مع الزعيم حسني الزعيم ..ليتني أحكم سورية يوماً واحداً ثم أُقتل في صباح اليوم التالي !!

مع الزعيم حسني الزعيم ..ليتني أحكم سورية يوماً واحداً ثم أُقتل في صباح اليوم التالي !!

ثقافة

الأحد، ٢٨ أغسطس ٢٠١١

لعلّ حسني الزعيم الرئيس السوري لمدة 137 يوماً، والذي أعدم بعدها رمياً بالرصاص بأمر من أعز أصدقائه، كان لغزاً وسيبقى لغزاً إلى أن يماط اللثام عمّا خفي من أحداث ووقائع عصفت بسورية آنذاك.. عشرات الرصاصات اخترقت جسده في منطقة المزة في صباح يوم 30 آذار من عام 1949م، قيل إن من أمر بقتله صديقه اللواء سامي الحناوي، وقيل غير ذلك، حتى إعدامه بقي لغزاً ومكان قيل وقال.
برغم جلوس حسني الزعيم على سدة الحكم في سورية قرابة أربعة أشهر، لكنه في هذه الأشهر الأربعة استطاع إصدار عشرات المراسيم والقرارات التي غيرت مجرى الحياة السياسية في سورية، وعشرات القرارات والمراسيم التي كانت موضع استغراب وتعجب من أهل سورية، كما كان له تصرفات (تضع العقل في الكف)، حلم راود حسني الزعيم أن يتولى أمور سورية وتحقق الحلم وحين انتهى الحلم أخذه معه.
من هو؟
هو حسني ابن الشيخ رضا بن محمد بن يوسف الزعيم.. رائد الانقلابات العسكرية في عالمنا العربي ولد في حلب عام 1897م، كان والده مفتياً في الجيش العثماني، استشهد في هجوم على قناة السويس في الحرب العالمية الأولى سنة 1915، وله شقيقان: الأول الشيخ صلاح والثاني بشير. درس حسني الزعيم في المدرسة الحربية بالأستانة، وقبل أن يُتم دراسته جُعل من ضباط الجيش العثماني، اعتقله البريطانيون في الحرب العالمية الأولى ثم تطوع في الجيش الفيصلي الذي دخل دمشق وحارب العثمانيين، وفي عهد الانتداب الفرنسي تطوع في الجيش الفرنسي، وتابع علومه العسكرية في باريس. بعد وصول قوات فيشي إلى سورية انقلب على الديغوليين، وحارب ضدهم، وفي عام 1941 اعتقله الديغوليون، وأُرسل إلى سجن الرمل في بيروت حتى 17 آب 1943، حيث أُفرج عنه، وسُرّح من الجيش عام 1945 وهو برتبة عقيد، أعاده إلى الجيش الرئيس شكري القوتلي، وعُين رئيساً للمحكمة العسكرية في دير الزور، ثم مديراً لقوى الأمن بدمشق.
وفي أيلول 1948 أصدر رئيس الجمهورية مرسوماً بتعيينه قائداً للجيش بعد ترفعيه إلى رتبة زعيم.. قام في 30 آذار 1949 بانقلابه العسكري ونصّب نفسه رئيساً للدولة، استمر في حكم سورية إلى الساعة 3 و45 دقيقة من يوم 14 آب 1949 حين وضع الزعيم سامي الحناوي الصديق المقرب له حداً لحكمه وأطاح به، وأعدمه رمياً بالرصاص، بالقرب من منطقة المزة على مقربة من مقبرة كانت للفرنسيين في مكان منخفض.
نوادره:
أصدر الرئيس حسني الزعيم مرسوماً جمهورياً منع بموجبه الموظفين والمستخدمين لدى الدوائر الحكومية من ارتداء الطربوش.؟ في حين كان السلطان العثماني سليمان القانوني أصدر فرماناً (مرسوماً) بتعميم ارتداء الطربوش في دوائر ومكاتب الجهات الرسمية العثمانية. 
