صحفيون/ات فقراء بعيدون عن اهتمام حكومةٍ خدموا إعلامها

صحفيون/ات فقراء بعيدون عن اهتمام حكومةٍ خدموا إعلامها

أخبار سورية

الجمعة، ١ سبتمبر ٢٠٢٣

يتبادر إلى الذهن سؤال بعد رؤية مشاعر الاستياء على صفحات العاملين بالإعلام الحكومي، إثر قرارات رفع تعويض طبيعة العمل للعديد من المهن التي يعمل أصحابها بالقطاع الحكومي. كالطب والهندسة وغيرها واستثناء الإعلاميين منها. هل تعامل الحكومة الحالية والحكومات المتعاقبة الإعلام بعين الاهتمام والجدية؟
وبالعودة إلى ما حدث في البلاد  قبل عام 2011. فلم تنجُ هذه المهنة من الدخلاء عليها. وهذا قد يكون أحد مؤشرات عدم الاهتمام، لكن في الوقت ذاته كان هناك نشاط اقتصادي وبعض نشاط سياسي. أفسح المجال للمنافسة بين الصحافة الحكومية  وبين صحف ومجلات أصدرها القطاع الخاص.
تلك المنافسة أعطت للصحفيين والصحفيات العاملين والعاملات بالإعلام الحكومي. فرصة لإظهار مهنيتهم وموهبتهم ومواكبة ما يحدث، كانت تلك التحقيقات والتقارير الصحفية على قلتها. ترفع تلك الصحف رغم الإهمال الحكومي وتقاعس اتحاد الصحفيين ووزارة الإعلام.
ولكن بعد عام 2011. وبحجة التركيز على مصير البلاد ، لم يعد هناك أي اهتمام بالشأن المحلي والعاملين فيه. ربما يتذكر الزملاء لقاءاتنا مع المسؤولين. سواء رؤساء الحكومة ومنهم “عماد خميس”. أو قيادات حزبية معنية بالإعلام أو وزراء الإعلام المتعاقبين وكيف كانوا يرجعون أسباب كل مسألة إلى الحرب. بما في ذلك عدم توفر مصادر المعلومات أو رفض اقتراحات تغطية ما يحدث في البلاد. بل وحتى تردّي الأوضاع المعيشية لأدنى مستوى.
كيف ردّ الوزير؟
شخصياً. سألتُ وزير الإعلام الراحل “عمران الزعبي” حينها عن سبب قرار إيقاف صحف المحافظات في أحد لقاءاته معنا. جاءت إجابته «ما الجدوى من صحيفة تنشر فقط أخبار المحافظ وأمين الفرع؟!» عدت وسألته: «هل توقفون إصدار الصحيفة أم تغيرون سياسة النشر؟». لم يجبني متذرعاً باتصال هاتفي ورده.
ثمة مفارقات كنا نعيشها، في ذروة تراجع حياتنا المعيشية. حين بدأ الصحفيون والصحفيات يعجزون عن تكلفة التنقل، وهذا قبل سنوات من موجة الغلاء الحالية. كان ممثلونا في اتحاد الصحفيين والقيادة المركزية للحزب والوزراء يأتون إلى الاجتماعات ومؤتمرات اتحاد الصحفيين بسيارات “اللكزس” وغيرها من الماركات الغربية.
مدراء خارج دائرة الصحافة
نعلم جميعاً أن الصحافة منذ نشأتها لم تعتمد على خريجي وخريجات كليات الإعلام والصحافة. بل عمل بها ورفعها حقوقيون وخريجو لغات، لكنهم كانوا يملكون خلفيات ثقافية وحزبية وهمّاً وطنياً وقومياً بالإضافة إلى الموهبة. فشَكَّل عملهم إضافة للإعلام، لكن اليوم مع انتشار كليات الإعلام وباختصاصات متعددة، وانتشار التدريب. لم يعد مقبولاً إفراغ المؤسسات الإعلامية من الخريجين وإبدالهم بخريجي الطباعة والهندسة وغيرها من الاختصاصات. إلا لعدم الاهتمام بهذه المهنة، لدرجة أن يأتي مدراء عامون يسيّرون رؤساء التحرير كما يريدون وليس كما تتطلب المهنة. وعندما يظهر للنشر مواد غير مهنية يصبحون أول المتسائلين عن المهنية.
أما بما يخص تعويض طبيعة العمل للصحفي. فإن اتحاد الصحفيين لم يتوانَ – للأمانة- عن مطالبة الحكومة برفعه ورفع سقف الاستكتاب دون أن يلاقي ذلك استجابة من الحكومة. فيما لم يحرك الاتحاد ساكناً بعد تجاهله.
ألا يبدو إهمال الحكومة لهذه المهنة وللعاملين فيها، وكأنه إقرار بعدم أهميتها؟. وعدم الحاجة إليها لمراقبة الأداء الحكومي والحياة المحلية على جميع المستويات؟.
في هذه الحالة يبدو طبيعياً بالنسبة لهم إبقاء العاملين فيها فقراء. نظراً لعدم وجود منصات خاصة للنشر لتكون لهم فرص عمل إضافية بنفس المهنة إلا فيمَ ندر.
حتى اليوم لم يتم الإفراج عن قانون الإعلام وبالتالي لا تراخيص لمواقع ومنصات صحفية جديدة غير حكومية. صحفيون وصحفيات فقراء، بعيدون عن اهتمام الحكومة التي عملوا في إعلامها. ولا تعينهم بأبسط مقومات المهنة وهي المعلومات ومصادرها، وتتركهم في واقع معيشي متردي.
سناك سوري