التسويق للفلاح بدرعا عقدة المنشار التي ما زالت تقض مضجعه!! ماذا عن التهريب..وزيت زيتون مُقلَّد في الأسواق؟!

التسويق للفلاح بدرعا عقدة المنشار التي ما زالت تقض مضجعه!! ماذا عن التهريب..وزيت زيتون مُقلَّد في الأسواق؟!

الأزمنة

السبت، ١ نوفمبر ٢٠١٤

محمد العمر
يمكن اعتبار الوصول إلى الإنتاج في الحقل أو مرحلة القطف أو الحصاد في ظل الظروف المحيطة، مشكلة للفلاح؛ إلا أن العقدة والمشكلة الأهم لديه تكمن في تسويق إنتاجه الذي أرهقه وأتعبه مادياً وجسدياً، ليبقى هاجسه المتكرر مع كل موسم. ومع وجود الظروف منذ ثلاث سنوات زادت المشكلة أكثر، تزامناً مع تعذر فتح الأسواق تبعاً لظروفها وما يحيط بها، ليصبح الفلاح عرضة للمساومة والاستغلال في محصوله من قبل التاجر الذي همه الأول والأساسي الربح دون غيره، من هنا ومنذ تلك الفترة أي بداية الظروف، بات هناك حالة من العشوائية والتخبط وعدم التنظيم تسود مسألة تسويق المنتجات الزراعية ضمن الأسواق المحلية، والذي يدفع ثمنه المزارع أولاً وأخيراً متحملاً الأعباء والتكاليف المرتفعة في إنتاجه الزراعي، وبالتالي التسويق للأسواق الأخرى، الأمر الذي شكّل خطراً أمام القطاع الزراعي بعد أن أعيا الفلاح بإنتاجه وبات عبئاً عليه في التصريف والتسويق، خاصة إذا ما بقيت الخسائر حسب قول الفلاح على ما هي عليه.
مسألة تتكرر دون جدوى.!   
صرخات مدوية ينطلق صداها عبر الحقول لعلها تسمع، يتساءل عدنان القيسي هو وغيره من الفلاحين عن الآلية الجديدة لتسويق إنتاجهم، عدد من الذين التقينا بعضهم في الحقول، قالوا إنه أمام ما يتكرر كل عام من فائض عن إنتاجهم ومن مشكلة باتت ليست باليد، تحكمها الظروف المعاشة، هو أن تقوم الدولة ممثلة بمؤسساتها العامة بالعمل على تسويق محاصيلهم الزراعية سواء كانت حمضيات أم تفاحيات أو زيت الزيتون الذي يعاني الكساد نتيجة تكدسه لدى المزارعين، واتفق جميعهم أن ما يمرون به هو مشكلة كل عام، وفيما يتعلق بالتسويق فإنهم يأملون أن تجد المؤسسات العامة حلاً لما يعانون منه نتيجة لارتفاع الأسعار دون انعكاسها على المنتج، مقارنة بما يصرفونه على منتجاتهم، ولتحكم السماسرة بسعر منتجاتهم بحجة الوفرة حيناً وصعوبة نقل المنتجات وكلفتها العالية حيناً آخر. فحالياً يعتبر تسويق مادة زيت الزيتون في المحافظة إحدى المشكلات المستعصية التي تعود على الفلاح والمزارع بالهمّ نتيجة تدني أسعار المنتجات الزراعية ولأسباب تتعلق معظمها بارتفاع كلف الإنتاج من أسمدة وبذار ومحروقات وأدوية زراعية ويد عاملة، وعليه يفترض دعم جميع محاصيل المزارعين، لذا فإن كثيراً من المنتجين بدرعا يطالبون الزراعة بتنظيم تسويق الزيت هذا العام على غرار دعوتها لتسويق المادة في محافظات أخرى كحلب وإدلب وغيرها..
مروان الصالح، مزارع، قال إنه يعمل بهذه الزراعة منذ 30 عاماً ورثها هو وأولاده واليوم هو يعتاش وأسرته منها خاصة في هذه الظروف من الأحداث بعد فقدان أولاده أعمالهم، لذا يدعو الدولة إلى اتخاذ إجراءات فاعلة لتسويق زيت الزيتون الفائض عن حاجة المحافظة في الأسواق المحلية، ومنها تسويقها بالمؤسسات الحكومية الاستهلاكية ومؤسسات الخزن والتسويق..
على غرار الصالح قال أحمد السلطي، مزارع آخر، من ربوع حوران، بأنّ لديه أكثر من ألفي شجرة زيتون وهو يعمل بهذه المهنة منذ 25 سنة ويجد أن تسويق المادة يلقى صعوبة كبيرة في الأسواق، ويذكر أنّ العام قبل الماضي، كان أفضل من الأعوام التي سبقته بالبيع والتسويق، إلا أن التكلفة زادت عليهم، ويعاني السلطي وغيره من الفلاحين من وجود زيوت زيتون كثيرة مقلدة وغير صالحة، ويشير السلطي إلى أن 80% من زيت الزيتون الموجود في الأسواق هو غير صالح للاستهلاك لافتاً إلى حالة التهريب المستمر لزيت الزيتون.
تحكم التجار
كما إن محصول العنب ليس أقل أهمية من غيره، إذ عانى الفلاح هذا الموسم أيضاً من إيجاد أسواق لإنتاجه، فالأسعار عشوائية بين سوق وآخر، وأمام تعذر تصريف الإنتاج بشكل منتظم يجد الفلاح الطريقة المختصرة لبيع إنتاجه بأقل التكاليف والسبل، ولهذا السبب نرى اختلاف سعر العنب بين منطقة وأخرى، فسعره في المحافظة يختلف عن سعره في العاصمة أو في السويداء أو غيرها من المناطق المجاورة.
رئيس دائرة التسويق الزراعي في مديرية زراعة درعا قال: «إن زراعة العنب في المحافظة خاسرة، نتيجة تدني أسعار العنب، مقارنة مع ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي، من أسمدة ومبيدات وأجور ري وأيد عاملة وغيرها، وللمحافظة على هذه الزراعة نرى ضرورة فتح باب التصدير بشكل دائم لرفع الأسعار، وتحقيق هامش ربح لمزارعي العنب، كما أن إقامة معمل لتصنيع عصائر العنب في المحافظة لاستيعاب قسم من الإنتاج، وإدراج محصول العنب في صندوق دعم الإنتاج الزراعي، والترويج للصناعات التقليدية مثل الدبس والزبيب وفتح الأسواق لهذه المنتجات، كلها عوامل تساهم في زيادة الإنتاج».
وفيما يتعلق بالصعوبات التي تواجه تسويق العنب أضاف: «يتم تسويق المحصول في أسواق الهال الرئيسية، كسوق الهال في دمشق، وسوق هال مدينة طفس، وسوق هال مدينة درعا، لكن كغيره من المحاصيل في درعا، يواجه تسويقه عدة صعوبات تتمثل في ارتفاع أسعار مستلزمات التكاليف التسويقية، وتحكم التجار والوسطاء في عملية التسويق، وانخفاض أسعار العنب في ذروة الإنتاج نتيجة للكميات الكبيرة المنتجة، وضعف الثقافة التصديرية للمنتج والمسوق لغياب ونقص المعلومات التسويقية، لذا نقترح ضرورة تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي بأسعار مقبولة مقارنة مع أسعار السوق، وتأمين مستلزمات التسويق بأسعار منافسة، وإنشاء جمعيات تعاونية تسويقية تتولى تسويق المحصول بشكل جماعي ما يزيد من قدرة المزارعين على التفاوض في السوق، وإنشاء بنك للمعلومات التسويقية يتولى تزويد المنتجين والمسوقين باحتياجات الأسواق المجاورة، وتطوير واقع أسواق الهال الموجودة في المحافظات».
 