ويذكر أن حسني الزعيم كان مهتماً بمظهره فحمل العصا الماريشالية التي أوصى عليها من باريس التي كان يتأبطها في الاستقبال الرسمي وقيل إنها كانت مرصعة بالأحجار الكريمة الغالية الثمن والمجوهرات النفيسة !؟ وسدد ثمنها من ميزانية الدولة !؟ ولقب نفسه بالمشير وكان يحب الظهور والأوسمة التي نالها من الجيش الفرنسي على صدره ووضع على عينه المونوكل ( العدسة الواحدة التي توضع على إحدى العينين) مقلداً بذلك الجنرالات الروس والألمان، كما اشترى لنفسه كرسياً للرئاسة يتناسب مع الأبهة التي كان يحب أن يظهر بها أمام الناس.. اعتقل رئيس الجمهورية شكري القوتلي ورئيس الوزراء خالد العظم والنائب فيصل العسلي وقام بحملة اعتقالات واسعة شملت العديد من قاده الأحزاب آنذاك.. حل البرلمان ورفض التفاوض مع النواب، وقّع اتفاقية التابلاين - الأرامكو - مع الأمريكان والسعوديين وقيل إنه قبض عمولته على هذه الصفقة (والله أعلم) كما وقّع اتفاقية الهدنة الدائمة مع العدو الصهيوني التي تنازل فيها عن ما يسمى مستعمرتي - مشمار هاردن، وكعوش ومزرعة الخوري- ومنح في اتفاقية الهدنة مع دولة الصهاينة عشرة أمتار من الضفة الشرقية لبحيرة طبريا إلى إسرائيل.. عقد الزعيم حسني الزعيم صفقة مع حكومة رياض الصلح في لبنان قام بموجبها بتسليم أنطون سعادة زعيم الحزب السوري القومي إلى لبنان ليتم إعدامه بعد أن كان قد أعطى الأمان له.!؟ وكان اللغز الكبير في إطلاقه سراح أرملة الزعيم الوطني السوري فوزي الغزي من السجن بمرسوم بعد أن وعدها أن أصبح رئيساً للجمهورية سيطلق سراحها وتحقق حلمه وحلمها.!؟ أصدر القانون المدني، وقانون إلغاء الأوقاف الذرية، وضع دستوراً جديداً للبلاد يتضمن لأول مرة بأن سورية جمهورية عربية، ويتكرر فيه تعبير (الأمة السورية)، ألغى المدارس الخاصة، وانشأ ديوان المظالم والشكايات، وكان أول من أقام حفلات المزاد العلني على مقتنياته الشخصية (قلم الحبر الذي وقع به معاهدة التابلاين وأزرار بزته العسكرية)، كما كان نصيراً للمرأة حيث منحها حق الانتخاب بعد أن كانت محرومة منه، وكان مشجعاً لإقامة الحفلات الغنائية كحفلات زكية حمدان وماري جبران التي نقلتها الإذاعة السورية يوم ذاك، اشتهر عنه بأنه لا يميل بطبيعته إلى العنف في تصرفاته الخاصة، لأنه مولع بالشراب والجلسات الليلية العامرة باللعب والعبث، كان يغضب بسرعة ويرضى بسرعة.
عداؤه لرجال الدين:
نقرأ في صفحات التاريخ العديد من طرائف هذا الرئيس السوري، وتروي المطبوعات من كتب وصحف ومجلات مواقف له لا بد من التوقف عندها، ومن جملة ما يروى، أن حسني الزعيم أخاف رجال الدين حسبما يروي عديله ومدير مكتبه نذير الفنصة : (تسلمت بمكتبي في رئاسة الأركان العامة رسالة مغفلة مكتوباً عليها (مستعجل وسري جداً) أرسلها المقدم إبراهيم الحسيني رئيس المكتب الثاني والشرطة العسكرية، فتحت الرسالة وقرأتها كانت مثيرة جداً، خلاصتها أن أكثر من مئة من تجار وزعماء الأحياء ذكرت الرسالة أسماء أكثرهم وكلهم من أصحابي وأعرفهم ويعرفهم حسني الزعيم طبعاً، عقدوا صباح أمس اجتماعاً في جامع دنكز بدمشق وناقشوا موضوع القانون المدني، وقانون إلغاء