محاولات تعيد الأمل لدى محرومي “زينة الحياة الدنيا”.. الرحم البديل والآخر المستأجر مثار جدل بين الشرع والقانون..

محاولات تعيد الأمل لدى محرومي “زينة الحياة الدنيا”.. الرحم البديل والآخر المستأجر مثار جدل بين الشرع والقانون..

أخبار سورية

الخميس، ٢١ سبتمبر ٢٠٢٣

 إلهام عثمان:
 
تتسع الأماني وتتجدد الآمال حينما نتحدث عن الإنجاب، ينتظر الأهل اللحظة المناسبة لبزوغ الأماني الصغيرة في عيونهم، ما يرسم أملاً لا يعرف الحدود أو اليأس.. “فالمال والبنون زينة حياة الدنيا”، إذ من المتعارف عليه مجتمعياً أن وجود الطفل يثبت جذور الزواج ويجعله أكثر تماسكاً، ويضفي سحر منتظر يجعل من كلا الزوجين وأهلهما أكثر سعادة ووفقاً.. لكن ولسوء الحظ قد لا يستطيع بعضهم الحمل، مما يجعلهم يلجؤون للعلاج الطبي وتناول أدوية هرمونية، وفقاً لنصائح الأطباء، وفي حال عدم الجدوى من تلك الأدوية، وكحل بديل قد يلجأ بعض الأزواج إلى تقنيات الإنجاب المساعدة كالتلقيح الصناعي أو التبرع بالبويضات، والزراعة وما إلى ذلك.. وقد تبوء بالفشل، مما يؤدي إلى مزيد من القلق والإحباط لكلا الزوجين.
 
أخصائي: عملية الرحم البديل معقدة ودقيقة والمتبرعة أغلب الأحيان “الأم أو الأخت”
 
لكن ماذا لو لم يكن هناك حتى “حاضن للجنين” ؟.. ألا وهو “الرحم”.. بعض الحلول موجودة .. لكن قد يخطئ البعض التمييز فيما بين مفهومين، وهما الرحم البديل “زراعة الرحم” أو الرحم المستأجر، علماً أن هناك فرقاً شاسعاً بينهما.
 
وطبياً فإن الرحم البديل أو زراعة الرحم، يعتبر من الطريق المساعدة في إلانجاب الرحم البديل أو زراعة الرحم، حسبما عرفه أخصائي التوليد والجراحة النسائية ومعالجة العقم د. جميل طالب في تصريح لـ”تشرين”، والذي أوضح فيه ان المقصود بالرحم البديل هي أن الزوجة عندما لا تستطيع الحمل أو الولادة بتاتاً، نظراً للمخاطر التي تهدد حياتها أو لعدة أسباب أخرى، مما يجعل من الحمل أمراً مستحيلاً، وحسب رأيه حتى لو كانت جميع عوامل الخصوبة “متاحة”، لا تستطيع الحمل لأنها لا تملك أساساً العنصر الأساسي وهو الرحم، و بعبارة أخرى” يوجد نطاف سليمة وصحية عند الزوج ويوجد أيضاً بويضات سليمة وصحية عند الأم ولكن الرحم غير طبيعي أو غير موجود، ما يستدعي إجراء لزراعة للرحم إن وجد متبرع.
 
إجراءات
 
وحيث أنها عملية معقدة في تفاصيلها وفق رؤية الدكتور طالب، لذا كان لابد من أن تكون المتبرعة أغلب الأحيان من إحدى الأقارب للزوجة وهي “الأم أو الأخت”، وعليه يجب الموافقة من الجهتين “المتلقي والمعطي”، بالإضافة لموافقة الزوج.
 
أسباب اللجوء للبديل أو المستأجر
 
هنالك بعض الحالات تمنع المريضة من القدرة على الحمل والولادة ، كما يشرح د.طالب، ويعود السبب لفقدان الزوجة رحمها بسبب استئصاله جراحياً، إما لوجود مرض السرطان، أو أورام ليفية كبيرة وكثيرة، أو بسبب شذوذ خلقي بالرحم، أو الإجهاض المتكرر، أو أمراض قلبية مزمنة تمنعها من الإنجاب، أو تشوهات في الرحم، أو ربما حادثة ما تعرضت لها الزوجة أفقدتها رحمها.. وكحل بديل يلجأ بعض الأزواج لتلك الفكرة المساعدة.
 
