التفاؤل... مفتاح نجاح السنة الجديدة

التفاؤل... مفتاح نجاح السنة الجديدة

آدم وحواء

الاثنين، ٢٩ ديسمبر ٢٠١٤

لا نعرف ماذا تخبّئ لنا السنة الجديدة من أحداث إيجابية أو سلبية، لكنّ التفاؤل سيكون المفتاح السحري الذي يُخوّلنا تفادي غموضها. فيُستحسَن لنا التطلّع إلى السنة الجديدة بنظرة ملؤها التفاؤل وليس التتشاؤم، خصوصاً أنّ نظرتنا تلك تنعكس على تصرّفاتنا وتؤثّر في نفسيّاتنا وصحّتنا.

فكيف يؤثر التفاؤل في حياتنا اليومية؟ وهل نستطيع العيش من دونه؟

ينظر المتفائل دائماً إلى حياته بنحو إيجابي، ويتوَقّع الخير والسرور، وينجح في تحقيق أمنياته، ويكون أكثر إشراقاً في المستقبل وأملاً بما يدور من حوله، ويتمتّع بصحة نفسية وجسدية جيدة، وكلّها أمور تنعكس إيجاباً عليه، وذلكَ على عكس المتشائم الذي يتوَقّع الشرّ واليأس والفشل دائماً، ويرى الحياة بنحو سلبي وسوداوي.

ويرى أب المدرسة التحليليّة، فرويد، أنّ «التفاؤل هو القاعدة العامّة للحياة، ومن دونه لا يُمكن للإنسان خوض معركة الحياة». ويعتقد فرويد أنّه «خلال التكوّن الاجتماعي للطفل، تتحدّد شخصيته بحسب نظرة الأهل له، فإذا كانت نظرتهما إيجابية وفيها قبول، سيكون الطفل إيجابيّاً ومتفائلاً ويحبّ الحياة، والعكس صحيح، وإذا لم يقبل الأهل طفلهم ونظروا إليه بنحو سلبي، سيؤثر ذلك سلباً في حياته المستقبلية».

الشخصيّة

يؤثّر التفاؤل والتشاؤم في سلوك الفرد وعلاقاته الاجتماعيّة مع عائلته وأصدقائه، ويؤثّر أيضاً في صحّته النفسيّة والجسديّة. وقد بيّنت دراسات عدّة أنّ «الشخص المتفائل أقلّ مَيلاً إلى إلقاء اللوم على نفسه حَتّى لو واجه فشلاً ما، لذلكَ نراه شجاعاً ومكافحاً بعناد وإصرار لمواجهة المشكلات التي تعترضه، إذ إنّه لا يستسلم في وجه الفشل».

ونتائج هذه الدراسة ليست إلّا إحدى وجهات النظر التي تُفسّر كيف يؤثر التفاؤل في الشخصية، حيث نرى أنّ الشخصيّة المتفائلة أكثر نجاحاً من تلكَ المتشائمة وأكثر سعادة. والتفكير الإيجابي معروف بقوّته وقدرته على توجيه مصير الإنسان صوبَ النجاح. لكن ما هو تعريف التفكير السلبي والتفكير الإيجابي؟

التفكير السلبى هو التشاؤم في رؤية الأشياء، والمبالغة في تقييم المواقف والمشكلات التي تعترضنا يوميّاً، بينما التفكير الإيجابي هو التفاؤل والنظر إلى كلّ شيء بنحو مفعم بالحياة وانتظار الخير دائماً.

تخَطّي التصرّفات السلبيّة

فكيف يمكننا إذاً تحويل تصرُّفاتنا السلبيّة إلى إيجابيّة؟

1- الإبتعاد عَن الانتقادات التي نُوَجّهها الى المحيطين بنا، سواء أكانوا من أفراد أسرتنا أو أصدقائنا أو زملاء لنا، واستبدالها بكلمات المدح والتقدير.
2- المشاركة في النشاطات الاجتماعيّة الإيجابيّة، والتدرُّب على التفاعل الاجتماعي.
3- يؤدّي ضعف الثقة بالنفس دوراً بارزاً في تصرّفاتنا السَلبيّة، من هنا ضرورة العمل على تحسين ثقتنا في أنفُسنا وتعزيزها.
4- عدم التركيز على عيوبنا وعيوب الآخرين، بل التركيز على المواهب والقدرات.
5- عدم الانجراف خلف المؤثّرات والانفعالات الوجدانيّة والعاطفيّة.
6- التحلّي بالهدوء في التعامل مع الآخرين.
7- عدم إظهار نقاط ضعف الآخرين علناً.
8- اتّخاذ أصدقاء لنا يكونون إيجابيّين في أفكارهم ونظرتهم إلى الحياة.

