ماذا سيحدث إذا فشلت الولايات المتحدة في رفع سقف دينها العام؟

ماذا سيحدث إذا فشلت الولايات المتحدة في رفع سقف دينها العام؟

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٤ مايو ٢٠٢٣

استأنف الرئيس الأميركي جو بايدن، محادثاته مع الجمهوريين في الكونغرس بهدف التوصل إلى اتفاق يجنّب الولايات المتحدة التخلّف عن سداد مستحقّات ديونها، وسط تحذيرات وزارة الخزانة من نفاد أموال الخزينة العامة بعد الأول من حزيران/يونيو.
وأكّد بايدن باستمرار أنّ تداعيات التخلف عن السداد ستكون "كارثية"، حاثاً الجمهوريين على الموافقة على زيادة "نظيفة" في سقف الاقتراض العام، قبل الأول من الشهر المقبل.
لكنّ الجمهوريين يشترطون أن يوافق بايدن على خفض كبير في نفقات الميزانية مقابل موافقتهم على رفع سقف الدين.
وكان بايدن، أعلن قبل يومين، أنه يدرس احتمال اللجوء إلى "آلية دستورية" لتجنّب تخلف الولايات المتحدة عن السداد مع تعثر المحادثات مع الجمهوريين حول رفع سقف الدين.
وفي هذا الخصوص، أجرى الرئيس الأميركي ورئيس مجلس النواب كيفن مكارثي مناقشات، إلاّ أنها انتهت من دون التوصّل إلى اتفاق حول كيفية رفع سقف دين الحكومة الأميركية البالغ 31.4 تريليون دولار.
وفي ما يلي أبرز ما قد يحصل في الولايات المتحدة وحول العالم إذا فشلت واشنطن في رفع سقف دينها العام:
التداعيات على الأسواق المالية
يتوقع محللون أن تعاني أسواق الأسهم الأميركية من صدمة حادة موقتة في حال عجز وزارة الخزانة الأميركية عن الوفاء بجميع التزاماتها المالية.
إلى جانب تراجع الأسهم الأميركية، قد ترتفع أسعار الفائدة وخصوصاً عوائد سندات الخزانة ومعدلات الرهن العقاري، حسب ما قال الخبير الاقتصادي لدى وكالة "موديز أناليتيكس" برنارد ياروس لوكالة "فرانس برس".
وأوضح ياروس أنّ "ذلك قد يؤدّي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض بالنسبة إلى المستهلكين والشركات"، موضحاً أنّ الأسر أو الشركات التي لن تتسلم في هذا الحال المدفوعات الفدرالية المستحقة، قد تُحجم عن الإنفاق على المدى القريب بسبب خسارتها للدخل، فيما قد تتراجع ثقة المستهلك، ما سيضرّ بالاقتصاد.
لكن من المتوقع أيضاً أن تكون الصدمات قصيرة الأجل، إذ يُرجّح أن يستجيب السياسيون بقوة على أي ردّ ملحوظ في السوق.
وتوقّع كبير الخبراء الاقتصاديين لدى مصرف "سيتيغروب"، نايثان شيتس، أن "تعود الأسواق إلى طبيعتها بمجرد التوصل إلى اتفاق"، معرباً عن اعتقاده بأنّ "هذه الحلقة ستكون طويلة إلى حدّ تسجيل توقعات منخفضة لإجمالي الناتج المحلي".
التداعيات على الحكومة الأميركية
سيظلّ أمام الولايات المتحدة خيارات، حتّى إذا فوّتت المهلة التي تنفد بعدها أموال الخزينة العامة. 
على سبيل المثال، سيكون بإمكان الحكومة الأميركية اختيار إعطاء الأولوية لسداد الديون وتأخير مدفوعات أخرى، مثل المدفوعات المخصصة للوكالات الفدرالية وللمستفيدين من الضمان الاجتماعي ولمقدمي خدمات الرعاية الطبية.
هذا هو السيناريو الأكثر ترجيحاً، بحسب الباحثة في الدراسات الاقتصادية بمؤسسة "بروكينغز" للبحوث ويندي إدلبرغ.
خلال مواجهة مماثلة بشأن سقف الدين العام في العام 2011، وضع مسؤولو الخزانة خطط طوارئ لمنع التخلف عن سداد سندات الخزينة ولضمان استمرار الخزانة في دفع الفائدة على تلك السندات عند استحقاقها.
وتستبعد إدلبرغ حصول إغلاق حكومي، رغم احتمال تأجيل رواتب الموظفين الحكوميين.
التداعيات على الاقتصاد العالمي
حتى لو انقضت المهلة المحددة أمام واشنطن لكن استمرت في السداد للمستثمرين، يُرجّح أن تنتشر عواقب الفشل السياسي في التوصل إلى اتفاق في الأسواق العالمية.
وفي هذا السياق، قال الباحث في مركز بحوث الميزانية وأولويات السياسات في الولايات المتحدة، بول فان دي فاتر، في مدونة، إنّ فشل الحكومة في سداد جميع مستحقاتها "قد يثير شكوكاً جدية حول الجدارة الائتمانية للدولة ويقوض ثقة المقرضين، ويشكك في مكانة الدولار كعملة احتياطية، ويزيد تكاليف الاقتراض الفدرالي".
وأضاف أنّه "في ظل الظروف الراهنة، حتى التهديد الخطير بتخلّف الولايات المتحدة عن السداد قد يكون كافياً لإحداث اضطراب في الأسواق وإلحاق المزيد من الضرر في الاقتصاد العالمي".
 
