حكاية مريرة في كل موسم لتسويق الحمضيات.. الفلاح يزرع ويتعب والسمسار والتاجر يكسبان “ع المرتاح”!!
أخبار سورية
الاثنين، ٤ ديسمبر ٢٠٢٣
معاناة طويلة ترافق مزارعي الحمضيات بطرطوس في كل موسم، تبدأ مع خدمة الشجرة والاهتمام بها، مروراً بالقطاف والجني وصولاً إلى التسويق، الذي ما زال غير عادل للمزارعين، حيث ما زالوا يتحمّلون وحدهم تبعات تأخر فرع السورية للتجارة في تسويق كميات محدّدة لا تتوافق مع الإنتاج الكبير للمادة هذا الموسم الذي شهد زيادة بنسبة ٢٥% عن إنتاج العام الماضي، ليقع المزارع ضحية الاستغلال والاحتيال من قبل تجار سوق الهال بما يتقاضونه من سمسرة مخالفة للقانون ومن أسعار مجحفة بحقه!.
غياب الدعم
في حديث مع عدد من المزارعين، كانت هناك شجون وهموم تتكرر كل عام، حيث الصعوبات ومنها عدم توفر الأسمدة “كالبوتاس” الذي لم يمنح منذ ثلاث سنوات، علماً أنه مادة رئيسية للشجرة، وسماد “اليوريا” الذي لم يوزع من المصرف منذ سنتين ما أضعف الإنتاج، إضافة إلى الشكوى من عدم كفاية سماد “الفوسفور” الذي وزع بكميات قليلة جداً. وبيّن المزارعون أن كلفة كيلو الحمضيات حسب الخدمة والأنواع، تصل إلى١٥٠٠ ليرة دون أجور نقل وعبوات وعمولة سوق الهال، في حين تصل كلفته مع العبوة إلى ألفي ليرة، مشيرين إلى هامش الربح الضعيف والخسارة الكبيرة التي يتلقاها المزارع الذي يسوق إنتاجه إلى سوق الهال بسبب ضآلة الكميات التي تستجرها السورية للتجارة.
عمولة مخالفة
وأشار المزارعون إلى معاناة أخرى أثناء القطاف كغلاء العبوات البلاستيكية والفلين، مبيّنين أن سعر الفلينة الجديدة سبعة آلاف ليرة، في حين أن سعر المستعملة منها خمسة آلاف ليرة، وأن سعر عبوة البلاستيك سعة ٨ كيلو ثلاثة آلاف ليرة، بينما التي تتسع لـ١١ كيلو يصل سعرها إلى أربعة آلاف ليرة، كذلك ارتفاع أجور النقل إلى سوق الهال، إذ تصل كلفة نقل السيارة إلى مئتي ألف ليرة مهما كانت حمولتها، إضافة إلى العمولة التي يتقاضاها تجار سوق الهال المخالفة للقانون الذي حدّدها بـ٥% بينما يأخذونها 7%.
أسعار غير عادلة!
رئيس اتحاد فلاحي طرطوس فؤاد علوش لم يخفِ ما يعانيه المزارعون من صعوبات ومعاناة تتكرر كل عام، مشيراً إلى أنها أثرت على جودة الإنتاج نتيجة نقص مستلزمات الإنتاج وخاصة سماد اليوريا، مبيناً أن التسويق بدأ في المحافظة في ١٣٠ مركزاً المنتشرة في مختلف مناطق طرطوس بما فيها أسواق الهال، لافتاً إلى أن الأسعار التي يسوّق بها المزارعون لا تعادل الكلفة الحقيقية المتضمنة الزراعة والسقاية والجني، يضاف إليها كلفة صناديق الفلين وأجور النقل وكمسيون سوق الهال، ونتيجة تدني الأسعار يوجد فائض بالسوق المحلي، وأن التسويق خاسر.
وحذّر علوش من عواقب تدني الأسعار والتكلفة العالية لمازوت سيارات النقل، وارتفاع أسعار الأسمدة، الأمر يزيد من كلفة الإنتاج وينعكس سلباً على المزارع، وإن لم يعاد النظر بتلك الأمور فسيضطر المزارع التحول للزراعات الاستوائية التي تعطي مردوداً مالياً أفضل.
وطالب رئيس الاتحاد بتأمين مستلزمات الإنتاج، وتحديداً مادة المازوت الزراعي وسماد اليوريا والسوبر بكميات كافية، بما ينعكس إيجاباً على سعر المادة، لافتاً إلى أن التسويق من قبل السورية للتجارة ما زال خجولاً!.