الأوقاف الذرية، وقوانين أخرى حيث كان الزعيم حسني الزعيم أعلن قبل يومين أنه كلف الوزير أسعد كوراني بتحضيرها.. وهاجم بعض الخطباء الزعيم الملحد وقالوا إن القانون المدني لا يتفق مع الإسلام وأنه يلغي قانون الملة الإسلامي إلى غير ذلك، وتبارى الخطباء بالهجوم على الانقلاب العلماني، وبعدها وقف أحد رجال الدين الأفاضل وقال: يا جماعة دعونا لا نندفع بعواطفنا وأنا أعرف حسني الزعيم وأعرف أخاه الشيخ صلاح الزعيم الرجل التقي وحسني الزعيم مسلم وقد يكون بعض رجال حاشيته قد ضللوه وخدعوه وأنا أقترح أن نؤلف وفداً ونذهب لمقابلته وإقناعه بتغيير رأيه، فوافق الجميع على هذا الاقتراح وانتخبوا 25 منهم على أن يتصلوا غداً أي اليوم بسكرتير الزعيم نذير فنصة ليأخذوا موعداً لمقابلة الزعيم، دخلتُ مكتب الزعيم وقرأت له هذه الرسالة فضحك كثيراً وقال متى اتصلوا بك حدد لهم موعداً بعد الغد الساعة 11 صباحاً. وفعلاً عند الظهر اتصل بي الشيخ حسن حبنكة الميداني وهو صديقي ومن علماء الشام وخطيب لامع وجريء جداً فأجبته باحترام كامل إن الزعيم غداً مشغول جداً وبعد الغد الساعة 11 صباحاً تفضلوا لمقابلته.. دخلت لمكتب الزعيم وأبلغته المخابرة.. قال اطلب لي المقدم إبراهيم الحسيني.. طلبت المقدم إبراهيم وأعطيت السماعة للزعيم.. قال الزعيم بشكل جدي جداً، اسمع يا إبراهيم: بعد الغد الساعة 11 وعشر دقائق تماماً تلفن لي وتكلم ما تشاء واسمع مني ولا تجاوبني سوى بنعم، بعد الظهر حضر إلى مكتبي المقدم إبراهيم الحسيني وقال لم أفهم شيئاً من كلام الزعيم ؟ قلت: لقد عرضت عليه تقريرك حول زعماء الأحياء فضحك وقال لي اطلب المقدم إبراهيم، هذا كل ما أعرفه. قال: إنه يسمع منك يا نذير، اذهب إليه مساءً في منزله وأبلغه بشكل لبق جداً أن لا يتحرش بهؤلاء الزعماء وأن يستقبلهم بشكل لائق، لا نحب أن ندخل في مشاكل معهم، إنهم أقوياء جداً ولهم شعبية ونحن بحاجة إليهم، لا نريد مشاكل يا أخ نذير. قلت: أنا من رأيك سيما وأكثر الوفد المؤلف من أصحابي.. وفي المساء حسب عادتي تناولت مع الزعيم طعام العشاء وعرضت وجهة نظر المقدم إبراهيم الحسيني وتأييدي له، فضحك الزعيم كثيراً وقال سترى غداً.. قلت له إياك أن تهينهم أو تسيء استقبالهم، والله والله أنا أترك هذا المكتب وأذهب إلى بيتي.. في الموعد المحدد وقبل 7 دقائق حضر ما يقارب من العشرين زعيماً فرحبت بهم بحرارة وبقينا وقوفاً لأن مكتبي كان غرفة صغيرة بجانب مكتب حسني الزعيم، في الساعة 11 تماماً فتحت الباب، فوجدت الزعيم واضعاً (المونوكل) أي زجاجة واحدة على عينه على الطريقة الجرمانية وبيده عصى صغيرة يحملها عادةً كبار الضباط وبيده اليسرى الكفوف البيضاء، فضحكت سراً على هذا المنظر الكاريكاتوري.. دخل الزعماء فبدأ الزعيم يرحب بهم بحرارة ويذكر أسماءهم وداعب بعضهم بعبارات لطيفة جداً.. في الساعة 11 وعشر دقائق دق التلفون فأخذت السماعة وكان المقدم إبراهيم الحسيني على الخط فقلت: المقدم إبراهيم الحسيني يريد أن يكلمك، فقال الزعيم : قل له أن ينتظر على الخط، وبعد أن صافح الجميع ورحب بهم أخذ السماعة وقال: نعم مقدم إبراهيم، ماذا، ماذا، أنا لا