هأرتس: إيران وحدها من سيملي شروط الحل السياسي في سورية
الصحف العبرية
السبت، ٢٥ يوليو ٢٠١٥
تسفي برئيل - هأرتس
الكلمات المطولة التي ظهرت على لافتة في مؤتمر عقد هذا الاسبوع في تركيا في انطاكيا، اضطرت الى التزاحم على قطعة القماش، "اعادة تنظيم المجلس العسكري الاعلى بشكل يلائم قوات التمرد والمقاتلين العاملين في الميدان"، هذا ما كتب على اللافتة التي علقت على جدار قاعة المؤتمرات الصغيرة، وفي المكان تواجد نحو ثلاثين ضابطا يمثلون جزءً من الجيش السوري الحر الذي يعمل في سوريا. وفي نهاية المؤتمر أعلن الضباط عن اقامة مجلس عسكري أعلى يكون الجنرال عبد الكريم الاحمد رئيسا له.
المشكلة هي أنه يوجد لجيش سوريا الحر قائد اركان هو احمد بري الذي يقوم في هذه الايام بمشاورات واتصالات مع عدد من المليشيات لاقامة قيادة عسكرية موحدة تعمل تحت المعارضة السياسية التي حظيت بالاعتراف الدولي. وقد سارعت المعارضة الى الاعلان أنها لا تعترف بالتنظيم الجديد وان المؤتمر هدفه تضليل الجمهور.
تنصل المعارضة من التنظيم الجديد يظهر الخلاف والصراع بين القوات في الميدان وبين القيادة السياسية التي تتواجد خارج سوريا. كان من المفترض أن ينصاع الجيش السوري الحر للمجلس العسكري الاعلى التابع للمعارضة، لكن المجلس تم حله ويسعى اعضاءه الان الى بناء مجموعة اكبر من المليشيات، اذا تعاونت هذه المليشيات، العداء بين قوات المتمردين في سوريا وبين المعارضة السياسية عميق جدا، لدرجة فشل كل محاولات المعارضة باقامة ممثلية داخل سوريا.
المعارضة ضعيفة وغير فعالة وفي مقابلة لموقع "جميعنا شركاء" الذي يغطي اعمال المعارضة والقوى في الميدان، اشتكى رئيس الحكومة المؤقتة التي اقامتها المعارضة، احمد طعمة، اشتكى بان الميزانية فارغة. وحسب قوله فان النشطاء يعملون بشكل تطوعي ومعظم وعودات التمويل التي حصلت عليها المعارضة بقيت على الورق، باستثناء مليوني دولار وصلت من قطر، صحيح أن الولايات المتحدة حولت 6 ملايين دولار للحكومة المؤقتة، لكن هذه المساعدة قدمت على شكل مواد أساسية وليس أموال.
طعمة لا يخدع نفسه حول قدرة المتمردين او المعارضة السياسية على اسقاط نظام بشار الاسد، "الاسد لن يسقط في الشهر القادم او الستة شهور القادمة"، قال في المقابلة، "الاسد سيسقط عندما يقرر المجتمع الدولي ذلك... لكن المجتمع الدولي لن يسمح للمتمردين باسقاط الاسد ولن يسمح للاسد بالتغلب على المتمردين. لان انتصار طرف واحد سيعيق جهود السلام في الدولة. لان الطرف المنتصر لا يمكن ان يقبل شروط المجتمع الدولي".
احدى ادعاءات طعمة الاساسية ضد المجتمع الدولي ومن ضمنه الدول العربية، هي ان طريقة تمويل الدول للمليشيات خلقت "بارونات حرب مصلحتهم ليست بوجود سلطة مركزية تدير الدولة". ونتيجة لذلك، فان حكومة سوريا في المنفى لا تنجح بتركيز ادارة المعابر الحدودية، التي هي تحت سيطرة المليشيات المختلفة، بالرغم من أنها وعدت قادة المليشيات بان يربحوا اكثر تحت قيادة مركزية مما يربحوه الان من ادارة المعابر. اضافة لذلك فان الحكومة في المنفى غير مسؤولة عن نقل المساعدات الانسانية لسوريا. عندما وافقت تركيا على ادخال الوقود الى المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، تم الامر بمساعدة منظمة انسانية تركية (AFAD) وليس عن طريق حكومة المنفى، وذلك خوفا من وصول المساعدات الى جهات لا تريدها تركيا.
