يمكن إيجاد الحلول لها مشكلات المراهقين.. تمرد على المجتمع.. وأسرار تجمع ما بين الأمنيات
شعوب وعادات
السبت، ١٥ فبراير ٢٠٢٠
ترتبط مشكلات سن المراهقة بإحساس الفرد بشخصيته المستقلة، وميله للتخلص من جميع القوانين التي تلزمه الأسرة أو حتى المجتمع بها، ويشعر الطفل الكبير “المراهق” بنوع من النمو والوعي الذي وصل إليه، وهنا يبدأ بالاستقلال عن والديه، وعدم الرجوع إليهما في اتخاذ القرارات الهامة والعادية كاختيار الأصدقاء الذين غالباً ما يلعبون دوراً كبيراً في التأثير عليه في سلوكه، أو أفكاره، ورغباته وميوله، وهذا يرتبط بمستقبل المراهق، قد تكون ردود الأفعال عنده أكبر بكثير كالرغبة في السيطرة على من حوله في الأسرة والمدرسة، ويصل الأمر إلى استخدام العنف في معاملتهم، وتلعب مواقع التواصل الاجتماعي تأثيراً سلبياً فيما يعتقده أو يتوهمه، ما يتسبب بفقدان مهاراته في التواصل، ويصل ذلك إلى الاضطرابات النفسية كالعزلة، والانطواء، والابتعاد عن الأسرة، وفي بعض الحالات يؤثر ذلك على شهيته بما يسمى اضطرابات في الشهية تجاه الأكل، فتزداد رغبة البعض بتناول المزيد من الطعام، أو التقليل منه.
تقليد الآخرين
المراهق يلجأ إلى عملية التقليد لما يراه كالتدخين، أو تعاطي المخدرات، وقد يصل الأمر إلى السرقة، وتفسر الدكتورة في علم النفس علا مهنا أن هذه الأفعال تعود إلى اعتقاد المراهق بأنه على حق، وحساسيته المفرطة تجاه رأي الآخرين، حيث يرفض الانتقادات والنصائح، لذلك على الأهل التقرب من أبنائهم المراهقين، ومعاملتهم كأصدقاء، والابتعاد عن أسلوب فرض الآراء، وكسب ثقتهم من أجل الوصول إلى أسرارهم، وما يدور في رأسهم من أفكار، ويمكن غرس القيم الفاضلة والأخلاق الحميدة في نفوس الأبناء، وتشجيعهم على أداء مختلف النشاطات الإنسانية التي تغذي مفهوم التعاون واحترام الآخر، وتضيف مهنا: علينا عدم السخرية من المشاكل التي يواجهها المراهق، وإبداء الاهتمام في التعامل معه، وتشجيعه على ضرورة الهدوء، والابتعاد عن العصبية والعنف وإيذاء الآخرين، وهنا يجب التأكيد على أن المراهقة هي مرحلة فاصلة بين الطفولة والرشد، وغالباً تكون في عمر الثانية عشرة، وتستمر إلى عمر الواحد والعشرين، ما يعني أنها أهم المراحل العمرية التي يمر بها الإنسان، والتي تحدد شخصيته وكيانه، وهي مرحلة انتقالية ما بين البراءة وحقيقة الواقع المعاش، ويتخللها تغيير جذري وشامل في جميع الجوانب الجسدية، والنفسية، والعقلية.
