التدخّل الأميركي واقع... لكن كيف؟
الصحف العبرية
الأحد، ٢٥ أغسطس ٢٠١٣
قاربت الصحافة الإسرائيلية الهجوم الأميركي المحتمل على سوريا، انطلاقاً من تقدير أنه واقع لا محالة. واحتلت مناقشة السيناريوات المحتملة والمخاطر التي ترافقها صدارة اهتمامها. رغم أنّ العديد منها رجّح أن تكون محددة وموضعية، في حال حصلت، على خلفية المخاوف من اتساع نطاقها وخشية الرئيس الأميركي من التورط في المستنقع السوري.
ورأى المعلق السياسي في صحيفة «هآرتس»، حامي شاليف، أنّ الصيغة العجيبة التي يبحث عنها الرئيس الأميركي باراك أوباما، في حال قرر مهاجمة سوريا، تهدف إلى منح الولايات المتحدة «أكبر قدر من الصدى وأقل قدر من الضرر مع معايير صارمة ومحددة مسبقاً». وأضاف أنّ العملية ينبغي أن تكون مهمة لكن مع عدم توريط الولايات المتحدة في معركة عسكرية طويلة.
وينقل شاليف عن مقربين من الإدارة الأميركية قولهم إنّ أوباما يبحث عن عملية تعتبرها موسكو وطهران عملية عقاب غاضبة لكنها تحتمل احتجاجاً قوياً، بعكس الخطوة الاستراتيجية التي تغير قواعد اللعبة، وتوجب رداً أشد وأكثر خطراً. ويأخذ الأميركيون بالحسبان إمكان أن يستغل الرئيس السوري أيّ هجوم عليه كي يوسع المعركة حتى على إسرائيل كي يظهر بمظهر بطل سوريا.
سيناريوات سوابق التدخّل
وفي ما يتعلق بالسوابق، رأى شاليف أنّ الخبراء والمحللين يشتغلون في العديد من النماذج من معارك يوغوسلافيا في تسعينيات القرن الماضي، وحرب كوسوفو التي عملت خلالها قوات الحلف الأطلسي بدون موافقة مجلس الأمن. ومن السوابق العسكرية ذات الصلة أيضاً، لكن الأكثر تواضعاً، يتحدث الخبراء عن «عملية ثعلب الصحراء» للولايات المتحدة وبريطانيا في العراق عام 1998، وبشكل أساسي عن القصف الصاروخي المحدود لأهداف محددة في السودان وأفغانستان في السنة نفسها.
بدوره، رأى المعلق السياسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، شمعون شيفر، أنّ المعضلة التي يقف أمامها صاحب القرار في البيت الأبيض مركبة ومعقدة أكثر بكثير مما يعتقد الناطقين الإسرائيليين، داعياً إلى التذكر أن أميركا ما زالت تنزف بعد حرب طويلة في العراق جبت منها آلاف الجنود ممن قتلوا في بلاد الفرات وكلفت دافع الضرائب الأميركي تريليونات الدولارات.
ودعا شيفر إلى عدم شراء المواقف المغرورة التي يطلقها قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، والتي تهدد بأنّه إذا ما تجرأت سوريا على استهداف إسرائيل بالأسلحة الكيميائية فسنعيدها إلى العصور الوسطى، معتبراً أنه ينبغي أنّ نتعاطى بشك مع هذه التهديدات، لأنه في الطريق إلى ذلك، سيصاب آلاف الإسرائيليين.
كذلك، ذكرت الصحيفة في افتتاحيتها، التي كتبها أليكس فيشمان، أنّ من الممكن الافتراض أن إسرائيل رفعت في الأيام الأخيرة مستوى الاستعداد العسكري تجاه سوريا وليس فقط في الجوانب الاستخبارية. ولفت إلى أنّه بالرغم من تدني احتمال الردّ السوري على إسرائيل، كما تقدر الأجهزة الاستخبارية، لكن المنطق ليس هو الغالب دائماً في الشرق الأوسط، وقد يكون الرد السوري غير عقلاني.
في الوقت نفسه، لفت فيشمان إلى أنّه حتى لو لم يكن الأسد مذعوراً، إلا أنّ الإيرانيين مذعورون، لكونهم أنفقوا المليارات على الذراع السورية غير التقليدية، والاستراتيجية، والتي خُصِّصت لساعة الاختبار مع إسرائيل.
ورأى فيشمان أنّ الأميركيين مهتمون بإحداث جو استعجال ونشاط من أجل إحباط الضغوط، لافتاً إلى أنّ الجيش الأميركي لا يحتاج إلى استعدادات والى دفع قوات في الشرق الأوسط إلى الأمام، الموجودة هنا.
ولكن المشكلة كانت دائماً على مستوى اتخاذ القرارات، ولا سيما من قبل الرئيس، خاصة أنه لا يوجد اعتراض عند مستويات العمل في وزارة الدفاع الاميركية حول الحاجة إلى هجوم أميركي على سوريا، لكن كلما ارتفعنا نحو القمة ضعف هذا الأمر بالتأكيد.
من جهته، أكد المعلق العسكري في صحيفة «معاريف»، عامير ربابورت، أنّ المشكلة السورية موجودة في قلب كل النقاشات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل في الفترة الأخيرة.
وأكد أنّه في حال شعر الأسد بأن نظامه يتعرض لخطر ملموس، فإن كل السيناريوات ينبغي أن تؤخذ في الحسبان قبل تنفيذ العملية الأميركية.
أما المعلق العسكري في صحيفة «إسرائيل اليوم»، يوآف ليمور، فرأى أنّ التقدير السائد في إسرائيل هو أنّ سياسة ضبط النفس الأميركية انتهت في سوريا.
وأنّه عاجلاً أو آجلاً، من المتوقع شنّ هجوم أميركي ضد أهداف تتصل بالنظام السوري، لكن من غير الواضح كم سيكون حجمها، لكنهم يعتقدون في واشنطن وتل أبيب أن فرص العمل البري الأميركي في سوريا ضعيفة.
ونقل ليمور أنهم في إسرائيل يقدرون أن من المتوقع أن تكون الضربة، في المرحلة الأولى، مقلصة ومركزة، سواء على خلفية الامتناع عن التورط العسكري، أو الخشية من أن يدفع شن هجوم واسع الأسد إلى استخدام الكيميائي ضد معارضيه، على قاعدة أنه لم يعد هناك ما يخسره. وتساءل ليمور عن كيفية الرد الروسي على استهداف حليفها في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أنّ تريث الولايات المتحدة سيمنح موسكو الوقت للعمل على مسارات دبلوماسية في الأمم المتحدة وعسكرية في البحر المتوسط، التي يمكن أن تتحول الى مواجهة خطرة بين كتلتين.
وشدّد ليمور على أن التحدي الأساسي يكمن في بقاء إسرائيل خارج الصورة، لكن الخشية من أن تحاول سوريا أو حزب الله أو إيران توجيه النيران نحونا، من أجل إرباك الصورة أو توحيد العالم العربي ضدنا، ولذلك من المعقول أن نرى تنسيقاً معززاً بين تل أبيب وواشنطن التي ستدافع عن إسرائيل في حال هوجمت.