الدعم موجود
حسب كلام رئيس دائرة التسويق بدرعا، فإن الدولة لا تزال تدعم الفلاح خاصة أنها تجد المنافذ التسويقية للفلاح، فمحصول القمح مهم ومربك، تزامناً مع شح الأمطار الذي أفضى إلى انخفاض الإنتاج وقد تزايدت شكوى الفلاحين من انخفاض الدعم المقدم لهم في موسم الزراعة وخاصة مستلزمات الإنتاج من مياه ومحروقات وأسمدة، إلا أنّ الجهات المعنية في المحافظة اتخذت إجراءات عدة لإنجاح موسم تسويق الحبوب 2014 من خلال تأمين مستلزمات الحصاد من محروقات وآليات حصاد ومراكز آمنة للتسليم وأكياس الخيش ورفع أسعار القمح والشعير إلى الحد الأعلى فضلاً عن تخصيص سيارات إطفاء وتوزيعها على مناطق الإنتاج تحسباً لوقوع حرائق في المحاصيل، مشيراً إلى أنه يوجد اليوم ما يسمى "مشروع خدمة معلومات السوق" الذي سيحقق كفاءة بالعملية التسويقية، ويفعّل استخدام المعلومات والقرارات التسويقية ويساعد في اتخاذ الإجراءات المناسبة نحو توفير السلع بالسعر والجودة والنوعية المناسبة، ومتابعة حركة التجارة الزراعية، وانسياب سلعها واتخاذ القرارات المناسبة من أجل تعزيزها وفق البيانات اليومية وتطوراتها وزيادة شفافية السوق والتقليل من حدة تقلبات الأسعار الموسمية، والمساهمة في استقرار وتوزع الإنتاج كما يسهم في وضع السياسات والخطط التسويقية من خلال تحليل البيانات المجمّعة.
المفارقة.!
المفارقة أنه في الوقت الذي تسعى فيه الجهات المعنية لإيجاد الحلول لتسويق المنتجات الزراعية إلى الأسواق المحلية والخارجية، فإن المحاصيل الزراعية للفلاح بدل أن تتطور وتنفك جميع العقد بالتسويق، راحت تكبر وتنمو أكثر من السابق في وقت تأتي الظروف الحالية التي تمر على البلد لتزيد العقد أكثر على ضوء ارتفاع المستلزمات والمواد الأولية وتكلفة المازوت والنقل وأجرة الأيدي العاملة وغيرها من المسائل التي ما زالت ترهق المزارع لتسويق محصوله.
محمد العمارين مهندس وخبير زراعي بيّن أن مسألة معاناة التسويق الزراعي تتكرر سنوياً فلا حلول لهذه المشكلة للأسف إلى الآن، فأكوام البطاطا والبندورة والعديد من الخضروات والفواكه تتزايد في الأسواق والمنتج هو الخاسر الوحيد في هذه العملية، صحيح أنها ارتفعت خمسة أضعاف إلا أن التكلفة زادت أكثر وبقيت المسألة شائكة كما هي، فالخضار والفواكه الطازجة تشكل حسب قوله فقط 5.4 بالمئة من إجمالي الصادرات السورية وهي نسبة قليلة. ورغم وجود إمكانيات إنتاجية جيدة، إلا أن نصيب المزارع منها ضئيل مقارنة بما يدفعه المستهلك النهائي، خاصة في ظل وجود حلقة تخدم مصالح الوسطاء على حساب المنتج والمستهلك.. في حين يتحمل المنتج تكاليف باهظة عند تسويق محاصيلهم مقارنة بما يجنيه من أرباح تسويقية ضئيلة، الأمر الذي يخفض من الكفاءة التسويقية لهذه المحاصيل وبالتالي المقدرة لتحسين الإنتاج والمواصفات للخارج. واعتبر العمارين أن إيجاد أسواق مناسبة ولها كفاءتها من أبرز الصعوبات والمعوقات التي تواجه التسويق الزراعي لافتقار هذه الأسواق للمعلومات المتعلقة بالأسعار والكمية والقيمة للمنتجات المسوقة، بالإضافة إلى أسلوب التسويق الفردي الذي يزيد من تكاليف المنتج ويضعف من إمكانية منافسته في الأسواق الخارجية والمحلية، وعدم المعرفة للكثير بالنواحي الفنية المتعلقة بالمنتج كدرجة النضج وأسلوب القطاف والنقل ما يؤثر على نوعية المنتج والتسويق..
 
