إنقاذ الديمقراطية الأمريكية
افتتاحية الأزمنة
الثلاثاء، ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٣
لعنة الكذب الإسرائيلي أخذت تشق طريقها باتجاه انهيار الصهيونية والديمقراطية، مؤكدٌ أن هذا العنوان يتحول إلى حقيقة واقعة بعد تعرية حضوره وظهوره، وسقوط معظم الأقنعة التي أغرى بها المجتمعات والدول والأمم، وانفضاح كل أشكال المكر الذي مارسته الشخصية السياسية الأمريكية عبر تاريخها الحديث، والتي لبست فيه ثوب الصهيونية، هذا الثوب الذي يخفي تحته المكر اليهودي الذي يستعلي به على البشرية ويبتزها بالضغط والتشهير والترغيب والترهيب، لينهبها ويأخذ منها ما يريد، وذلك بعد أن قدم الشخصية اليهودية كضحية عالمية أسهمت في محاولة إفنائها كلُّ الشعوب والأمم، وأهمها أوروبا التي ابتدعوا فيها كذبة كبرى أسموها "الهولوكست" وقاموا بتضخيمها لإقناع العالم بأن لليهود أرضاً تاريخية مدونة في المقدسات "أرض الميعاد" وهي فلسطين، وأن هيكل سليمان ملكهم التاريخي، وهو موجود تحت المسجد الأقصى، وقد ساندتهم القوى الغربية في الوصول إلى فلسطين بناء على هذه الكذبة الكبرى التي نسميها الصهيونية، والتي عرفتُها بأنها الفكر السياسي للديانة اليهودية الممتلئة بالأكاذيب والخرافة والانحراف الجنسي وأساطير الشعوب المنهوبة التي دونها في التلمود الأورشيليمي والبابلي وبروتوكولات حكماء صهيون، وحدث هذا بفعل السيطرة الغربية الأمريكية على وسائل الإعلام العالمي فيما يخص المشهد الآثاري، وتجيير نتائج البحث والتنقيب ونتائج المكتشفات لخدمة الغرب والصهيونية اليهودية.
لقد أخذ إنقاذ الديمقراطية أبعاداً جديدة بعد أن هيمنت عليها القومية المتطرفة الجديدة في أمريكا، والمستمدة من القومية المتطرفة في ألمانيا طبعاً، وهنا أقصد النازية القديمة الحديثة التي بدأت تعم أوروبا الغربية، وأوجدوا في كل منطقة رأس حربة لها، إسرائيل الصهيونية في الشرق الأوسط، وأوكرانيا في أوروبا، وتايوان في بحر الصين، والجميع يشهد الآن عملية التحولات الأورو أمريكية الصهيونية نتاج تدهور الحالة الديمقراطية وتسارع انهيار الفكرة الصهيونية، لذلك نجد اتحاد الغرب مع الولايات المتحدة لمنع هذا السقوط ووقف حالة الانهيار المتسارعة، ومعه تجري إعادة الرشد لهذيان الصهيونية الذي تجاوزت النازية والفاشية، وحتى الهلوسة الوحشية، في محاولة للقضاء على الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة؛ هذه التي تثير اهتمام الغرب وأمريكا، والبحث الدؤوب للتخلص من آثامها المرتبطة بالجغرافية المكانية وتفاعلاتها المعقدة بين المقدسات الروحية والاستثمارات الاقتصادية فيها والتلاعب السياسي عليها، وعلاقات القوة الإسرائيلية "الصهيونية الأمريكية" مقابل القوة الفلسطينية التي ظهر تعاظمها يوم السابع من تشرين الأول؛ هذا التصاعد الذي تفعّل من خلال الدعم المحيطي العربي، إضافة للقوى العالمية الرافضة للهيمنة الصهيوأمريكية، هذا التاريخ الذي أنجز فجراً جديداً للقضية الفلسطينية ولقوى التحرر في العالم أسقط الديمقراطية الأورو أمريكية، ولذلك استشعروا أن إنقاذ هذه الشعارات مرتبط دائماً بإنقاذ إسرائيل أولاً " وهذا حدث بالفعل لحظة انطلاق المقاومة الفلسطينية من غزة يوم السابع من تشرين الأول" وثانياً في أوكرانيا التي غابت عن المشهد لمصلحة إظهار إسرائيل، وهذا يثبت لنا أولوية ما نقول، وثالثاً توقف الحديث عن تايوان الصينية في هذه المرحلة لمصلحة ما ذكرنا، ومن أجل هذا الإنقاذ للصهيونية الإسرائيلية، وبالتوازي، يتم ضخ أفكار تحرير المجتمعات من انتماءاتها الروحية والوطنية وإضعاف أدائها وتعلقها بهويتها، من خلال ضخ لغة الليبرالية الجديدة التي تعزز الفردانية وتدعم فكرة (الأخدان) بين المجتمعات " وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ" وتحويلها إلى متخذي التي رفضتها المجتمعات الإنسانية وكتب الديانات المقدسة وتعاليم الأنبياء والرسل، والتي تعني المثلية الجنسية بين الذكور والإناث، وإعادة أدوار العنصرية والتمييز؛ أي العرقية والفصل بين النخب ومجتمعاتها "أي إحداث شكل جديد من أشكال استعباد المجتمعات "بدءاً من السماح بعقود زواج المثليين وانتهاءً بعقود العمل الفردية" بدلاً من الاعتماد على أسس الأخلاق الذي يعتمد تطبيق المفاهيم الإنسانية والروحية الحقة ورغم محاولتهم إنجاح هذه الأفكار، إلا أن هذا الأمر كان قد سبب هيستريا لدى القيادات الأورو أمريكية من خلال الرفض المتصاعد له، وأخذت تتطور معه مظاهر الإقصاء للأصوات المعارضة، واتجهت السياسات لسن القوانين القمعية، مما يظهر انحدار أسس الديمقراطية والأخطار القادمة عليها من كل هذه الأفعال على مساراتها، حيث أخذت البشرية تعتبر أن سقوطها حتمي وأنه قادم، لامحالة، اذا استمرت على هذا النهج، وبهذا فإن الديمقراطية الأورو أمريكية إن بقيت متعلقة بالصهيونية فهي آيلة إلى السقوط الحتمي، فهل تتنبه دول العالم من كل شعارات الديمقراطية والحرية وقيمها الجديدة المتمثلة في الليبرالية، قديمة أو جديدة، التي لا أنكر أن في مبادئها قيم مهمة وذات فائدة إلا أنه يتم تسخير كل الدعم المادي والروحي لتغليف عملية الهيمنة والعبودية لأبناء العالم (اللا حر) تحت شعار الحرية واستعباد الشعوب باسم الديمقراطية، والسيطرة على الجميع باسم الدينية اللا مؤمنة، فإلى أين يتجه مصير العالم؟ هل إلى المجهول.. ومتى سيغدو هذا المجهول معلوماً.
د. نبيل طعمة