أخصائي في القانون: الرحم هو محل العقد أو الاتفاق من أجل استئجاره.. لذلك هذا العقد أو الاتفاق باطل وجسم الإنسان خارج نطاق التعامل
 
شروطها
 
عمليات نقل وزراعة الأعضاء بدأت منذ فترة طويلة, حسبما يبين الدكتور طالب، كعملية نقل الكلية, القلب, القرنية, أو غيرها من الزراعات.. وأما الزراعات المستحدثة هي زراعة الكبد إلا أن أصعبها على الإطلاق” زراعة الرحم”, ويضيف طالب تكمن الصعوبة, بأن الرحم يكون مثبتاً بمجموعة من الأربطة المعلقة والداعمة والمتصلة بالأعضاء الأخرى, لذلك هنالك صعوبة كبيرة في زراعته.
 
الحالة النفسية
 
وحول سؤال “تشرين” عن مدى تأثير الوضع النفسي عن إجراء عملية الزراعة, لفت طالب إلى أن الحالة النفسية لا تؤثر كون المرأه أو المريضة مستعدة ومتحمسة جداً لفكرة زراعة الرحم, لذلك لا يكون هناك تأثير نفسي سلبي بل على العكس تماماً حيث يزرع أملاً جديداً.
 
مدة الاستشفاء
 
مدة الاستشفاء في حال نجاحها وبالوضع الطبيعي يشير طالب وكأي عملية أخرى, لا تحتاج أكثر من شهراً واحداً، وأما عن احتمالية حدوث الحمل بعد الأشهر الستة الأولى من إجراء زراعة الرحم يمكن أن تحمل الزوجة وبشكل طبيعي.
 
محاولات
 
هناك محاولات عدة للزراعة الرحم في بلدان مختلفة هذا ما نوه عنه طالب, إلا أن كونها عملية جديدة, فإنها لم تطبق بعد في جميع البلدان ففي سورية لم تجرى بعد, أما في مصر أجريت كذلك الأمر عمليات عدة, وفي إيران, وفي السعودية محاولات أجريت لزراعة الرحم إلا ان نتائجها لم تكلل بالنجاح ولم تكن مرضية, ويعود ذلك لرفض الرحم من قبل الجسم كونه جسم غريب وبالتالي يثبط المناعة وهذا يؤدي لانعكاس سلبي على جسم المريضة.
 
المجلس العلمي الفقهي: تأجير الأرحام لا يجوز شرعاً لما فيه من تلاعب في الأنساب يظهر فيها امتهان للمرأة
 
ولكن الأمل لم يمُت في مكان ما ليعود ويضيف الدكتور طالب أن هناك محاولات ناجحة ومتعددة في كل من “السويد و تركيا”, و تكللت تلك النجاحات بالحمل بعد إجراء الزرع بفترة وجيزة.
 
الرحم المستأجر أو الأم البديلة
 
من جهته أشار اخصائي العقم والأمراض النسائية رضا جبالي لـ”تشرين” إلى أن الرحم المستأجر هو أيضاً نوع من تقنيات المساعدة على الإنجاب/ ART/, وفق منظوره وهو أن تحمل امرأة أخرى جنين شخص آخر, تلجأ لها النساء اللواتي ليس لديهن بيئة رحمية مناسبة لنمو الجنين, وبمعنى أخر هو حمل جنين زوجين آخرين في رحمها حتى ولادة الطفل, في هذه العملية تحمل الأم البديلة الطفل فقط, وتمنح حق الحضانة والأبوة للوالدين البيولوجيين المعنيين”الزوج والزوجة”, وشدد بدوره أن تلك الوسيلة المساعدة غير جائزة في البلدان العربية وغير مسموح بها.
 
شروط الأم المستأجرة
 
يتطلب موافقة الزوج للأم المستأجرة, أن تكون قد أنجبت في السابق طفلاً واحداً على الأقل، وأن تتمتع بصحة جيدة, ويتوجب أن تخضع لعدة فحوصات للتأكد من سلامتها الجسدية والنفسية.
 
حكم الأم المستأجرة شرعاً
 
بالنسبة للأم المستأجرة ” الرحم المستأجر” غير جائز شرعاً ومحرم في الشرع إلا في حالة واحدة فقط، هذا ما أكده طالب وهو أن يكون الرجل متزوج امرأتان فإن كانت أحداهن لا تستطيع الحمل أو الإنجاب, عندها يمكن الزراعة في رحم الزوجة الثانية البيضة الملقحة من الزوجة الأولى وغير ذلك لا يجوز.
 
