((ابتسامة هوليوود حلم بعيد المنال .. والغلاء يغطي على ابتسامة المواطن الطبيعية))
الأزمنة
الأربعاء، ٣ أغسطس ٢٠١٦
نور عباس
في الوقت الذي يأكل فيه البعض على (( كل ضرس لون )) كما يقال.. نجد البعضالآخريأكل الألم و من (تم ساكت) باعتبار أن فتح الفم أصبح مكلفاً في هذه الأيام. وباتت زيارة طبيب الأسنان فيما إذا عقد أحدهم العزم ورغب في دخول متاهة تصليح أسنانه تكلفه ماجناه خلال عدة أشهر وأكثر.
فالمعاينة باهظة الثمن أصبحت وجعاً بحد ذاته, وسوسة تنخر في جيوب المواطن من دون رحمة. وهو ماجاء نتيجة الارتفاع الطفيف الذي شهدته أسعار مواد الأسنان وقيام الطبيب على أثرها بدفع معظم دخله ثمناً لمواد الأسنان ناهيك عن المصاريف الأخرى المولدات وغيرها والكثير من الأمور التي حرمت المواطنحقه بابتسامة أنيقة ناصعة البياض، دفعته لاتباع حمية صارمة بالامتناع عن نصف المأكولات والمشروبات والحلويات والمكسرات والدخان والأركيلة والإعلانات السنية المغرضة والمشاهد المحرضة لعمليات التجميل والتلميع والتبييض وربما يتطور الوضع لحملة توعوية بالآثار الجانبية لبرد وحف الأسنان والمواد المستخدمة في التصنيع إضافة الى التخدير والتعقيم وهكذا يتم سحب عصب فكرة زيارة الطبيب من جذورها.
واقع طبي مأساوي يعانيه الناس.. كاميرا "الأزمنة" قامت بتسليط الضوء عليه ومتابعته عن كثب وكانت البداية صرخة أطلقها طلاب كلية طب الأسنان:
* تجار يأكلون الحصرم وطلاب يضرسون
بذلك بدأ عامر طالب في كلية طب الأسنان حديثه بعد تنهيدة طويلة حملت معها معاناة الطلبة التي تجسدت في المصروف الهائل المترتب عليهم نتيجة لارتفاع أسعار المواد والأدوات الطبية التي يحتاجها خلال فترة تدريبه العملي هذا من جانب الطلاب.
أما الخريجون فقد وقفوا مكتوفي الأيدي، وقام البعض بدق مسمار على الحائط لتعليق شهادته ورفعها عالياً على مستوى الأسعار ريثما يسمح له وضعه بفتح عيادة ربما أو المشاركة حتى بها.
بينما تنوعت هموم العموم من المواطنين الذين استفاضوا بالحديث حيث تقول أم ملهم: إن الدخول إلى العيادة لا يقتصر على زيارة واحدة والسلام، فلا بد من فتح ورشة تصليحات في الفم مكلفة جداً بين حشوات وتلبيس ونخر، وقد يحتاج الأمر ربما لخلع وتركيب جسر وقد لا تخرج من عملية التصليح من دون دفع ما لا يقل عن 60 ألفاً وهو ما يعد فوق طاقتي الاقتصادية كموظفة راتبي الشهري لا يتعدى الثلاثينات.
ويقول أبو محمد: أنا قمت بتركيب بدلة أسنان لكن من الطرف العلوي فقط، لم أستطع تبديل السفلي رغم أنه لايقل سوءاً عن الآخر ولكن أمام التكلفة العالية لجأت لنصف تركيبة. والعديد مثلي يعانون ذات العجز المالي فيلجؤون لهذا الحل. بينما أيد العشرات الأقساط في الدفع.. لجأت شريحة كبيرة أيضاً للمعالجة في كلية طب الأسنان.
