تصفية «أونروا».. بقلم: صفاء إسماعيل
تحليل وآراء
السبت، ٩ نوفمبر ٢٠١٩
أحدثت استقالة المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» بيير كرينبول التي جاءت على خلفية «تحقيقات بشبهات فساد» لم تصدر نتائجها حتى الآن، حالة من القلق لدى 5,5 ملايين لاجئ فلسطيني باعتبارها تأتي في توقيت حساس وغير بريء تتجّه فيه الأنظار نحو تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الشهر الجاري، لتجديد ولاية الوكالة لثلاث سنوات جديدة تقف لها كل من واشنطن و«إسرائيل» بالمرصاد.
صحيح أن استقالة كرينبول تقطع الطريق على توجيه أية اتهامات بالفساد للوكالة، باعتبارها تتعلق بشخصه وليس بـ«أونروا» كوكالة تابعة للأمم المتحدة, إلا أن الوقائع والتطورات التي أحاطت بالاستقالة تشي بأنها ستنعكس سلباً على ضمان استمرار الوكالة في تقديم خدمات الإغاثة لملايين اللاجئين الفلسطينيين, وخاصة في ظل محاولات واشنطن وربيبتها «إسرائيل» تصفية قضية اللاجئين من خلال المس بطبيعة التفويض الممنوح «للأونروا» والعمل على تعديل مضمونه أو مدته المقررة بما يضمن للاحتلال الإسرائيلي شطب قضية اللاجئين وتصفية حق العودة.
لم يعد سراً على أحد تناغم توقيت تقرير الفساد -الذي أنكره كرينبول جملة وتفصيلاً- مع الحملة الشرسة التي تقودها أمريكا و«إسرائيل» بهدف تصفية «أونروا» بما يخدم مصالح «إسرائيل» في إنهاء قضية الشاهد الأهم على تهجير اللاجئين الفلسطينيين, وخاصة بعد أن كشفت وسائل إعلام إسرائيلية مقربة من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أن استقالة كرينبول جاءت بضغط أممي، مع الإشارة إلى أن هذا الضغط ناجم أصلاً عن ضغط أمريكي في إطار المحاولات المستميتة لتسييس «أونروا» إن لم يكن بالإمكان تصفيتها.
ناهيك عن لهاث واشنطن وراء تطبيق ما يسمى «صفقة القرن» الرامية لتصفية القضية الفلسطينية من خلال إجهاض الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حق العودة، وما تقوم به أمريكا ضد «أونروا» الشاهد الدولي الوحيد على تهجير اللاجئين الفلسطينيين, بدءاً من وقف التمويل الذي تسبب بأزمة وجودية للوكالة إلى إسقاط موظفيها الواحد تلو الآخر والتحريض عليها, يدلل بما لا يدع مجالاً للشك أو التأويل بأن واشنطن تقف خلف اتهامات الفساد الرامية إلى تصفية الوكالة وإسقاطها من الحسابات الدولية بوصفها الشاهد الأممي الوحيد على نكبة اللجوء الفلسطيني منذ عام 1948.