"الدين لله والوطن للجميع"..بقلم كوليت الخوري
تحليل وآراء
الأحد، ٢٩ يناير ٢٠١٢
عبارة معروفة كنّا نسمعها أحياناً.. لكنها صارت تتردد على الدوام في هذه الأيام الصعبة!
ما من يوم يمر إلا وأسمع أشخاصاً يرددون هذه العبارة: "الدين لله والوطن للجميع".
وقد أدهشني فعلاً أنّ أحداً من الذين أقابل لا يعرف من قائلها..
بل أدهشني أكثر أنّ الناس ببساطة ينسبونها في كل يوم إلى اسم من الأسماء القديمة الوطنية المعروفة، دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء البحث عن صحّة معلوماتهم..
في أول الأمر نسبوا العبارة إلى فارس الخوري وهذا غير صحيح! وقد نفيتُ الأمر سابقاً.
ثم نسبوها إلى الزعيم سلطان الأطرش وصار البعض يؤكد الموضوع وهذا أيضاً غير صحيح..
ثم سمعت البعض يصرّون على أن هذه العبارة قالها الزعيم أنطون سعادة..
وهذا أيضاً خطأ وقد نفى هذا الأمر بعض الحزبيّين المطّلعين..
ومنذ أيام وكنّا مجموعة من الأصدقاء والمواطنين نتحدث في أمور الساعة ونتناقش حول مفهوم "الأحزاب.." تطرّق أحدنا إلى عبارة: "الدين لله" وأكّد أنّ العبارة للزعيم صالح العلي وطبعاً هذا أيضاً غير صحيح..
وقبل أن يستمرّ الناس في التكهّن عن مصدر هذه العبارة، وقبل أن ينسبوها إلى جميع العظماء في وطننا من زعماء ومناضلين ومفكّرين.. رأيت أن أقدم للقارئ معلوماتي حول هذا الموضوع..
****
من المهمّ قبل كل شيء أن ندرك أن هذه العبارة لا يستطيع أن يقولها إلاّ شخص له مكانة سلطويّة رفيعة وينتمي إلى الأكثرية من سكان هذه البلاد..
لأن العبارة تحمل في مضمونها "الاعتراف" بالأقليات وبحقوقهم والأهم من هذا هي تحمل وعداً بحمايتهم!
وهذا لا يصحّ إلا إذا كان الزعيم من الأكثرية ويتحدث باسم الأكثرية..
والأسماء اللامعة المعروفة التي ذكرتها في بداية هذه الكلمة تنتمي كلّها إلى الأقلّيات وكلّهم في الواقع وللحقيقة تبنّوا هذه العبارة التي أصبحت شعاراً..
***
هذه العبارة أطلقها في سورية: الأمير فيصل بن الشريف حسين عندما انتصرت الثورة العربية الكبرى أواخر سنة 1918م.
وقد تكرّر هذا المعنى:
"الدين لله والوطن للجميع" في جميع الخطب التي ألقاها عندنا، وأذكر هنا فقط (لضيق المجال) أول خطاب سياسي للأمير فيصل وقد ألقاه في "نادي العرب" في حلب في 11/ت2/ 1918.
ومن بعض ما قاله:
"أنا ومن معي سيفٌ مسلول بيد العرب يضربون به من يريدون.."
"أحضّ إخواني العرب على اختلاف مذاهبهم بالتمسك بأهداب الوحدة والوفاق.."
"إني أكرر ما قلته في جميع مواقفي بأن العرب هم عرب قبل موسى وعيسى ومحمد، وأن الديانات تأمر باتباع الحق والأخوة على الأرض.. "وعليه فمن يسعى لإيقاع الشقاق الديني بين المذاهب فما هو بعربي..!".
***
أحببتُ أن أقدم إلى قرائي هذه المعلومة التي أحفظها منذ طفولتي..
وإن هذه "العبارة – الشعار" التي عنوَنتُ بها هذه الكلمة منقوشةٌ، إلى جانب العلَم السوري الأول القديم، على لوحة ورثتُها عن أهلي وهي اليوم تزيّن أحد جدران بيتي..
كوليت الخوري