يقول معين طالب في سنة رابعة: هناك إقبال العديد من الناس علينا، فأمام الحاجز الكبير الذي وضعه أطباء الأسنان برفع تسعيرتهم وجد البعض طريقاً مختصراً وملاذاً اقتصادياً على الجيب لدينا ومغامرة جريئة لكوننا نقوم خلال تخصصنا بمعالجة الناس مجاناً. ومن جانب آخر قد يرفض البعض هذه المجازفة على اعتبار أن الخبرة لا تقارن بخبرة الطبيب المتمرس.
أما عن زراعة الأسنان فهو الموضوع الذي ابتعد عنه الأغلبية لتكلفته الباهظة جداً.
* تفاوت أسعار ورأي طبي
لم يتوقف الأمر على الصعود الملحوظ في الأسعار وحسب،بل تفاوتت التسعيرة من طبيب لآخر ومن منطقة لأخرى .. من دون أي رقيب أو حسيب. تقول فاطمة: لجأت إلى طبيب أسنان في منطقتي بالمزة طلب مني عشرة آلاف على كل سن، فيما تكلفت صديقتي بأقل من ذلك في منطقة أخرى ناهيك عن سعر التخدير المكلف الي يضطر المريض لتحمل الألم قليلاً بعد أن وصل المخدر الوطني الى أربعة آلاف و خمسمئة..
أما ريم فتقول: لم أزر طبيب الأسنان منذ فترة طويلة، كان لدي بالسابق فوبيا من عيادة الأسنان، كانت فوبيا ألم لكنها غدت الآن من نوع آخر، فلا شك أن الدخول إلى العيادة لم يعد بالأمر السهل، ويتطلب ميزانية خاصة لا أقدر على حملها.
أما عن التسعيرات التي تنوعت أرقامها في صعود وهبوط كالبورصة فكان جوابها عند أطباء الأسنان الذين اجتمعواعلى رأي موحد، بكون جميع مخابر وعيادات الأطباء تعمل وفق السعر الذي يتغير مع سعر الصرف ولأن المواد المستهلكة التي تستخدم في تصنيع الأسنان و مواد التلبيس والحشوات وغيرها هي مواد مستوردة، فقد يضطر الطبيب لرفع الأجور بنفسه كي يغطي فروق الأسعار. وحتى إن قسماً من الأطباء يطلب من المريض التوجه بنفسه إلى المخبر واختيار ما يناسب إمكانيته المادية.
بالمقابل كان هناك آراء أكثر إنسانية ومريحة للمرضى المنتظرين لحل.
يشير الدكتور محمد ناظمإلى أن التسعيرة تعود بحسب الطبيب وتعامله مع المريض، فكما كانت تسعيرة معاينته قبل هذا الغلاء سترتفع بشكل معقول بما يتناسب مع دخل المرضى الذين اعتادوا تسعيرة في الحدود المعقولة. فأنا كطبيب لم أرفع أجور المعاينة أكثر من ضعفين أو ثلاثة، وهذا جاء بعدما أصبحت لأكثر من مرة، أسدد النفقات من جيبي الخاص وبت بين خياري رفع التسعيرة أو إغلاق العيادة.. وأعتقد أن الأسعار التي أقوم بتخصيصها لاتتعدى الحدود الدنيا مقارنة مع الواقع.. فهناك أطباء أجورهم مرتفعة قبل تلك الهجمة في الغلاء والتي ضاعفت أسعار المواد من 10 إلى 15 ألفاً. فمن كان يأخذ على السن 5 أو 6 آلاف حتماً فلن يرضى الآن بأقل من 10 أو 15 ألفاً.. وأشار إلى أن المشكلة الأكبر التي يعانيها الآن هو نوعية المواد، حيث كنا سابقاً نختار الأفضل والجيد منها، وكانت متوافرة، وكنا نحصل عليها بكميات وبوفرة، ولم نكن نشعر حينها بالأسعار وتراكمها، أما الآن فقد اختلفت الجودة حتما وتفاوتت بالسعر. ورغم كل ذلك مهنتنا في النهاية إنسانية وليست تجارية ونحاول التعامل مع المريض بقدر من الموازنة بيننا وبينه.