أسمح بمثل هذه الأمور، أخرجه من الزنزانة وأعدمه فوراً في ساحة سجن المزة، كان يحمل مسدساً أم موس، لا فرق موس أم مسدس، أطلق النار عليه فوراً، أنا لا أسمح، لا أوافق أن يعترضني أحد، وضعت دمي على كفي أريد أن أصلح، أريد أن أطبق القوانين، لا أقبل بأي أمر من هذا النوع افهم.. أنا فهمت التمثيلية فنظرت إلى وجوه المشايخ فوجدتها قد اصفرت وكل واحد ينظر إلى رفيقه، وبعد هذه المخابرة أرجع سماعة التلفون بعصبية وقال: قبضوا على شاب معه مسدس، أمرت بإعدامه فوراً، أنا سأربي هذا الشعب الذي علمه شكري القوتلي الاستخفاف بالدولة والقوانين، ما كان عهد القوتلي عهد هيبة، كان عهد فوضى، ثم أضاف بصوت جهوري: تفضلوا ماذا تأمرون؟ لم يتكلم أحد كأن على رؤوسهم الطير، كل واحد ينظر إلى الآخر، وبعد دقيقة جمود قال أحدهم جئنا لتهنئتك والله يوفقك والسلام عليكم واندفع نحو الباب بدون أن يصافحه وتبعه البقية وكأن حريقاً وقع في الغرفة والشاطر منهم يخرج قبل الآخر.. قال لي الشيخ (حبنكة الميداني) وهو يودعني: أعانك الله يا نذير، إنه مجنون، كيف يعدم شخصاً بدون محاكمة فقد يكون هذا المسدس الذي وجد معه للدفاع عن النفس، هذه مهزلة وخرجوا، بعضهم صافحني مودعاً وحزيناً والبعض هرول بالخروج.. دخلت على الزعيم فوجدته مستلقياً على كرسيه ورجلاه على الطاولة، يضحك ويضحك ويمسح عينيه بمنديله من كثرة الضحك.. وبعد أيام نشر القانون المدني ونشرت قوانين أخرى منها إلغاء الأوقاف الذرية ولم يصدر أي صوت أو اعتراض لا من رجال الأحياء ولا من غيرهم، لأن قصة المسدس الوهمي أصبحت حديث أهل الشام. )
الحمار والبرنيطة:
يروى أن حسني الزعيم تأثر بما جرى في تركيا أيام مصطفى كمال (أتاتورك) وتأثر بقانون ما يسمى «القيافة» الذي أصدره أتاتورك عام 1926 ومنع بموجبه استعمال الطربوش في الأراضي التركية، فوضع الرئيس السوري مشروعاً لتوحيد اللباس، وإلغاء الطربوش، وأمر ذات مرة الشرطة والدرك بمعاقبة كل من يظهر في الشارع مرتـدياً البيجاما قبل أن يصدر مرسوماً بذلك.
ويروى أن الشيخ أحمد كفتـارو ذكر عن حسني الزعيم أنه كان إنساناً مستعجلاً ومتحمساً، وعندما استـلم الحكم أراد علمنة البلاد على الطريقة الأتاتوركية بين ليلة وضحاها.. وكان كفتـارو على صلة ومعرفة مع الرئيس الزعيم، وعندما أمر الزعيم بمنع الطربوش ولبس البرنيطة.. لم يلق هذا الأمر استحسان الناس بل على العكس لقي استهجانهم واستغرابهم مما دفعهم للشكوى للشيخ كفتارو ليرى حلاً لهم مع الرئيس الزعيم، فزار كفتارو الرئيس السوري وحاوره بطريقة كوميدية وذكية وبعد حديث ديني بسيط بدأ كفتـارو يستنكر محاولة حسني الزعيم علمنة البلاد. «واستهجن» طلبه منع الطربوش والإصرار على لبس البرنيطة. فقال له  السيد الرئيس: عندما يتم اكتـشاف دواء جديد في الغرب تتم تجربته على الحيوانات بداية وبعد أن تتم التجارب عليه ويثبت نفعه يتم تعميم العلاج وطرحه بالسوق. هات لنا عدداً من الحمير ولنلبسها برنيطة.. ولنتركها فترة شهر أو شهرين.. فإن أصبحت هذه الحمير بعد شهرين ذكية وعاقلة.. فأنا معك ولكن صدقني بعد شهرين لن يكون لدينا إلا حمار ببرنيطة أو.. خواجا حمار..
