مع إطلالة العيد السعيد.. هل رياضتنا بخير؟.. بقلم: ناصر النجار

تحليل وآراء

الأحد، ٧ أبريل ٢٠٢٤

أيام وينتهي شهر رمضان المبارك ونحن نستعد لاستقبال العيد، وهي فرصة لنقول للجميع: كل عام وأنتم بخير، لكن السؤال المهم: هل رياضتنا بخير؟
للأسف رياضتنا ليست بخير في كل مفاصلها وألعابها ومؤسساتها، وهي تعيش حالة من التراجع العجيب، ولم يعد ينفع فيها كل المسكنات، فالحالة في الوضع الراهن ليست على ما يرام، وكل ما نسمعه من وعود ليس أكثر من إبرة تخدير لم تعد تجدي نفعاً، لأن أحداً لم يعد يصدق هذه الوعود.
والأرقام التي بين أيدينا مخيفة للغاية، فدول المغرب العربي ومصر – حسب المعلومات – تؤهل العشرات من لاعبيها ولاعباتها إلى الأولمبياد القادم، ودول الجوار تأهل منها الكثير من اللاعبين واللاعبات، أما رياضتنا فلولا معن أسعد والفارس أحمد حمشو لن يكون لنا أي ذكر أو وجود في هذا المحفل الدولي والعالمي؛ وهذا هو المقياس الحقيقي لمستوى الرياضة، ونحن لا نعتبر المشاركات الخارجية السابقة مقياساً لأنها لا تعبر عن المستويات المطلوبة، وأرقامها بعيدة كل البعد عن الأرقام الآسيوية والعالمية والعربية أيضاً، لذلك فإن التغني بميداليات هنا وهناك ليس إلا نوعا من ذر الرماد في العيون، وهذه المعزوفة صارت “نشازاً” فالصغير قبل الكبير بات يعرف أن كل ما تحقق سابقاً لا قيمة له بكل الموازين الرياضية.
والرياضة في الحقيقة باتت مزرعة للمتنفذين وأصحاب الاستثمارات الذين نجحوا بتحقيق ارقام قياسية شخصية دون حسيب او رقيب، وهذا الامر صار ملحوظاً، لذلك بادرت رئاسة الوزراء لإصدار قرار يقضي بإعادة تقييم الاستثمارات الرياضية في الأندية وغيرها من المؤسسات الرياضية.

وعلى ذكر الاستثمارات، فإننا نعجب عندما تفاجأ إدارة نادي الوحدة بأن الاستثمار الذي وقعته إدارة النادي السابقة مع أحد المستثمرين هو باطل، لأنه لا يحق لها أن توقع مثل هذا الاستثمار على أرض لا تملكها وهي ملك المحافظة، وهنا نسأل: هل من المعقول أن من وقع وصادق وأيد هذا العقد الاستثماري لا يعرف أن العقد باطل، وقد دخل اليوم أروقة المحاكم، ومن حق المستثمر أن يطالب بالمليارات التي دفعها ما دام العقد باطلاً من أساسه، فهل من حقنا أن نلغي الاستثمار، وليس من حق المستثمر ان يستعيد المبالغ التي دفعها؟

هذه القضية تشير إلى ضعف العمل الإداري، إن لم يكن يدخل تحت بند الجهل بالقوانين والأنظمة. وعلى هذا المقاس، علينا أن نقيس كل الاستثمارات التي تعيش فوضى كبيرة، وهي مملوءة بالمشاكل والخلافات، والكثير من العقود فعلاً يحتاج إلى إعادة نظر لتستعيد رياضتنا كامل حقوقها. وعلى سبيل المثال، فإن نادي المجد دخل مرحلة السبات بانتظار إعلان وفاته سريرياً، لكن إذا نظرنا إلى استثماراته وجدناها عامرة بالمحلات والمولات والملاعب والصالات والمطاعم، فضلاً عن صالة الأفراح والمسبح. وإذا كان النادي لا يستطيع اليوم تبني لعبة كرة القدم، وقد وصلت إلى الحضيض بكل الفئات، فأين تذهب ريوع هذه الاستثمارات؟ وهل فتحنا كل هذه المشاريع التجارية العملاقة ليموت النادي ويعيش المستثمر؟
وفي الحديث عن المنشآت الرياضية فإنها في وضع لا تحسد عليه أبداً؛ فالملاعب على سبيل المثال غير صالحة على الإطلاق ولم يتبق في بعض الملاعب أكثر من كتل باطون ليجلس عليها المشجعون؛ وإذا صرفنا النظر عن العشب سواء كان طبيعياً أو صناعياً، فإن الملحقات والمرافق والتجهيزات باتت منتهية الصلاحية وصارت أثراً بعد عين، ولا نذيع سراً إن قلنا إن بعض الملاعب لا يوجد فيها كرسي وطاولة لمراقب المباراة، وبعضها تفتقد للتجهيزات، حتى شباك المرمى في كل الملاعب بلا استثناء انتهت صلاحيتها، وكم مباراة شاهدنا فيها الحكام يرقعون الشباك خشية هدف يحدث مشكلة، أما غرف اللاعبين (المشالح) والحمامات فحدث ولا حرج، وإن وجدت مشالح جيدة، فقد تكون المياه غير موجودة لعدم وجود صنابير للمياه!!

ولا نجد من المنطقي أن نتحدث عن القوانين التي وعدنا بإصدارها من القيادة الرياضية، كالقانون المالي، وخصوصاً “أذن السفر” الذي صار لا يكفي ثمن “بسكوتة”، وغيره من الأمور المالية المفترض أن تواكب الواقع المعيشي؛ وكذلك قانون الاحتراف، أو العمل بالتخصص من خلال تخصيص الأندية بألعاب قليلة قادرة على تبنيها ودعمها وتطويرها، لذلك وجدنا الكثير من الألعاب ماتت كالريشة الطائرة والكرة الطائرة وكرة اليد، وغيرها من الألعاب، لأننا لو أردنا إحصاء الألعاب التي ماتت لنسينا الكثير منها لأنها غابت عن ذاكرتنا لعدم وجودها فعلياً، أو لعدم وجود نشاط لها، فكيف سنقيم نشاطاً لألعاب لا تملك لاعبين ولاعبات يمارسونها؟
قبل شهر من الآن، عقد المجلس المركزي اجتماعه المنتظر بعد غياب لسنتين كاملتين، لكننا لم نسمع حتى بمفاعيل هذا الاجتماع، ولم نر أي شيء على أرض الواقع من نتائج هذا الاجتماع، والعلم عند أهل الشأن.
هناك الكثير من الأمور التي لا نريد التحدث عنها، وهي مهمة جداً لأننا وجدنا أنه لا حياة لمن تنادي، فما يحدث في كرة السلة أمر خطير، وعندما نرى أحد الأشخاص المفصولين من المنظمة يتصدر مؤتمراً صحفياً لاتحاد لعبة جماعية، فهذا يدل على أن هذا الشخص أقوى من القرار الذي صدر بحقه، وعندما نجد بعض المتنفذين في الأندية يعيثون في ملاعب كرة القدم فساداً وسوءاً، ولا يجرؤ أحد على إبعادهم عن مناصبهم فهذا قمة الضعف الرياضي!!
.. من أجل كل هذا نقول: رياضتنا ليست بخير!!

البعث