* مسكنات الألم تتصدر قائمة الحلول
المسكنات في مثل هذا الوضع الحل الأمثل الذي دعا له معظم من التقيناهم.
يقول أبو محمد: لقد بتُّ أعاني تأثيرات جانبية من الحبوب المسكنة والمسكنات الموضعية، لكنني لا أملك إمكانية تصليح أسناني في الوقت الحالي، فلدي أولويات لا يمكنني تجاهلها. بينما لجأ آخر إلى وصفات من الأعشاب ((الطب العربي البديل)) لعلاج المشكلة، حيث يقول التأثير بطيء، لكنه أخف ثقلاً على الجيب.. وفي وصفة طبية بديلة يقوم أحدهم بتجريبها. أخبرنا أنها سارية المفعول حتى اللحظة،حيث لها دور علاجي وتجميلي في الوقت نفسه، وأنه سيقوم بالترويج لها قريباً.
* التجميل مطلوب رغم الارتفاع الشاهق
في شق آخر ورغم أن البعض لا يملك ثمن تصليح نخر في سن من أسنانه،نجد فئة من الناس تتراكض لتجميل أسنانها حيث انتشرت في الفترة الأخيرة موضة ما يسمى ((ابتسامة هوليوود)) للحصول على أسنان ناصعة البياض وابتسامة شبيهة بابتسامة فناني وفنانات هوليوود، وطبعاً الأسعار شبه خيالية وتتفاوت بين الـ 200000 ألف وما فوق، وهي بالطبع تشكل للأغلبية العامة من الناس حلماً بعيداً خصوصاً أمام الغلاء المعيشي الذي جعل المواطن قليل التكلم، فلم يعد يكترث وسط ضغوط الحياة إن ظهرت ابتسامته أو لا.
* دور وزارة الصحة ونقابة الأطباء
بختام الجولة كان السؤال الأبرز أين الرقيب؟ وهل من تسعيرة تعمم على الأطباء؟ وما دور وزارة الصحة بهذا الخصوص وجاء الجواب:
وزارة الصحة والمكتب الصحفي هناك لا دعوى لنا مطلقاً بما يخص هذا الموضوع، وتم توجيهنا إلى النقابة باعتبارها المسؤول بحسب ما ذكروا.
وفي النقابة بدا رد وزارة الصحة صادماً، حيث إن التسعيرة وكما أشير تصدر من الوزير وإن الوزارة وعلى عكس ما ذكر هي المسؤول المباشر، حيث تقوم بتسعير المعاينات وفقاً لدراسات يجرونها.. بينما مهمة النقابة تنعكس لمصلحة الطبيب، فهي وبحسب التعبير ((نقابته)) ومن ثمَّ فمن مصلحتها رفع الأسعار أكثر، مشيرين إلى أن تكلفة المواد باهظة جداً،ولا يقدر الطبيب رغم هذا الغلاء على تغطيتها، ولذلك لن نجد من يلتزم بالتسعيرة وهو ما اعتبروه حقاً للطبيب. ومهمة توحيد الأسعار وبحسب ما تأتي من وزارة الصحة ترجع للفروع التابعة لهم، حيث يتم تشكيل لجنة تقوم بتوزيع قائمة بالأسعار بحسب المنطقة التابعة لكل فرع.
* ماذا بعد؟
يضيف أطباء: إنه يجب ألا ننسى رغم ماذكر بكوننا الدولة الأكثر اعتدالاً في الوطن العربي بأجور تصليح الأسنان، والأقل تكلفة، وأن هناك أناساً تأتي من دول شقيقة للمعالجة عندنا. ولكن دخل المواطن الموزع بين متطلبات الحياة التي أصبحت جميعها فوق متناول اليد نتيجة ارتفاع سعر الصرف لم يعد بمقدوره أن يغطي سوى مطلبين أو أكثر. وأمام الخلل الحاصل بين ميزانية المواطن وجنون الأسعار، يبقى واقفاًبين فكي وجع.. حتى إشعار آخر.