الاهتمام بالمظهر
ينظر البعض إلى مرحلة المراهقة على أنها أزمة عمرية، وهذا ما يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لبعض الأهالي، وعجزهم عن إيجاد حلول وطرق معالجة صحيحة للتعامل مع أبنائهم، وهذه المشاكل قد تحول دون الاستقرار النفسي للمراهق، بالإضافة إلى الخلل في عملية التوافق الذاتي والاجتماعي، وبحسب الدكتورة في علم الاجتماع رهام حاطوم فإن المشاكل الذاتية هي التي من الممكن أن تكون نفسية المصدر، وغالباً تكون متعلقة بذات المراهق، وبمظهره الخارجي، أي أنه يراقب مظهره الخارجي باستمرار، ويشغل تفكيره بشكل كبير، حيث يترصد جميع المتغيرات العضوية والفسيولوجية التي من الممكن ملاحظتها على المظهر العام مع نموه في العمر، ومعظم سلوك المراهق يكون ردات فعل على من حوله بسبب هذه التغييرات الجسدية التي تظهر عليه، حيث يبدأ الصراع النفسي مع الجسد، يتحول إما إلى غرور واندفاع وتعال إذا اتصف بالوسامة والجمال، أو العكس يقوم بالانسحاب والتبرير والأساليب الدفاعية لتعويض الشعور بالنقص، وتنتج عن هذا الصراع صفات مختلفة إيجابية وسلبية تظهر باستجابات الفرد لمن حوله كالشعور بالخوف من الأبوين، أو المدرّسين، وهذا ما يجعله شخصاً قلقاً وغير مستقر، بالإضافة إلى الخوف من الفشل العلمي والمستقبل الدراسي، أو مخاوف اقتصادية، وعدم القدرة على حل مشاكل مادية تتعلق به.
دور المجتمع
يجب أن تقوم علاقة الفرد مع مجتمعه على أساس التفاهم والعطاء المتبادل، والانفتاح على الخبرات والتجارب الاجتماعية الجديدة، والتفاعل معها بشكل إيجابي، ويظهر ذلك التربية التي تعتمد على الحب، والتوعية، والمساعدة على التكيف مع المتغيرات التي تظهر على المراهق، وتتابع حاطوم: إن النظرة غير السوية للمجتمع والأصدقاء كالسخرية والازدراء وتأنيب الضمير إزاء بعض الأخطاء التي يقوم بها المراهق كالغش في الامتحانات، أو توجيه الإساءات للآخرين، تخلق مشاعر وأحاسيس سلبية في السعي المستمر نحو الاستقلال والحرية، فغياب التوافق النفسي والذاتي يؤدي إلى العجز عن تحقيق الوصول إلى المستوى المطلوب من التوازن، وبذلك يتحول المراهق إلى شخص انفعالي ومتهور، أو منعزل وعدواني، وذلك تبعاً للتباين في استجابات المراهق على الأساليب السوية للتربية الصحيحة، بالإضافة إلى عدم التوافق النفسي الذي يعد من أهم وأخطر المشكلات التي يمكن أن يتعرّض لها المراهق، حيث يصبح هائجاً ومتخبطاً في مشاعره السلبية، ويلجأ إلى البكاء والحزن والقلق والضيق المستمر، وغياب الاستقرار والأمان، وهي استجابات انفعالية مبالغ بها، ويظهر أيضاً على المراهق عدم التوافق النفسي، والتقلّب في علاقته مع الآخرين وتذبذبها، ما يسبب الشعور بعدم جدوى الحياة، والفراغ، والعزلة، والوحدة، وافتقار التوازن، والعزلة الوجدانية، والافتقار العاطفي.
الاتزان الذاتي
تتطلب مرحلة المراهقة تحقيق حالة من الاتزان الذاتي والنفسي والاجتماعي والانفعالي عن طريق التنشئة الاجتماعية والأسرية السوية، والتدريب على عمليات التأقلم والتكيف، فكلما كان المراهق قادراً على تفهم وتقبّل ذاته كان أكثر قدرة على التوافق مع الذات والبيئة، وتؤكد حاطوم أن مرحلة المراهقة تختلف من فرد إلى آخر حسب الاختلافات الثقافية والحضارية، والبيئة الجغرافية، بالإضافة إلى الأثر الواضح للقيم والأديان والمعتقدات، فالمراهق في المجتمع الريفي يختلف عن المراهق في المجتمع الحر، وتظهر هذه الاختلافات في مستوى تلبية الحاجات المختلفة والفرص المتاحة لإشباعها، كما تتأثر مرحلة المراهقة بالخبرات السابقة التي مر بها الفرد في مرحلة الطفولة، لأنها نتيجة لسلسلة المثيرات البيئية والاجتماعية، أي علاقة الفرد مع الأسرة التي تظهر الاختلاف المتباين في وجهات النظر بين الأجيال.
ميادة حسن