عقدة المنشار..!
يجد اتحاد الفلاحين من ناحيته، أن التسويق يعد أحد المشكلات المستعصية التي تعود على الفلاح والسوق؛ فضعف التسويق بشكل إجمالي مردّه إلى عدم وجود أسواق في ظل هذه الظروف، يضاف لها ضعف القدرة التنافسية، وضعف الدعاية التي يفترض أن تناط بالسفارات في الخارج من خلال الملحقيات التجارية، وضرورة تعريفها بالمنتجات الزراعية الوطنية وفوائدها، ويجب عدم السماح باستيراد المحاصيل الوافدة في ذروة عطاء مثيلاتها المحلية، ويفترض أن تكون هناك لجان ومخابر حدودية لرفض المنتجات الأقل جودة من المحلية.‏ ووجد اتحاد الفلاحين في محصول الزيتون اليوم على سبيل المثال كونه حالياً في ذروة الموسم، أن مسألة تأمين عصْر الزيتون هذا الموسم هي أهم من مسألة التسويق، إذ بات همّ الفلاح عصْر مادته، فالأسعار الداخلية تكفيه الوصول لسعر جيد مقارنة مع أعوام ماضية بعد ازدياد التكلفة قبل وعند القطف، كالشحن والنقل الذي زاد على الفلاح عشرة أضعاف.