في الوقت الذي يأكل فيه البعض على (( كل ضرس لون )) كما يقال.. نجد البعضالآخريأكل الألم و من (تم ساكت) باعتبار أن فتح الفم أصبح مكلفاً في هذه الأيام. وباتت زيارة طبيب الأسنان فيما إذا عقد أحدهم العزم ورغب في دخول متاهة تصليح أسنانه تكلفه ماجناه خلال عدة أشهر وأكثر.
فالمعاينة باهظة الثمن أصبحت وجعاً بحد ذاته, وسوسة تنخر في جيوب المواطن من دون رحمة. وهو ماجاء نتيجة الارتفاع الطفيف الذي شهدته أسعار مواد الأسنان وقيام الطبيب على أثرها بدفع معظم دخله ثمناً لمواد الأسنان ناهيك عن المصاريف الأخرى المولدات وغيرها والكثير من الأمور التي حرمت المواطنحقه بابتسامة أنيقة ناصعة البياض، دفعته لاتباع حمية صارمة بالامتناع عن نصف المأكولات والمشروبات والحلويات والمكسرات والدخان والأركيلة والإعلانات السنية المغرضة والمشاهد المحرضة لعمليات التجميل والتلميع والتبييض وربما يتطور الوضع لحملة توعوية بالآثار الجانبية لبرد وحف الأسنان والمواد المستخدمة في التصنيع إضافة الى التخدير والتعقيم وهكذا يتم سحب عصب فكرة زيارة الطبيب من جذورها.
واقع طبي مأساوي يعانيه الناس.. كاميرا "الأزمنة" قامت بتسليط الضوء عليه ومتابعته عن كثب وكانت البداية صرخة أطلقها طلاب كلية طب الأسنان:
* تجار يأكلون الحصرم وطلاب يضرسون
بذلك بدأ عامر طالب في كلية طب الأسنان حديثه بعد تنهيدة طويلة حملت معها معاناة الطلبة التي تجسدت في المصروف الهائل المترتب عليهم نتيجة لارتفاع أسعار المواد والأدوات الطبية التي يحتاجها خلال فترة تدريبه العملي هذا من جانب الطلاب.
أما الخريجون فقد وقفوا مكتوفي الأيدي، وقام البعض بدق مسمار على الحائط لتعليق شهادته ورفعها عالياً على مستوى الأسعار ريثما يسمح له وضعه بفتح عيادة ربما أو المشاركة حتى بها.
بينما تنوعت هموم العموم من المواطنين الذين استفاضوا بالحديث حيث تقول أم ملهم: إن الدخول إلى العيادة لا يقتصر على زيارة واحدة والسلام، فلا بد من فتح ورشة تصليحات في الفم مكلفة جداً بين حشوات وتلبيس ونخر، وقد يحتاج الأمر ربما لخلع وتركيب جسر وقد لا تخرج من عملية التصليح من دون دفع ما لا يقل عن 60 ألفاً وهو ما يعد فوق طاقتي الاقتصادية كموظفة راتبي الشهري لا يتعدى الثلاثينات.
ويقول أبو محمد: أنا قمت بتركيب بدلة أسنان لكن من الطرف العلوي فقط، لم أستطع تبديل السفلي رغم أنه لايقل سوءاً عن الآخر ولكن أمام التكلفة العالية لجأت لنصف تركيبة. والعديد مثلي يعانون ذات العجز المالي فيلجؤون لهذا الحل. بينما أيد العشرات الأقساط في الدفع.. لجأت شريحة كبيرة أيضاً للمعالجة في كلية طب الأسنان.