مثال على وجود اخطبوط حرب لديه 200 ذراع والذي يتكون من مليشيات المتمردين في سوريا، هو قرار سوريا الحر الذي يعمل في منطقة كوباني. وسبب ذلك السرقات ورفض الوحدات بان تحارب ضد قوات تنظيم الدول الاسلامية (داعش) اقيمت مليشيات "بركان الفرات" عام 2014 باعقاب انضمام عدة مليشيات، من ضمنها لجان الدفاع الكردية "كتائب شمس الشمال"، "تمردي مدينة الرقة" التي يسيطر عليها (داعش). "كتائب فجر الحرية"، "جيش العقاب"، "كتائب جربلوس" والمزيد من شظايا المنظمات، "البركان". صحيح انه يوجد قائد ولكن كل مليشيا لها قادتها ولها مصالحها الخاصة.
حسب عدة تقارير فان جزء من المليشيات ومن ضمنها المليشيات الكردية في مقاطعة الحسكة، تتعاون مع الجيش السوري الذي يقدم لها سلاح وذخيرة من أجل المساعدة في الحرب ضد داعش. لكن التعقيد لا ينتهي هنا، يعتبر الجيش الامريكي والسي.آي.ايه ان لجان الدفاع عن الشعب الكردي حلفاء في الحرب ضد داعش وتقدم لهم المساعدة رغم عدم رضى تركيا عن ذلك، التي تخاف من اقامة ولاية كردية مستقلة في سوريا، مثل المنطقة الكردية في العراق، والنتيجة هي ان تلك المليشيات الكردية التي تحارب داعش، تعمل بالتنسيق مع النظام السوري وتحظى بالمقابل من مساعدات امريكية.
في المجال الجنوبي لسوريا، في منطقة الحدود مع الاردن، يبدو ان المليشيات تتعاون بالذات، على الاقل على المستوى المدني. وحسب بحث أجرته مريكا سونسبسكي ونشر في موقع (SyriaComment )، فانه رغم الخلافات الايديولوجية والاستراتيجية بين المليشيات في منطقة درعا قرب الحدود، بمن فيها جبهة النصرة، وافقت المليشيات على توحيد القوى لاقامة جهاز قضائي مدني يساعد في ادارة المنطقة.
هكذا مثلا، في المحاكم يعمل قضاة يمثلون مليشيات مختلفة وانفاذ القانون يتم بناء على قرارات القضاة. هذه المليشيات، باستثناء جبهة النصرة مدعومة بشكل تفصيلي من القيادة العسكرية المشتركة لجيوش التحالف الغربي والعربي ومركزها عمان في الاردن. ومع ذلك، فان العلاقة بين قوات "الثوار" الذين يعملون في الجنوب واولئك الذين يعملون في شمال سوريا هزيلة ولا تسمح بنقل النموذج الجنوبي الى الشمال.
وهذا المعيار لعلاقة المليشيات يفحص الان آثار الاتفاق النووي مع ايران على الحرب الاهلية في سوريا. ويتفق كل الناطقين بلسان المليشيات على أن شلالات المال التي ستنزل على ايران كنتيجة للاتفاق، ستمنح الاسد وحزب الله الذي يقاتل الى جانبه الامان الاقتصادي اللازم لهما. وليس هذا تمويلا للعمل العسكري الجاري فقط، بل وايضا تطويرا لقدرة الاسد وحلفاءه.
وفضلا عن ذلك، يبدو أن ايران لن تكون وحدها في الساحة مع الاسد. فحسب تقارير في دولة اتحاد الامارات، سيصل في الايام القريبة القادمة وفد دبلوماسي رسمي عنها لفحص امكانية اعادة فتح سفارة اتحاد الامارات في دمشق. وتخشى هذه الدولة امكانية ان تسيطر المليشيات المتطرفة وداعش على الدولة وترى في الاسد عنصرا هاما لمنع هذا الاتجاه.
اذا ما تأكد التقرير فستكون هذه بصقة في وجه السعودية التي تبلور تحالفا للحرب سواء ضد داعش ام ضد الاسد. وهذه الخطوة كفيلة بان تسحق التحالف العربي الذي يستهدف اضعاف نفوذ ايران في الشرق الاوسط. وفي ظل غياب استراتيجية متفق عليها من القوى العظمى الغربية والدول العربية حول الشكل الذي تعمل فيه في سوريا، فان ايران تتمتع بموقع قوة متفوق وهي التي ستتمكن ظاهرا من املاء شروط الحل السياسي.
ولكن حتى في هذا التقدير هناك بعض العلل. فايران لا تملك موقع نفوذ لا على داعش ولا على جبهة النصرة المسيطرتين. وتدعم السعودية المليشيات الاسلامية "المعتدلة" ولن تسمح للحل الايراني بتصميم مستقبل الدولة. عمليا ليس فقط الصراع بين الاسد والثوار لا يحسم، بل وميزان القوى بين الدول ذات المصالح في سوريا وصل الى مأزق ليس فيه طرف منتصر. والان، كل ما تبقى للاطراف عمله هو القتال على السيطرة على قرية اخرى وطريق آخر.
