صلالة..تسلب القلوب والعقول..بقلم: صالح الراشد
تحليل وآراء
الثلاثاء، ٦ سبتمبر ٢٠٢٢
تحدثني نفسي أين المسير وما المصير، فمع كل يوم يولد صديق ومع كل فترة نزور وطن شقيق، ويتنقل القلب بين معشوق ومعشوق ويختلف في الشوق إليها، فعَشق قلبي عواصم ومدن الشرق والغرب العربي، وتذكرتها في مخيلتي ببهائها وجمالها وروعة أهلها وطيبة قلوبهم التي تغني بلاد العرب أوطاني ونحن أهل المكان، وكلنا يجمعنا دين ولغة وتاريخ وفرح وأحزان، لأذهب لمدينة الألوان الأزرق والأخضر والأبيض حيث السحر لا ينتهي.
أخذني حظي السعيد لصلالة الواقعة في سلطنة عمان على سواحل بحر العرب، لأشاهد جمالها وسحر مكانها وسكون زمانها وهدوء سُكانها، فزرقة البحر تمتد على محياها زارعة البسمة على وجوه زوارها، ليخطفوا لحظات الفرح ويزرعونها في وجدانهم قبل قلوبهم، فهنا حُلم لا ينتهي وقلب سيبقى واثباً صوب عشقه واقفاً في حضرتها صامتاً لا يتكلم، فالصمت في حضرة الجمال جمال.
وتمنح زرقة المحيط أهلها قوة وصلابة التحدي، صانعاً لهم عزم كالحديد لا يلين، وهمة تنهض بالمكان والإنسان فتحوله لجوهرة في دُرر عُمان، فالبحر له فعل السحر حين يحتضن السماء ويندمجان في المدى البعيد، لتشعر حينها أن البحر يصعد للسماء وان بركات السماء تتنزل للبحر.
فيندمج اللونان الأزرق والأخضر صانعان جوهرة المكان، ولحظة نمو وازدهار ، فالجانب الآخر بساط أخضر يكسوا سهولها ويرسم الغزل في جبالها، فتبدو كفتاة مراهقة ترتدي فستان العيد ليداعب ماء المحيط نهديها، فيلثم شواطئها تارةً ويقسو تارة أخرى وهي تصبر على فعل المحبوب المهيوب ، فتنشر الفرح في كل القلوب وتفتح ذراعيها للولهان المغترب في شتى الاوطان فهنا وهنا فقط يجد الأمان.
وينبض قلب سكانها الأبيض فرحاً ومحبة، منادياً بالانسانية والرقي، لتصل النبضات للعالم فهنا أرض هود وأيوب عليهما السلام، حيث الصبر والمودة والرضا، فتهتف الحناجر رضينا بحكم سيدة القلوب، فقلبها الأبيض كالزهر راغب مرغوب، ونسيم محيطها سالب مسلوب وشذى أنفاسها نداً وعطور.