لا يقف عند محطة نجاح معينة مهما كانت درجة أهميتها,لأنه وباختصار شديد يعني معرفة أين نقف, وما حجم المساحة التي نشغلها على رقعة الإبداع في أي جانب من جوانب الحياة.
وإذا كانت حياتنا كل لا يتجزأ, فإن الجانب الرياضي بات يحتل موقعاً متقدماً جداً من برامج بناء وتنمية الأوطان, وهو المستهدف رقم واحد في منظومة العمل المستقبلي, لارتباطه الوثيق وتأثيره القوي في دورة عمل قطاعات أخرى في المجتمع ودفع مسيرة الوطن.
هل هو الوقت المناسب؟
ولكن هل نحن في الوقت المناسب لإجراء (( جردة )) الحساب والمراجعة المنتظرة لواقع قطاعنا الرياضي أملاً بدخول آمن وفاعل وعلمي لبوابات المستقبل؟! الإجابة بغير نعم تبدو غير منطقية أبداً ,بعد هذه الحصيلة الشحيحة من النتائج في آسياد هانغزو, إذ اكتفت الرياضة السورية بميدالية برونزية يتيمة من خلال الملاكم أحمد غصون في وزن 80 كغ، لتكون الأقل تحقيقاً للميداليات إلى جانب لبنان وفلسطين وكمبوديا التي اكتفت هي الأخرى بميدالية برونزية.
وهذه الميدالية جعلت ترتيب الرياضة السورية يستقرّ في المركز 38 بالاشتراك مع لبنان وفلسطين، كما أنها كرّرت أسوأ مشاركة في الآسياد والتي تحققت في نسخة إندونيسيا عام 2018 عبر ميدالية برونزية أيضاً للاعب مجد غزال في الوثب العالي.
وإذا كان الحاضر بوابة المستقبل فإن الماضي هو محطة التأمل في لحظة المراجعة أو القراءة, خصوصاً إذا ما كان ماضينا حافلاً بالدروس التي يمكن الاستفادة منها, واتخاذها عبراً لخدمة هدفنا الأسمى أو على الأقل، لمعرفة أين أخطأنا وأين أصبنا !! وفي عودة ضرورية للماضي القريب فإنّ خلاصة قيد إنجازات رياضتنا خلال الدورات الآسيوية الماضية كان جيداً قياساً للدورة الحالية.
 وبنظرة تأمل إلى مجمل حصاد الرياضة السورية على صعيد الألعاب الآسيوية فإنّ ذلك يوصلنا إلى محطة مهمة, ويقرّبنا أكثر من لحظة اتخاذ القرار الأنسب بضرورة استثمار ما حققناه للبدء بمراجعة حقيقية لمجمل حلقات النشاط الرياضي لدينا وبما يثمر عن واقع سعيد ومستقبل أفضل خصوصاً في ظل الدعم اللا متناهي من كافة الجهات المعنية إلى جانب الأجواء المتفائلة والاستعداد التام لإجراء التغيير المطلوب في هذا الوقت بالذات لاسيما في الهيكلية التي تنظم العمل الرياضي, وآلية عمل اتحادات الألعاب وطريقة صناعة الرياضي, وبناء المنتخبات الجاهزة على مدار العام للمشاركة في أي استحقاق خارجي.
آن آوان العمل والمحاسبة
صحيح أن مشاركة الرياضة السورية في دورة الألعاب الآسيوية كانت ضرورية من منطلق الحرص على التواجد في المحافل الرياضية الآسيوية الكبرى, وبغرض استثمار مثل هذه الأحداث لتقييم موقعنا على مستوى القارة وقبل وضع خطط عمل المرحلة القادمة خاصة وأنّ هذه المشاركة هي الأولى بالنسبة للقيادة الرياضية الحالية والنتائج التي تحققت جاءت نتيجة تراكمات الأعوام الماضية, ولسنا بصددها الآن فالكل على إطلاع بكل ما جرى,وبنفس الوقت فإن ماجرى في هانغزو جعلنا نطلق صرخة استغاثة للتدخل لإنقاذ الرياضة السورية من حالة الضعف الفني التي تعيشها والتي كشفتها هذه المشاركة ,مشاهد مسلسل خروج اللاعبين المشاركين تباعاً من دون نتائج تذكر تاركة خلفها علامات استفهام عريضة حول مستوى وبرامج الإعداد لمنتخباتنا المشاركة. ليس عيباً أن تشارك وتخسر في أي بطولة لأن الرياضة بالنهاية فوز وخسارة وقد تلفت الخسارة انتباهنا إلى أنه يوجد خلل ما ولابد من معالجته وهذا ماحصل في هانغزو عندما شاهدنا بأم العين خروج لاعبينا واحداً تلو الآخر دون تقديم أي مستوى فني يعكس الاستعداد الجدي لهذا الامتحان الآسيوي, بالتأكيد الرياضيون السوريون قدّموا ما عليهم في الدورة وبذلوا جهدهم، لكن فارق التحضير والاستعداد ظهر بشكل واضح.
ماذا بعد.. ترتيب الأوراق ضرورة
لا بد من وقفة مطولة مع اتحادات الألعاب للوقوف على ما حصل وإعادة ترتيب الأوراق ويجب وضع خطط عمل منهجية وعلمية تعتمد على رعاية الموهوبين والاهتمام بالقاعدة والمنتخبات وعرضها على المكتب التنفيذي لمناقشتها وإقرارها,ومن ثم تنفيذها حتى نصل لما هو مطلوب ويخدم تطور الرياضة السورية, فما حققته الدول الآسيوية الكبرى حتى الآن جاء نتيجة خطط تنموية شاملة وضعت على أسس علمية سليمة وتتوافر لديها الإمكانات ولم يتركوا شيئا للصدفة, واهتموا بأصغر التفاصيل وإذا ما قورن ذلك بما يقدم للرياضة السورية فإنه سيتضح الفارق الكبير خاصة في ظل غياب التخطيط طويل الأجل لدى اتحادات الألعاب وهو ما ينعكس لاحقاً في شكل النتائج التي تتحقق في مثل هذه الدورات كما أننا بحاجة لتشكيل قناعة بالرياضة كرسالة ,وهذا الأمر يحتاج إلى وقت في إعداد وتأهيل أجيال رياضية متعاقبة ,ثم يجب قراءة المعطيات التي بين أيدينا من هذه المشاركة التي نعتبرها محطة مهمة للتقييم في ضوء المعايير التي وضعت للمشاركة لنعرف من خلالها مكاننا بالضبط من حيث نتائج وإنجازات الدول التي ننافسها في هذه الدورة كالصين واليابان وكوريا وحتى قطر والإمارات والبحرين وغيرها، ولا يحتاج أي منّا لكثير من الوقت للوقوف على الفجوة الهائلة بيننا وغيرهم من المتقدمين في المجال من خلال استعراض قائمة ميداليات الدورة الحالية ثم يتعين وضع الخطط وترجمتها على أرض الواقع.
صفوان الهندي