وفي حال التخلّف، ستكون التداعيات كبيرة، بحسب مدير قسم الدراسات الاقتصادية في كلية إدارة الأعمال في جامعة "IESEG" الفرنسية إريك دور.
وأوضح دور أنّ "أسعار الفائدة التي يفرضها المستثمرون على السندات التي تصدرها الولايات المتحدة سترتفع بشكل حادّ".
وأضاف أنّ "هذه الزيادة في تكلفة الائتمان ستؤدي إلى انخفاض في الاستثمارات في الأعمال التجارية والأسر وكذلك في الاستهلاك، وبالتالي سيحدث ركود حاد في الولايات المتحدة"، موضحاً أنّ "هذه الزيادة قد تتسبب أيضاً في ركود في أوروبا وأماكن أخرى".
بدورها، كتبت جين روس من "مركز التقدم الأميركي" في مقال نُشر مؤخراً أنّ "من شأن التخلف عن السداد أن يزعزع استقرار النظام المالي العالمي الذي يعتمد على استقرار الدولار باعتباره أصلاً آمناً في العالم، وعملة أولية في الاحتياطي".
وأضافت: "يمكن أن يكون لفقدان الثقة بالدولار تداعيات بعيدة المدى على الاقتصاد والسياسة الخارجية، إذ إنّ الدول الأخرى، خصوصاً الصين، ستستخدم التخلف الأميركي عن السداد لدفع عملتها الخاصة لتصبح بمثابة أساس التجارة العالمية".
هل ينخفض تصنيف ديون الولايات المتحدة؟ 
مع اقتراب المهلة، يراقب المستثمرون بقلق وكالات التصنيف بحثاً عن إشارات إلى احتمالية خفض التصنيف الائتماني لديون الولايات المتحدة.
في العام 2011، دفعت مواجهة مماثلة حول سقف الديون إلى تخفيض وكالة "ستاندرد أند بورز" التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من أعلى درجة، ما أثار غضب الديمقراطيين كما الجمهوريين.
وحتى إذا وصلت الولايات المتحدة إلى سقف الديون لكنها استمرت في دفع فواتيرها، يُرجَّح أن تأخذ وكالات التصنيف ملاحظة في ذلك، بحسب نايثان شيتس من "سيتيغروب"، ما يؤكد الحاجة إلى اتفاق تفاوضي مسبق.
ويقول شيتس إنّ "المناقشات حول ما إذا كنتم ستدفعون بشكل دوري أم لا ليست في العادة ميزة قد تربطها بتصنيف ائتماني أعلى".
وتواجه وزارة الخزانة الأميركية خطر التخلف عن سداد الديون بحلول الأول من حزيران/يونيو، ما لم يتخذ الكونغرس إجراءات لرفع سقف الدين، وهو ما قد يؤدي إلى حدوث إفلاس غير مسبوق قد يقلب الاقتصاد العالمي رأساً على عقب، وفق ما أوردت "رويترز".
وعن الموضوع نفسه، قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، الأحد، إنّ الأول من حزيران/يونيو لا يزال "موعداً نهائياً حتمياً" لا رجعة فيه لرفع سقف الدين الفيدرالي، في ظلّ الاحتمالات الضعيفة بأن تجمع الحكومة عوائد كافية تمكنها من الوفاء بالتزاماتها حتى 15 حزيران/يونيو؛ موعد استحقاق المزيد من الإيرادات الضريبية.