الكلمات المطولة التي ظهرت على لافتة في مؤتمر عقد هذا الاسبوع في تركيا في انطاكيا، اضطرت الى التزاحم على قطعة القماش، "اعادة تنظيم المجلس العسكري الاعلى بشكل يلائم قوات التمرد والمقاتلين العاملين في الميدان"، هذا ما كتب على اللافتة التي علقت على جدار قاعة المؤتمرات الصغيرة، وفي المكان تواجد نحو ثلاثين ضابطا يمثلون جزءً من الجيش السوري الحر الذي يعمل في سوريا. وفي نهاية المؤتمر أعلن الضباط عن اقامة مجلس عسكري أعلى يكون الجنرال عبد الكريم الاحمد رئيسا له.
المشكلة هي أنه يوجد لجيش سوريا الحر قائد اركان هو احمد بري الذي يقوم في هذه الايام بمشاورات واتصالات مع عدد من المليشيات لاقامة قيادة عسكرية موحدة تعمل تحت المعارضة السياسية التي حظيت بالاعتراف الدولي. وقد سارعت المعارضة الى الاعلان أنها لا تعترف بالتنظيم الجديد وان المؤتمر هدفه تضليل الجمهور.
تنصل المعارضة من التنظيم الجديد يظهر الخلاف والصراع بين القوات في الميدان وبين القيادة السياسية التي تتواجد خارج سوريا. كان من المفترض أن ينصاع الجيش السوري الحر للمجلس العسكري الاعلى التابع للمعارضة، لكن المجلس تم حله ويسعى اعضاءه الان الى بناء مجموعة اكبر من المليشيات، اذا تعاونت هذه المليشيات، العداء بين قوات المتمردين في سوريا وبين المعارضة السياسية عميق جدا، لدرجة فشل كل محاولات المعارضة باقامة ممثلية داخل سوريا.
المعارضة ضعيفة وغير فعالة وفي مقابلة لموقع "جميعنا شركاء" الذي يغطي اعمال المعارضة والقوى في الميدان، اشتكى رئيس الحكومة المؤقتة التي اقامتها المعارضة، احمد طعمة، اشتكى بان الميزانية فارغة. وحسب قوله فان النشطاء يعملون بشكل تطوعي ومعظم وعودات التمويل التي حصلت عليها المعارضة بقيت على الورق، باستثناء مليوني دولار وصلت من قطر، صحيح أن الولايات المتحدة حولت 6 ملايين دولار للحكومة المؤقتة، لكن هذه المساعدة قدمت على شكل مواد أساسية وليس أموال.
طعمة لا يخدع نفسه حول قدرة المتمردين او المعارضة السياسية على اسقاط نظام بشار الاسد، "الاسد لن يسقط في الشهر القادم او الستة شهور القادمة"، قال في المقابلة، "الاسد سيسقط عندما يقرر المجتمع الدولي ذلك... لكن المجتمع الدولي لن يسمح للمتمردين باسقاط الاسد ولن يسمح للاسد بالتغلب على المتمردين. لان انتصار طرف واحد سيعيق جهود السلام في الدولة. لان الطرف المنتصر لا يمكن ان يقبل شروط المجتمع الدولي".
احدى ادعاءات طعمة الاساسية ضد المجتمع الدولي ومن ضمنه الدول العربية، هي ان طريقة تمويل الدول للمليشيات خلقت "بارونات حرب مصلحتهم ليست بوجود سلطة مركزية تدير الدولة". ونتيجة لذلك، فان حكومة سوريا في المنفى لا تنجح بتركيز ادارة المعابر الحدودية، التي هي تحت سيطرة المليشيات المختلفة، بالرغم من أنها وعدت قادة المليشيات بان يربحوا اكثر تحت قيادة مركزية مما يربحوه الان من ادارة المعابر. اضافة لذلك فان الحكومة في المنفى غير مسؤولة عن نقل المساعدات الانسانية لسوريا. عندما وافقت تركيا على ادخال الوقود الى المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، تم الامر بمساعدة منظمة انسانية تركية (AFAD) وليس عن طريق حكومة المنفى، وذلك خوفا من وصول المساعدات الى جهات لا تريدها تركيا.
مثال على وجود اخطبوط حرب لديه 200 ذراع والذي يتكون من مليشيات المتمردين في سوريا، هو قرار سوريا الحر الذي يعمل في منطقة كوباني. وسبب ذلك السرقات ورفض الوحدات بان تحارب ضد قوات تنظيم الدول الاسلامية (داعش) اقيمت مليشيات "بركان الفرات" عام 2014 باعقاب انضمام عدة مليشيات، من ضمنها لجان الدفاع الكردية "كتائب شمس الشمال"، "تمردي مدينة الرقة" التي يسيطر عليها (داعش). "كتائب فجر الحرية"، "جيش العقاب"، "كتائب جربلوس" والمزيد من شظايا المنظمات، "البركان". صحيح انه يوجد قائد ولكن كل مليشيا لها قادتها ولها مصالحها الخاصة.