عدم الإكتراث للمشكلات

وبعد استعراض لائحة التصرُّفات التي علينا اعتمادها لتعزيز نظرتنا الإيجابيّة والمتفائلة للحياة، يَطرح سؤال أساسيّ نفسه: «هل يمكن للمرء التغلّب على كلّ المشكلات الحياتيّة، والتفكير فقط بنحو إيجابيّ ومتفائل؟

- أثبتت دراسات كثيرة أنّ عدم الاكتراث بالمشكلات، والامتناع عن تضخيمها، ومحاربة الأفكار السلبيّة وإبعادها قدر الإمكان، واستبدالها بأخرى إيجابيّة، من أهمّ الخطى التي يُمكن الإقدام عليها لتغيير حياتنا نحو الأفضل والتحلّي بالتفاؤل.

فعِوَض التفكير بأنّ سنة 2015 ستكون كسابقاتها أو حتى أسوأ منها، يمكننا التفكير في أنّنا سنفعل المستحيل لجعل سنتنا الجديدة مليئة بالسعادة والنجاح. ومن وسائل تعزيز التفاؤل، نذكر ضرورة تقييم التجارب السابقة سواءَ أكانت ناجحة أم فاشلة، والنظر إليها على أنّها دروس للحياة، ومحاولة حَلّ المشكلات بهدوء، بعيداً من الانفعالات السَلبيّة المضرّة.

البحث عن التحديات

ولكي يبقى المرء متفائلاً في حياته، ويبدأ سنة جديدة بإيجابيّة، عليه البحث عَن تحدّيات جديدة، أي اكتشاف قدرات ومواهب جديدة فيه. وعليه أيضاً تحديد أهداف جديدة، تكون بمثابة نقاط عليه تنفيذها خلال سنة 2015. لكن من المهمّ أن تكون هذه الأهداف منطقية وسهلة التحقيق، وإلّا فستكون احتمالات الفشل كبيرة وتؤثّر فيه سلباً. ومن المهمّ جدّاً إحاطة أنفسنا بأشخاص متفائلين، والابتعاد قدر الإمكان عن المتشائمين الذين لا يجدون إلّا النقاط السَلبيّة للتكلّم عنها.

أمّا على صعيد التصرّفات، فمن أهَمّ ميزات الشخص المتفائل هي الإبتسامة الدائمة على الوجه، والنظر إلى الأشخاص الآخرين بمساواة، والاقتناع بأنّ الحياة جميلة، وبأنّ علينا استغلال كل دقيقة منها للاستمتاع بها قدر المستطاع.

مَنافِع التفاؤل

وبعد استعراضنا سُبُل تحويل التشاؤم تفاؤلاً، لا بُدّ من الاستفسار عن منافع التفاؤل، ولمَ علينا أن نكون متفائلين في حياتنا؟

للتفاؤل أهمّية كبيرة في حياة الإنسان، ليس على الصعيد النفسي فقطـ بل الصحّي أيضاً، فقد بيّنت دراسات عدّة منافع التفاؤل التي نختصرها بالنقاط الآتية:

- يرفع التفاؤل نظام مناعة الجسم ويدافع عنه ضدّ الأمراض التي يمكن أن تفتك بالإنسان.

- يخفّض التفاؤل القلق الذي يشعر به الإنسان ما يؤدي إلى تقليل الأمراض.

- أكّدت الدراسات أنّ الإنسان المتفائل لا يُعاني وَجع الرأس وتشنجات الرقبة كالإنسان المتشائم.

- التفاؤل نوع من الارتخاء للدماغ، وبالتالي فإنّ الطاقة التي يبذلها دماغ المتفائل أقل بكثير من المتشائم.

- يمنح التفاؤل المرء قدرة على مواجهة المواقف الصعبة وتحليلها بموضوعية واتخاذ القرارات الصائبة.

- يجعل التفاؤل المرء أكثر مرونة في علاقاته الاجتماعية وأكثر قدرة على التأقلم مع محيطه بنحوٍ أسرع.

- يمنح التفاؤل المرء الشعور بالسعادة التي تؤثر إيجاباً في صحّته.

- يساعد التفاؤل الإنسان على بناء علاقات جديدة مع أفراد آخرين، وعادةً يجذب الشخص المتفائل الأفراد إليه بسهولة أكبر، بينما ينفرون من المتشائم.

وختاماً، لا بدّ لنا من التطرّق إلى دراسة أميركية عن التفاؤل والتشاؤم، أكّدت أنّ «التشاؤم قد يهلك صاحبه، ويعرّضه للإصابة بمرض القلب وقد يتسبّب بوفاته، فيما التفاؤل وحبّ الحياة يساعدان الانسان على تخطي مشكلاته النفسية والصحية».