يقول معين طالب في سنة رابعة: هناك إقبال العديد من الناس علينا، فأمام الحاجز الكبير الذي وضعه أطباء الأسنان برفع تسعيرتهم وجد البعض طريقاً مختصراً وملاذاً اقتصادياً على الجيب لدينا ومغامرة جريئة لكوننا نقوم خلال تخصصنا بمعالجة الناس مجاناً. ومن جانب آخر قد يرفض البعض هذه المجازفة على اعتبار أن الخبرة لا تقارن بخبرة الطبيب المتمرس.
أما عن زراعة الأسنان فهو الموضوع الذي ابتعد عنه الأغلبية لتكلفته الباهظة جداً.
* تفاوت أسعار ورأي طبي
لم يتوقف الأمر على الصعود الملحوظ في الأسعار وحسب،بل تفاوتت التسعيرة من طبيب لآخر ومن منطقة لأخرى .. من دون أي رقيب أو حسيب. تقول فاطمة: لجأت إلى طبيب أسنان في منطقتي بالمزة طلب مني عشرة آلاف على كل سن، فيما تكلفت صديقتي بأقل من ذلك في منطقة أخرى ناهيك عن سعر التخدير المكلف الي يضطر المريض لتحمل الألم قليلاً بعد أن وصل المخدر الوطني الى أربعة آلاف و خمسمئة..
أما ريم فتقول: لم أزر طبيب الأسنان منذ فترة طويلة، كان لدي بالسابق فوبيا من عيادة الأسنان، كانت فوبيا ألم لكنها غدت الآن من نوع آخر، فلا شك أن الدخول إلى العيادة لم يعد بالأمر السهل، ويتطلب ميزانية خاصة لا أقدر على حملها.
أما عن التسعيرات التي تنوعت أرقامها في صعود وهبوط كالبورصة فكان جوابها عند أطباء الأسنان الذين اجتمعواعلى رأي موحد، بكون جميع مخابر وعيادات الأطباء تعمل وفق السعر الذي يتغير مع سعر الصرف ولأن المواد المستهلكة التي تستخدم في تصنيع الأسنان و مواد التلبيس والحشوات وغيرها هي مواد مستوردة، فقد يضطر الطبيب لرفع الأجور بنفسه كي يغطي فروق الأسعار. وحتى إن قسماً من الأطباء يطلب من المريض التوجه بنفسه إلى المخبر واختيار ما يناسب إمكانيته المادية.
بالمقابل كان هناك آراء أكثر إنسانية ومريحة للمرضى المنتظرين لحل.
يشير الدكتور محمد ناظمإلى أن التسعيرة تعود بحسب الطبيب وتعامله مع المريض، فكما كانت تسعيرة معاينته قبل هذا الغلاء سترتفع بشكل معقول بما يتناسب مع دخل المرضى الذين اعتادوا تسعيرة في الحدود المعقولة. فأنا كطبيب لم أرفع أجور المعاينة أكثر من ضعفين أو ثلاثة، وهذا جاء بعدما أصبحت لأكثر من مرة، أسدد النفقات من جيبي الخاص وبت بين خياري رفع التسعيرة أو إغلاق العيادة.. وأعتقد أن الأسعار التي أقوم بتخصيصها لاتتعدى الحدود الدنيا مقارنة مع الواقع.. فهناك أطباء أجورهم مرتفعة قبل تلك الهجمة في الغلاء والتي ضاعفت أسعار المواد من 10 إلى 15 ألفاً. فمن كان يأخذ على السن 5 أو 6 آلاف حتماً فلن يرضى الآن بأقل من 10 أو 15 ألفاً.. وأشار إلى أن المشكلة الأكبر التي يعانيها الآن هو نوعية المواد، حيث كنا سابقاً نختار الأفضل والجيد منها، وكانت متوافرة، وكنا نحصل عليها بكميات وبوفرة، ولم نكن نشعر حينها بالأسعار وتراكمها، أما الآن فقد اختلفت الجودة حتما وتفاوتت بالسعر. ورغم كل ذلك مهنتنا في النهاية إنسانية وليست تجارية ونحاول التعامل مع المريض بقدر من الموازنة بيننا وبينه.