الكادر الطبي
 
ويؤكد الدكتور طالب أنها عملية حساسة جداً ودقيقة وتحتاج لفريق طبي متخصص إذ أنها تشمل أطباء من اختصاصات متعددة أهمها” أطباء نسائية, وأطباء أورام”.
 
مخاطر عملية زراعة الرحم
 
من جهته لفت جبالي إلى أن هناك بعض المخاطر المحتملة المرتبطة بإجراء عملية زراعة الرحم البديل، ومن هذه المخاطر العدوى, والنزيف الذي قد يحدث في موقع زراعة الرحم البديل، على الرغم من التعامل مع النزيف عادةً بفعالية، إلا أنه يمكن أن يتطلب الأمر إجراء عملية جراحية إضافية في بعض الحالات, وهناك أيضاً الحمل المتعدد في بعض الحالات، أي أكثر من جنين، والذي يمكن أن يزيد من خطر المضاعفات خلال الحمل، مثل الولادة المبكرة والنفاس المبكر, كذلك الانتكاسات إذ يمكن أن تحصل انتكاسات هرمونية بعد عملية زراعة الرحم البديل، والتي يمكن أن تؤدي إلى عدم نجاح الحمل وبالتالي الإجهاض، وهناك احتمال أن يؤدي إجراء عملية زراعة الرحم البديل إلى العقم في بعض الحالات، ويعود السبب لتضرر الأنسجة الموجودة في الرحم البديل, كما لفت جبالي إلى أنه من المهم الإشارة إلى أن الآثار الجانبية المحتملة لعملية زراعة الرحم البديل يمكن أن تختلف باختلاف حالة المريضة وعوامل عديدة أخرى، ويجب استشارة الطبيب المختص وتقييم المخاطر والفوائد اللازمة لتحديد ما إذا كانت هذه التقنية مناسبة وآمنة للمريضة.
 
حكم الأم المستأجرة قانوناً
 
رغم أن التشريع السوري لم يتضمن أي نص يتعلق بالرحم البديل أو استئجار الرحم, إلا أنه مخالفاً للقانون ولا يتوافق مع النظام الاجتماعي السوري ذلك استناداً لعدد من المعايير, وفق منظور المحامي إبراهيم الحولاني، ماجستير في القانون الدولية, والذي بين لـ”تشرين” أنه عقد إجارة الرحم يُعد عقداً باطلاً لأن المحل والسبب فيه مخالفاً للنظام العام, حيث أشارت المادة /136/ من القانون المدني السوري إلى أن يعتبر العقد باطلاً إذا كان محله مخالفاً للنظام العام أو الآداب, ويقصد بالنظام العام كل ما يتعلق بمصالح الدولة الأساسية سواء كانت سياسية أم اجتماعية أم اقتصادية. أما الآداب فيقصد بها كل ما يمس بالأخلاق الحميدة في الدولة. وحيث أن الرحم هو محل العقد أو الاتفاق من أجل استئجاره, فإن هذا العقد أو الاتفاق باطل لأن جسم الإنسان خارج نطاق التعامل, وبالتالي لا يجوز أن يكون جسم الإنسان محل للعقد.
 
هذا وأضاف حولاني أن استئجار الرحم موضوع جديد على الساحة العربية والسورية, ولابد من تناوله من قِبل المشرع السوري بنصوص قانونية “صريحة”, أما في الوقت الحاضر في حال تم عرض نزاع على القضاء يتعلق بطفل مولود نتيجة استئجار رحم, فإن هذا النزاع من اختصاص المحكمة الشرعية, وبما إن قانون الأحوال الشخصية السوري يستمد أحكامه من الشريعة الإسلامية, فإن موقف القانون السوري سيكون متوافقاً مع الشريعة الإسلامية التي حرمت موضوع الرحم البديل أو استئجار الرحم, وقد أصدر المجلس العلمي الفقهي في وزارة الأوقاف فتوى حرم بموجبها تأجير الرحم, وجاء في فتوى المجلس الصادرة في /25/2/2021/ أن “تأجير الأرحام حرام لا يجوز شرعاً لما فيه من تلاعب في الأنساب يظهر فيها امتهان للمرأة بعد أن كرمها الإسلام وأعلى شأنها.