إلى أين؟ إلى 2023
افتتاحية الأزمنة
الثلاثاء، ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٢
الظروف جدُّ قاسية، والعمل هو قرار الناجين من تبعيات الماضي، إذاً لنسر معهم من دون توقف، من دون التفات، الغاية تكمن في الخروج من النفق، لم يعد للانتظار معنى، لنفتح البوابات باتجاه الشمس التي حجبتها الغيوم، ونزل تحتها الضباب، الكلُّ يدعم رؤيتك، وهو معك، ولا يقول لك اذهب وحدك، الكلُّ أصرَّ على أنه معك في قرارٍ تتخذه، ويكون في المصلحة العامة، لأنه يؤمن بالخلاص.
عقد جهنم رحل، عهد الأمل والعمل حلَّ، لأن الإنسان ابن واقعه الذي يُعرّف عنه من خلال ما يقوم به، صحيح أن الحياة مملوءة بالعذابات، التي من دونها لا حياة، إلا أنها تبقى جديرة بالبحث عنها واستثمار أي فرصة أو ومضة، فيها هذه أو تلك، إنها وحدها تدعو للنهوض من جديد.
في هذا البلد المتكوّن من مجموعة الإنسان المعجونة بالنور والخير والظلمة، المسيحية تقول: إن الربّ مصدر النور، وتصدّق الرسالة المحمدية على ذلك بقولها: إن الله نور السموات والأرض، لذلك أجد أننا مدعوون لاستثمار الهبة الكونية المقدسة التي منحنا إياها، وفسحة الأمل أضاءت حضورها ضمن الزمن الدقيق أو الصعب، وهي تدعونا بعجالة لمطاردة كل الخطايا التي ارتكبت من الجميع، فهذا الزمن زمن الإصلاح من خلال العمل الجاد والمخلص، والمطلوب فيه التقاط المهارات وتعميقها، إلى أين؟ بالتأكيد إلى الأمام، لا إلى الوراء، الذي يجب ألا ننقل منه تلك العذابات المؤلمة، بل نحن مدعوون للتخلص منها.
التصرفات البشرية تقتل ذاتها، والله براء منها، لأننا نحن من نوجدها من خلال أفعالنا التي تقتل المادي وتدمره، لكن الروح الكلية باقية كي تهزم الخطيئة، ومهما طالت فإنها آيلة للانكشاف الذي يرخي عليها الحساب، ومن ثم العقاب، إذاً أين تكمن العلل؟ أهي في شخوص بعضنا الذين لم تعد بصائرهم تبصر حقيقة وجودنا؟ أم إنها في مدارككم التي لا تدرك ما يجب إدراكه، ونسيانهم تاريخ حضورنا، وتيههم بين من نكون، وكيف نصير؟ هل يعلم هؤلاء وأولئك ضرورة اختيار الطريق بين صناعة الجحيم وبناء الحياة؟
الشعوب تحاول استعادة قيمها أمام ما يجري على كوكبنا الحي من متغيرات تشجع اعتداء الإنسان على الإنسان، ووصلت العلاقات إلى نقطة اللا عودة، التي تؤكد تعميم الصدام الذي يدفعنا للقول: أين نحن.. وكيف سنكون؟
حوارية تقودنا لنسأل: هل يمكن للإنسان تحديد من يحيا ومن يموت؟ وأقول: إنه إذا امتلك القوة يستطيع أن يحكم بالموت، لكن إرادة الحياة ليست بيده.
وسؤال آخر: هل يقدر القدر على الضرر؟ نعم يقدر لكنه يحوله بقدرته إلى خير إذا شاء من مشيئته، فكيف بنا لا نصلح الضرر الذي نوقعه بحق بعضنا؟ أم هو الكبرياء الذي كلما ازداد، ازدادت معه فرص الفشل؟
الحياة ملأى بالعذابات، تعالوا نخبر الربَّ، أبناؤه يتعذبون، وأن عليه أن يرشدهم إلى سبل الحياة، فمن دون إخباره سيبقى هو يخلق، ونحن ندفن بعضنا، وندفن ما يخلقه بشكل أو بآخر، هل لدينا مشكلة في قبول الرأي الآخر؟ أو على الأقل تعلُّم الحوار أو البحث عن المعلومة الصح، أم إننا مازلنا أسرى الماضي والمفسر والتبعية لأي فكرة من دون تحليل أو تعليل، وعدم إمكانية الاستثمار في الهامش الذي وجد كي تضع رأيك، ويكون لك ملعب خارج النص الممنوع التلاعب فيه، ما قصدته من هذا هو قبولنا لبعضنا، وتعاضدنا بأنه إذا لم نفعل فلن نجد الطريق، وسنبقى نسأل هذا وذاك إلى أين؟
المنطق يتحدث عن تحولات كبرى ستجري من بداية 2023 في وباتجاه بلد، إرادته التخلص من عقد مع الجحيم، فالانعطافات السياسية والمتغيرات الاقتصادية والبناء الاجتماعي، الكل يتحدث عن ضرورات ستحدث التغيير في بعضها، تشكل المسار الطبيعي للتطور، وفي الباقي، ربما تكون هناك مفاجآت، في النتيجة المساحات كبرى، وسيكون الجميع عليها بإيمان حقيقي لا وهمي، لأن الانطلاق إلى الأمام هو حقيقة واقعة، ومن دون ذلك سيكون الإحباط الذي لا أحد يريد التفكير أو النظر إليه. الآفاق مشرعة، والآمال متوافرة شريطة العمل بإخلاص، هل نفعلها؟ يجب أن نفعلها.
د. نبيل طعمة