ليبيا.. باتيلي يخطّ مساراً جديداً: الانتخابات ليست أولوية
أخبار عربية ودولية
الخميس، ٢٧ أكتوبر ٢٠٢٢
يصل المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، اليوم، إلى مدينة سرت للمشاركة في اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، والمتوقّفة منذ أسابيع، بفعل تفاقم الانقسام بين الشرق والغرب. وتأتي الاجتماعات المدعومة أممياً في محاولة لكسْر حالة الجمود القائمة، وتوطئةً لسلسلة لقاءات ستُعقد، في الأيام المقبلة، بين الأطراف الليبيين، بدفْع من التفاهمات الأخيرة بين رئيسَي مجلس النواب عقيلة صالح، و»المجلس الأعلى للدولة» خالد المشري، وتَوافقهما على اختيار اثنَين من أصل سبعة يُفترض أن يتولّوا المناصب السيادية. إلّا أن هذه التفاهمات، التي تقتضي توحيد السلطة وتوزيع بقيّة المناصب في غضون الأشهر المقبلة، لا تزال تلْقى اعتراضاً من جانب رئيس «حكومة الوحدة»، عبد الحميد الدبيبة، الذي أعلن رفضه إيّاها، معتبراً أن ما هو أهمّ من التوافق على توحيد السلطة وتوزيع المناصب التمهيد لإجراء الانتخابات.
وعلى رغم الخرق الذي شكّله اتفاق المشري - صالح، لا تزال هوية الأشخاص الذين سيتولّون المناصب الخمسة المتبقّية مَثار جدل. وتشكّل هذه النقطة عنصر تهديد بانهيار الاتفاق الذي تسبّب في الوقيعة بين المشري والدبيبة، علماً أن مقرّبين من الأخير يقولون إنه سيضطرّ إلى العدول عن موقفه إذا ما وجد إجماعاً من الأطراف الآخرين، وتوافقاً سياسيّاً في الشرق والغرب على الإطار الجديد. من جهته، يسعى باتيلي إلى تدعيم التفاهم على المناصب السيادية، بما يضمن فتْح صفحة جديدة، يُفترض أن يَجري بعدها وضع خريطة زمنيّة لعقْد الانتخابات، التي لا يبدو أنها تمثّل أولوية بالنسبة إلى المبعوث الأممي الجديد حالياً. إذ يعمل هذا الأخير على حلحلة الأزمة بشكل تدريجي، والسير في مختلف المسارات بشكل متوازٍ.
وتُعدّ عودة اجتماعات اللجنة العسكرية «5+5» أولى نتائج المحادثات الموسّعة التي أجراها باتيلي، خلال الأسبوعَين الماضيين، مع مختلف الأطراف داخل ليبيا، والتي كان آخرها لقاءاته في بنغازي مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر. وحرص المبعوث الأممي على إبداء موقف متوازن حيال الصراع المحتدم على «الشرعية»، فوصَف حكومة فتحي باشاغا بـ«الحكومة المكلّفة من البرلمان»، وحكومة الدبيبة بـ«حكومة الوحدة الوطنية». وهو يسعى إلى إعادة الاجتماعات مجدّداً بين قادة الجيش المنقسم لمنع أيّ احتكاك عسكري، فضلاً عن حثّه على ضرورة العمل على توحيد المؤسّسة العسكرية في أسرع وقت ممكن، في خطوة يرى أنها ستصبّ في مصلحة تعزيز الأمن، الذي سيمهّد بدوره لإجراء الانتخابات وإنهاء الفوضى. ويعتمد باتيلي سياسة مختلفة عن المبعوثَين السابقَين، فهو مهتمّ بالسعي إلى تحقيق وحدة اقتصادية، ووحدة بين مؤسّسات الدولة، قبل الحديث عن الانتخابات، كما سيحاول مسبقاً أيضاً الوصول إلى رؤية واضحة وحاسمة في شأن مستقبل البلاد، في ظلّ تعقُّد الموقف السياسي وغياب فرص تقديم التنازلات الحقيقية.
وفي إحاطته الأولى لمجلس الأمن، قال باتيلي إن الأزمة السياسية لا تزال قائمة من دون أن تلوح في الأفق نهاية واضحة للمأزق الذي طال أمده في شأن السلطة التنفيذية. وأشار إلى استمرار وجود اختلافات كبيرة بين الأطراف السياسيين حول الطريقة التي يمكن من خلالها إجراء الانتخابات، إلّا أنه لفت إلى أن ثمّة توافقاً كاملاً على إدانة وجود المرتزقة والقوات الأجنبية والتدخّل الخارجي المستمرّ في شؤون البلاد، وهو الأمر الذي سيعمل على توظيفه بما يحقّق الاستقرار ويُنهي الوضع الهشّ.