* مسكنات الألم تتصدر قائمة الحلول
المسكنات في مثل هذا الوضع الحل الأمثل الذي دعا له معظم من التقيناهم.
يقول أبو محمد: لقد بتُّ أعاني تأثيرات جانبية من الحبوب المسكنة والمسكنات الموضعية، لكنني لا أملك إمكانية تصليح أسناني في الوقت الحالي، فلدي أولويات لا يمكنني تجاهلها. بينما لجأ آخر إلى وصفات من الأعشاب ((الطب العربي البديل)) لعلاج المشكلة، حيث يقول التأثير بطيء، لكنه أخف ثقلاً على الجيب.. وفي وصفة طبية بديلة يقوم أحدهم بتجريبها. أخبرنا أنها سارية المفعول حتى اللحظة،حيث لها دور علاجي وتجميلي في الوقت نفسه، وأنه سيقوم بالترويج لها قريباً.
* التجميل مطلوب رغم الارتفاع الشاهق
في شق آخر ورغم أن البعض لا يملك ثمن تصليح نخر في سن من أسنانه،نجد فئة من الناس تتراكض لتجميل أسنانها حيث انتشرت في الفترة الأخيرة موضة ما يسمى ((ابتسامة هوليوود)) للحصول على أسنان ناصعة البياض وابتسامة شبيهة بابتسامة فناني وفنانات هوليوود، وطبعاً الأسعار شبه خيالية وتتفاوت بين الـ 200000 ألف وما فوق، وهي بالطبع تشكل للأغلبية العامة من الناس حلماً بعيداً خصوصاً أمام الغلاء المعيشي الذي جعل المواطن قليل التكلم، فلم يعد يكترث وسط ضغوط الحياة إن ظهرت ابتسامته أو لا.
* دور وزارة الصحة ونقابة الأطباء
بختام الجولة كان السؤال الأبرز أين الرقيب؟ وهل من تسعيرة تعمم على الأطباء؟ وما دور وزارة الصحة بهذا الخصوص وجاء الجواب:
وزارة الصحة والمكتب الصحفي هناك لا دعوى لنا مطلقاً بما يخص هذا الموضوع، وتم توجيهنا إلى النقابة باعتبارها المسؤول بحسب ما ذكروا.
وفي النقابة بدا رد وزارة الصحة صادماً، حيث إن التسعيرة وكما أشير تصدر من الوزير وإن الوزارة وعلى عكس ما ذكر هي المسؤول المباشر، حيث تقوم بتسعير المعاينات وفقاً لدراسات يجرونها.. بينما مهمة النقابة تنعكس لمصلحة الطبيب، فهي وبحسب التعبير ((نقابته)) ومن ثمَّ فمن مصلحتها رفع الأسعار أكثر، مشيرين إلى أن تكلفة المواد باهظة جداً،ولا يقدر الطبيب رغم هذا الغلاء على تغطيتها، ولذلك لن نجد من يلتزم بالتسعيرة وهو ما اعتبروه حقاً للطبيب. ومهمة توحيد الأسعار وبحسب ما تأتي من وزارة الصحة ترجع للفروع التابعة لهم، حيث يتم تشكيل لجنة تقوم بتوزيع قائمة بالأسعار بحسب المنطقة التابعة لكل فرع.
* ماذا بعد؟
يضيف أطباء: إنه يجب ألا ننسى رغم ماذكر بكوننا الدولة الأكثر اعتدالاً في الوطن العربي بأجور تصليح الأسنان، والأقل تكلفة، وأن هناك أناساً تأتي من دول شقيقة للمعالجة عندنا. ولكن دخل المواطن الموزع بين متطلبات الحياة التي أصبحت جميعها فوق متناول اليد نتيجة ارتفاع سعر الصرف لم يعد بمقدوره أن يغطي سوى مطلبين أو أكثر. وأمام الخلل الحاصل بين ميزانية المواطن وجنون الأسعار، يبقى واقفاًبين فكي وجع.. حتى إشعار آخر.