سوء الفهم يولّد الشك.. بقلم: شيماء المرزوقي

سوء الفهم يولّد الشك.. بقلم: شيماء المرزوقي

تحليل وآراء

الأحد، ٣٠ مايو ٢٠٢١

الاختلافات واردة، والتباين مقدر ولا فكاك منه، أنت تختلف حتى مع أقرب الناس إليك، بل ابنك الذي نما وكبر بين يديك وغذيته بالطعام والقيم والمبادئ، وعلمته الحياة وشؤونها وشجونها، هو واحد ممن سيقولون لك يوماً ما: أنا أختلف معك، هذه وجهة نظري، هذا رأيي. 
الاختلاف طبيعي، ويجب أن نضعه في السياق الحتمي، ليس كل من اختلف معك كارهاً لك أو غاضباً عليك، أو يراك غبياً أو دون المستوى، إطلاقاً، بل قد يختلف لأنه يريد الأفضل لك ومن أجلك.
لكن هناك حالة قد يكون في الاختلاف نواة لمشكلة، قد يكون بوادر شر، بسببه تفقد أقرب الناس لك، عندما يتم بناء الرأي الآخر على معلومات غير دقيقة أو غير صحيحة أو على سوء فهم للموضوع، هنا يكون منطلق الرأي المختلف خاطئاً تماماً؛ مما قد يولد مشكلة وعقبة في التلاقي أو حتى التفهم. وكما يقول الفنان والكاتب والروائي دان براون: «إن سوء الفهم يولّد الشك»، وهنا قد تكون النتيجة شرارة خصام وعراك لفظي يوغر الصدور ويطوره من موضوع عابر وبسيط يحدث فيه التباين والاختلاف، إلى مشكلة تباعد وكراهية؛ بل قد يصل إلى عداء وخصام مستمر.
والنقطة الجوهرية أو الجزئية الحاسمة للموضوع هي سوء فهم، ولا أكثر، سوء فهم تم بناء الرأي عليها، ولو قدر واتضحت الصورة وحدث فهم واضح للموضوع لما تطور الاختلاف إلى خصام وعراك. وكما يقول يوهان فولفجانج فون، الذي عرف باسم جوته، ‏ويعد من أشهر أدباء ألمانيا المتميزين بتعدد مواهبه؛ فهو فنان وعالم نبات وكاتب مسرحي وشاعر وروائي: «ما لا نستطيع فهمه بالكامل لا نستطيع السيطرة عليه». وتماماً هذا ما يحدث في بعض مواضيع الاختلاف والتباين، والتي تتطور وتتحول إلى مشكلة خصام وعراك وانفصال وقطيعة.
 الذي حدث عدم فهم للموضوع بشكل كامل ودقيق، فظهر الرأي الآخر، في شكل عدائي هجومي لا يصلح أو يضيف للموضوع الأصلي وإنما ينسفه ويقوم بتحطيمه، وهذا ليس اختلافاً يمكن تفهمه ولا تبايناً طبيعياً في الرأي يمكن استيعابه، بل هو تقليل وتصغير لمن طرح الموضوع للنقاش والحوار.
مرة أخرى، التباين في وجهات نظرنا طبيعي والاختلافات واردة، ولكن عندما يكون هناك عدم فهم للموضوع أو سوء فهم له، يحدث التنافر والخصام، ولا يصبح الموضوع مجرد آراء متباينة بل أصوات متخاصمة.