حسب عدة تقارير فان جزء من المليشيات ومن ضمنها المليشيات الكردية في مقاطعة الحسكة، تتعاون مع الجيش السوري الذي يقدم لها سلاح وذخيرة من أجل المساعدة في الحرب ضد داعش. لكن التعقيد لا ينتهي هنا، يعتبر الجيش الامريكي والسي.آي.ايه ان لجان الدفاع عن الشعب الكردي حلفاء في الحرب ضد داعش وتقدم لهم المساعدة رغم عدم رضى تركيا عن ذلك، التي تخاف من اقامة ولاية كردية مستقلة في سوريا، مثل المنطقة الكردية في العراق، والنتيجة هي ان تلك المليشيات الكردية التي تحارب داعش، تعمل بالتنسيق مع النظام السوري وتحظى بالمقابل من مساعدات امريكية.
في المجال الجنوبي لسوريا، في منطقة الحدود مع الاردن، يبدو ان المليشيات تتعاون بالذات، على الاقل على المستوى المدني. وحسب بحث أجرته مريكا سونسبسكي ونشر في موقع (SyriaComment )، فانه رغم الخلافات الايديولوجية والاستراتيجية بين المليشيات في منطقة درعا قرب الحدود، بمن فيها جبهة النصرة، وافقت المليشيات على توحيد القوى لاقامة جهاز قضائي مدني يساعد في ادارة المنطقة.
هكذا مثلا، في المحاكم يعمل قضاة يمثلون مليشيات مختلفة وانفاذ القانون يتم بناء على قرارات القضاة. هذه المليشيات، باستثناء جبهة النصرة مدعومة بشكل تفصيلي من القيادة العسكرية المشتركة لجيوش التحالف الغربي والعربي ومركزها عمان في الاردن. ومع ذلك، فان العلاقة بين قوات "الثوار" الذين يعملون في الجنوب واولئك الذين يعملون في شمال سوريا هزيلة ولا تسمح بنقل النموذج الجنوبي الى الشمال.
وهذا المعيار لعلاقة المليشيات يفحص الان آثار الاتفاق النووي مع ايران على الحرب الاهلية في سوريا. ويتفق كل الناطقين بلسان المليشيات على أن شلالات المال التي ستنزل على ايران كنتيجة للاتفاق، ستمنح الاسد وحزب الله الذي يقاتل الى جانبه الامان الاقتصادي اللازم لهما. وليس هذا تمويلا للعمل العسكري الجاري فقط، بل وايضا تطويرا لقدرة الاسد وحلفاءه.
وفضلا عن ذلك، يبدو أن ايران لن تكون وحدها في الساحة مع الاسد. فحسب تقارير في دولة اتحاد الامارات، سيصل في الايام القريبة القادمة وفد دبلوماسي رسمي عنها لفحص امكانية اعادة فتح سفارة اتحاد الامارات في دمشق. وتخشى هذه الدولة امكانية ان تسيطر المليشيات المتطرفة وداعش على الدولة وترى في الاسد عنصرا هاما لمنع هذا الاتجاه.
اذا ما تأكد التقرير فستكون هذه بصقة في وجه السعودية التي تبلور تحالفا للحرب سواء ضد داعش ام ضد الاسد. وهذه الخطوة كفيلة بان تسحق التحالف العربي الذي يستهدف اضعاف نفوذ ايران في الشرق الاوسط. وفي ظل غياب استراتيجية متفق عليها من القوى العظمى الغربية والدول العربية حول الشكل الذي تعمل فيه في سوريا، فان ايران تتمتع بموقع قوة متفوق وهي التي ستتمكن ظاهرا من املاء شروط الحل السياسي.
ولكن حتى في هذا التقدير هناك بعض العلل. فايران لا تملك موقع نفوذ لا على داعش ولا على جبهة النصرة المسيطرتين. وتدعم السعودية المليشيات الاسلامية "المعتدلة" ولن تسمح للحل الايراني بتصميم مستقبل الدولة. عمليا ليس فقط الصراع بين الاسد والثوار لا يحسم، بل وميزان القوى بين الدول ذات المصالح في سوريا وصل الى مأزق ليس فيه طرف منتصر. والان، كل ما تبقى للاطراف عمله هو القتال على السيطرة على قرية اخرى وطريق آخر.