٢٥ جمعية منتجة
من جهته أوضح رئيس الرابطة الفلاحية بطرطوس نسيم نعمان، أن عدد الجمعيات المنتجة للحمضيات يصل إلى حدود ٢٥ جمعية في سهل عكار، ومناطق يحمور والهيشة ومجدلون البحر وسهل ميعار شاكر والمنطار، إضافة إلى زراعة الحمضيات في حقول صغيرة متفاوتة الإنتاج كالجماسة والصفصافة وبحوزي.
بطيء وخجول
وأكد نعمان أهمية محصول الحمضيات في الساحل بعد أن أضحى الإنتاج أكبر من حاجة الأسواق، مشيراً إلى أن الظروف الجوية كانت ملائمة للأشجار، فحسّنت الكمية والنوعية لكن الأسعار بالسوق رديئة وتصل حدّ الـ٢٥٠٠ ليرة للكيلو، موضحاً أن تسويق السورية للتجارة ما زال خجولاً وبطيئاً وليس بالحجم المطلوب، وبيّن أن الإنتاج لهذا العام جيد ووفير وهو يحتاج لتسويق داخلي وخارجي نتيجة عدم قابليته للتخزين.
ضعف الاهتمام
وفي السياق نفسه أشار رئيس لجنة مصدّري الحمضيات عدنان ريا إلى أن كمية الحمضيات المنتجة لهذا العام جيدة، حيث إن هناك زيادة عن العام الماضي بحدود ٢٥%، في حين أن النوعية أقل جودة بسبب ضعف الاهتمام من قبل المزارع لعدم توفر مستلزمات الإنتاج وارتفاع ثمنها وارتفاع أجور العمال، كون الإيراد الذي يحصل عليه المزارع لا يكفي ليعطي الشجرة حقها، لافتاً إلى أن الخدمة الحالية لشجرة الحمضيات تنفع كمنتج محلي وليس للتصدير.
وعن دور الغرفة، بيّن ريا أن دورها تنظيمي لا خدمي، فهو يتعلق بفواتير وشهادات المنشأ ولجان مختصة نتابع من خلالها المزارعين فيما يحتاجونه.
معوقات التصدير الخارجي
ولم يبدِ رئيس اللجنة رضاه عن التسويق لا داخلياً ولا خارجياً، بسبب وجود المعوقات التي تعيق عمليات التصدير الخارجي، كارتفاع أجور النقل والرسوم المرتفعة ببلدان الجوار ما يزيد الكلفة على المنتج، وفيما يخصّ التسويق الداخلي أشار ريا إلى أن أسواقنا تستهلك ٥٠% من المنتج من خلال تجار ووسطاء وبعض الفلاحين والسورية للتجارة، ولأن الكميات كبيرة تستدعي التصدير الخارجي، لافتاً إلى ضرورة الاهتمام والدراسة الجدية بموضوع الحمضيات على أن يسوق داخلياً ويصدّر خارجياً ويستعمل صناعيا كعصائر.
وطالب رئيس اللجنة بدور أكبر وأكثر إيجابية للسورية للتجارة فيما يخصّ التدخل الإيجابي وتسويق المنتج، فهي لديها عشرات آلاف المراكز للتسويق.
دعم المزارع والتصدير
وفي إطار الحلول، اقترح ريا دعم الحلقة الأولى المتمثلة بالمزارع لكن ليس على حساب المستهلك وبما يرضي الطرفين، وذلك بتأمين مستلزمات الإنتاج من أسمدة وأدوية زراعية ومشاريع الطاقة الشمسية، كذلك دعم الحلقة الأخيرة المتمثلة بالتصدير، لافتاً إلى ضرورة الاشتغال على الدعم أسوة بالدول المجاورة التي تنتج الحمضيات، ولاسيما أن لدينا برامج دعم للحمضيات.
تسويق ضمن الإمكانيات
وفي حديثه لـ”البعث” أوضح مدير فرع السورية للتجارة بطرطوس محمود صقر أن التسويق بدأ منذ شهر ونصف وسيستمر حتى نهاية الموسم في نهاية الشهر الخامس، حيث سوق الفرع لتاريخه كمية تفوق المئة طن، وسيتمّ هذا العام تسويق كميات تفوق ما تمّ استجراره العام الماضي والتي بلغت ٣٠٠٠ طن، مبيناً أنه يتم استجرار كافة الأنواع والأصناف المنتجة كالحامض وأبو صرّة والكريفون والبوملي والقشريات كالكرمنتينا. وتحدث صقر عن جهوزية آليات الفرع قبل بدء التسويق، مشيراً إلى عدم وجود صعوبات تذكر حتى تاريخه.
ورداً على سؤالنا عن عدم رضا المزارعين بالكميات المسوقة، أفاد مدير الفرع بأن السورية للتجارة تسوّق الكميات القادرة على تصريفها، وأن تسويق كميات كبيرة يشكل عبئاً وخسارة!.
دارين حسن