أتاتورك سورية:
عندما قام الزعيم بانقلابه أخذ بعضهم يؤيد هذا الانقلاب بطريقته الخاصة، فحول أحدهم اسم صيدليته بدمشق وسمّاها صيدلية الانقلاب (وهي لم تزل قائمة في الشعلان ومنذ عدة سنوات فقط تم إلغاء اسمها إلى صيدلية الشعلان بعد وفاة صاحبها) أما الصحفي منير الريس فحوّل اسم جريدته وسماها (الانقلاب) وأراد الاستفادة من عمله هذا، فأخذ العدد الأول الذي حمل الاسم الجديد لجريدته إلى العقيد بهيج كلاس معاون حسني الزعيم طمعاً في مكافأة، فحمل الكلاس بدوره الجريدة وقدمها إلى الزعيم، قلب الزعيم الجريدة ملياً، ويتابع عدنان الملوحي القول: (قال لبهيج روح تلحس.. أنت وإياه.. يعني إذا غير اسم جريدته، صار مثلي صاحب أول انقلاب في سورية... أنا كمال أتاتورك سورية إذا لم تعلم.. وهل يظن هذا الصحفي أننا سنعطيه شيئاً أو ثمناً مقابل ذلك، والذي لا يعجبه الانقلاب يروح (...) دخلك إذا رحنا بكرا وأجا غيرنا، ماذا سيسمي جريدته روح رجع له جريدته بعدما تمسح فيها.. (.. تلحس.. أنت وإياه...)
آخر طرائفه قبل أن يقتل:
قبل تنفيذ حكم الإعدام بالرئيس حسني الزعيم بأيام قليلة، نمى إليه أن هنالك شخصية سياسية في حلب تتحدى سلطته وأن هذا الشخص كثير حديث السوء عن الزعيم، فجمع حاشيته على عجل وقال لهم أريد أن أعرف من هو هذا الذي يتحدى سلطتي في حلب..؟ فقالوا له : إنه رشدي الكيخيا الزعيم الوطني المعروف ورئيس حزب الشعب.. فأمر بجلبه مخفوراً من حلب إلى دمشق ليمثل بين يديه.. ولما حضر أمامه قال له بعد أن نظر إليه ملياً: هل أنت رشدي الكيخيا. فأجابه : نعم.. فقال له الرئيس: إيه روح تلحس (....) وطلب مباشرة من أعوانه إعادته إلى حلب مخفوراً ومن ثم إطلاق سراحه في حلب.. وهنا قال له رشدي الكيخيا: أما كان الأفضل أن تقولها لي بالهاتف.. واسمح لي أن أذهب بمفردي.. لكنه رفض وأعاده مخفوراً إلى حلب..؟ واشتهر الزعيم باستعماله الكلمات النابية وخاصة (تلحس..) وسبّه للناس وحتى طردهم.
ولكن مجلة الصياد اللبنانية في أحد أعدادها الصادرة عام 1957م ذكرت أن هذه الحادثة وقعت مع السياسي السوري المعروف أحمد قنبر.
لقد كان الزعيم حسني الزعيم تواقاً للسلطة••• وله كلمة مأثورة، كان يرددها في مجالسه الخاصة منذ طفولته وهي قوله: "ليتني أحكم سورية يوماً واحداً، ثم أُقتل في صباح اليوم التالي!!". ويروى أيضاً أنه حين استلم السلطة في سورية كان يقف ببزته العسكرية وعصا الماريشالية بيده أمام المرآة مخاطبا نفسه: "والله وصرت رئيس جمهورية" وأصبح رئيساً للجمهورية ولكن حلمة لم يدم طويلا 137 يوماً فقط رئيساً لسورية، ويقولون في ال 137 يوماً خرب بها سورية وفتح باباً "على حد قول فارس الخوري" من الصعب إغلاقه.؟
من جاء به إلى سدة الحكم.؟ هل كان رئيساً صالحاً أو طالحاً.؟ هل عمل لأجل سورية أو ضدها.؟ وهل.. وهل..؟ إنه الزعيم حسني الزعيم صاحب أول انقلاب عسكري في تاريخ سورية المعاصر والذي قال عنه مايلز كوبلاند، عضو المخابرات المركزية الأمريكية " سي اي ايه " في كتابه لعبة الأمم : "إن انقلاب حسني الزعيم كان من إعدادنا وتخطيطنا، فقد قام فريق العمل السياسي بإدارة الميجر ميد بإنشاء علاقات صداقة منتظمة مع حسني الزعيم، ومن خلال هذا الصداقة أوحى الميجر ميد لحسني الزعيم بفكرة القيام بانقلاب عسكري، وضعت السفارة كامل خطته". 
وكتب دوغلاس ليتل عنه في مجلة ميدل ايست جورنال، يقول: إن السجلات التي رُفع الحظر عنها مؤخراً تؤكد أن ميد اجتمع سراً، اعتباراً من 30 تشرين الثاني 1948، مع الزعيم حسني الزعيم ست مرات على الأقل، لبحث إمكانية قيام دكتاتورية يدعمها الجيش. 


شمس الدين العجلاني - أثينا 
alajlani.shams@hotmail.com