إسرائيل ترمّم صورتها بالغدر | المقاومة تهندس ردّها: الانتقام آتٍ
أخبار عربية ودولية
الأربعاء، ١٠ مايو ٢٠٢٣
في أعقاب تطمينات حصلت عليها قيادة حركة «الجهاد الإسلامي»، وموافقة مصرية على وصول قيادتها إلى القاهرة لإجراء مباحثات سياسية حول الأوضاع في قطاع غزة، اغتالت قوات الاحتلال ثلاثة من كبار قادة «سرايا القدس»، الجناح العسكري للحركة، في عملية استباقية أطلق عليها جيش الاحتلال اسم «سهم ودرع». وبحسب ما علمت «الأخبار» من مصادر قيادية في «الجهاد الإسلامي»، فإن ما جرى «خديعة وجريمة مكتملة الأركان»؛ إذ إن القادة الثلاثة كانوا قد عادوا إلى منازلهم ليتجهّزوا للسفر إلى القاهرة صبيحة أمس، منهينَ إجراءات أمنية مشدّدة منذ عدّة أيام كانت قد فرضتها تقديراتٌ بِنيّة العدو تنفيذ عمليات اغتيال لقادة المقاومة. وتلفت المصادر إلى أن «ثمّة حالة من الغضب داخل قيادة الجهاد على ما حصل»، مضيفةً إن «دولة الاحتلال لم تحترم الوسيط المصري، ونفّذت عملية اغتيال استغلّت فيها الغطاء الذي وضعه المصريون لسفر قيادة الحركة»، متابعاً أن «جيش العدو لو كان قادراً على الوصول إلى قيادات أخرى في المقاومة لفعل، لكنه لم يستطع الوصول سوى إلى الشهداء الذين ظهروا نتيجة تجهّزهم للسفر». من جهته، نقل الوسيط المصري إلى «الجهاد» امتعاضه ممّا أقدمت عليه إسرائيل، مؤكّداً للحركة أن «ما جرى ليس له مبرّر في ظلّ دعوة المصريين قيادة الجهاد لزيارة القاهرة».
ووضعت عملية الاغتيال بحقّ ثلاثة من أعضاء المجلس العسكري لـ«سرايا القدس»، وهم: جهاد غنام وخليل البهتيني وطارق عز الدين، قيادة «الجهاد» ومعها فصائل المقاومة في قطاع غزة، أمام تحدٍّ جديد، وسط شعور بأن جيش الاحتلال يريد الاستفراد بالحركة وحدها. ولذا، وفي مسعى منها لإفشال مخطّط العدو، بدأت «الجهاد» التجهيز لردّ منسَّق مع مختلف الفصائل بما فيها حركة «حماس»، والتنسيق لتنفيذ تكتيك مغاير لتوقّعات الاحتلال بأن يكون الردّ سريعاً، وقابلاً للاحتواء في ظلّ الاستعدادات المسبقة لتلقّيه، بحسب ما تقول المصادر نفسها. ووفقاً للمعلومات، فقد بدأت «حماس» و«الجهاد» اتّصالات مكثّفة على المستويَين السياسي والعسكري بعد وقت قصير من وقوع المجزرة، بهدف تدارس طبيعة الردّ، والتجهيز لفعل مناسب يوازي الجريمة، ويتجاوز التحضيرات الإسرائيلية للتصدّي له. وفي هذا الإطار، تكشف مصادر في «حماس»، لـ«الأخبار»، أن «قيادة المقاومة وضعت على الطاولة جميع الخيارات، وسط تقدير بأن العدو فتح هذه المعركة في الوقت الذي يريده، حتى يُدخل المقاومة في معركة تحت عنوان الردّ على جريمة اغتيال، وليس على جرائمه التي يريد إمرارها خلال مسيرة الأعلام في 18 أيار». وتؤكّد المصادر أن «الردّ سيكون موحّداً عبر الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة، وسيلقّن الاحتلال درساً كبيراً، ولن تقتصر الردود على فصيل معيّن أو جبهة معيّنة، بل جميع الجبهات مرشّحة للمشاركة في الردّ».
وكان رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، قد أكد أن «الردّ على الجريمة سيكون موحّداً»، محذّراً من أن «اغتيال القادة بعملية غادرة لن يجلب الأمن للمحتلّ، بل المزيد من المقاومة»، مضيفاً إن «العدوّ أخطأ في تقديراته وسيدفع ثمن جريمته، والمقاومة وحدها ستحدّد الطريقة التي تؤلم العدوّ الغادر». وجزم القيادي في «الجهاد»، داود شهاب، بدوره، أيضاً، بأن «الردّ سيكون موحّداً»، «حتى يدرك الاحتلال أن حالة التشرذم التي يعيشها في ساحته الداخلية لن تنتقل إلى الداخل الفلسطيني، وأن الردّ سيكون باسم الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن وجوده». وفي انتظار ما ستحمله الساعات والأيام المقبلة على هذا الصعيد، نعت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الشهداء، وحمّلت العدو المسؤولية الكاملة عن تداعيات الجريمة، مخاطِبةً إيّاه بالقول إن «على الاحتلال وقادته الذين بادروا إلى العدوان أن يستعدّوا لدفع الثمن»، فيما أكد الناطق باسم «سرايا القدس»، أبو حمزة، «أنّنا سنواجه العدوان بكلّ ثبات وإقدام»، وأن «جريمة الاحتلال لن تزيدنا إلّا إيماناً بالاستمرار في خيار المقاومة».
وبمراسم توديع مهيبة، شيّع آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة، أمس، شهداء المجزرة الثلاثة عشر. وانطلقت مواكب التشييع من مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، إلى المسجد العمري الكبير شرق المدينة، حيث أقيمت الصلاة على القيادي خليل البهتيني وطفلته هاجر وزوجته ليلى مجدي البهتيني، والأسير المبعَد من بلدة عرابة (جنوبي جنين) طارق عز الدين وطفلَيه علي وميار، وطبيب الأسنان جمال صابر خصوان ونجله يوسف وزوجته مرفت خصوان، ودانية علاء عدس، ومن ثمّ واصلت المسيرة طريقها في اتّجاه مقبرة الشهداء شرق مدينة غزة. وفي مدينة رفح، أُقيمت صلاة الجنازة على جثمان القائد العسكري جهاد غنام، وزوجته وفاء غنام، في مسجد الهُدى في منطقة يبنا، بعد نقلهما من مستشفى النجار، قبل أن تنطلق الجنازة باتّجاه المقبرة الشرقية.